رغم التقدم العلمي والتكنولوجي مازال الأغلبية من الناس يحكمون علي أفعال المريض النفسي بأنها نتيجة ضعف الإيمان أو مس شيطاني, متجاهلين العلم و العوامل الوراثية وضغوط الحياة اليومية, والسبب أن المريض قد يأتي بأفعال غريبة ومزعجة وخارج المألوف, اضطراب الوسواس القهري من الأمراض السلوكية العصبية, فيها يعاني المريض افكارا أو اندفاعات متكررة تنبع من داخل عقله وليست بسبب عوامل خارجية أو حقيقية, ويعلم المريض أن هذه الأفكار الملحة غير مقبولة, وكلما سعي لطردها من حيز تفكيره تمكنت منه اكثر, وينتهي الأمر بحالة من القلقوالتوتر وتغير المزاج الشديد. ومن أمثلة الأفكار القهرية( الملحة) أفعال عقلية مثل:العد, وإعادة الكلمات سرا وغسل اليدين, والاحتفاظ بخطابات قديمة وأعادة ترتيبها بشكل يومي والتطرف الديني وغيرها من الأفعال. وهنا يجد الإنسان نفسه مجبرا علي فعل هذه الاشياء السخيفة, التي يدرك أنها من صنع خياله ولكنه مجبر علي تنفيذها, لأن عقله يردد تعليمات صارمة غير قابلة للمرونة. أما أعراض الوسواس فهي أفعال قهرية أو تكرار العمل عدة مرات بشكل يعوق تكيف المريض مع الحياة والمحيطين به فينفق المريض وقته ومجهوده في الأعمال التي يقوم بها بما لا يتناسب مع طبيعة العمل اليومي( مش بينجز لأنه قلق ومتردد وعايز الحاجة تكون علي اكمل وجه, ونتيجة الخوف أنها قد تكون غير دقيقة يكرر الفعل عدة مرات وكأن الحياة انتهت عند هذا الفعل). وتبدو الأفكار القهرية مثل القيام ببعض الطقوس المجهدة كترتيب الحجرة وفق نظام محدد ودقيق ومثالي. الحذر والحيطة والبطء الشديد في العمل والشك في كل شيء والاهتمام بالنظافة العامة والصحة بشكل مبالغ فيه كغسل اليدين عدة مرات, ويقظة الضمير المفرطة والخوف من إفشاء الأسرار وإدمان الخمر والشك الدائم أو المتطرف والسلوك المضاد للمجتمع مثل هوس إشعال الحرائق والنار. أما عن الأسباب وراء اضطراب الوسواوس القهري فهي متباينة, فمنها الوراثي, فقد دلت نتائج الدراسات علي أن90% من الحالات المصابة بهذا المرض سببها الوراثة. وقد يكون السبب بيئيا مثل الحرمان من الحب والاهتمام في مرحلة الطفولة وتشجيع الطفل علي اكتساب السلوك القهري وتنميته مثل التركيز بعنف علي التنظيم والهندام وهي أمور مرغوبة ولكن مع تكرارها بحزم تتحول إلي اضطراب في مرحلة متقدمة من العمر بسبب المبالغة. وقد يكون السبب خللا في انتقال الرسائل من مقدمة المخ إلي أعماقه, حيث يتعلق الوساوس القهري بنقصان مادة السروتونين. كما تساعد الضغوط و الإرهاق النفسي علي ظهور الأعراض القهرية. أما العلاج فهو يعتمد علي جانب دوائي وجانب نفسي يركز علي تعديل السلوك والمعرفة من خلال الجلسات العلاجية وهو أمر يحتاج لإرادة وصبر المريض.