صرح رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر, بأنقيمة الجنيه المصري انخفضت بعد التعويم أكثر من التوقعات وكنا مخطئين ولا يتوقع أي سعر صرفوأشار إلي أن المواطنين سيستفيدون علي المدي الطويل من الإصلاحات والتعويم, مؤكدا أن الفقراء سيعانون بشكل كبير. هذا وتظهر قيمة سعر الصرف في حالة التجارة أو الاستثمار, وذلك حتي يتم تحديد قيمة السلع والخدمات التي يتم تبادلها. فتثبيت سعر الصرف يعني إعلان البنك المركزي عن سعر صرف ثابت للعملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بحيث لا يتغير في الأجل القصير, وقد يكون هذا السعر ثابتا تماما أو قد يتغير في حدود صغيرة بنسبة ضئيلة تحددها السلطات النقدية وفقا للعرض والطلب. أما تعويم سعر الصرف وهو ما تم تطبيقه في مصر, فإنه يسمح لسعر الصرف بالتذبذب صعودا وهبوطا دون وضع حدود معينة وذلك طبقا لعوامل العرض والطلب علي العملات الأجنبية. ومن مزايا تعويم سعر الصرف وقف المضاربة خارج السعر الرسمي, كما أن عرض وطلب العملة المحلية أمام الأجنبية سيتوازن في السوق دون تدخل من الحكومة أو البنك المركزي. ويحقق هذا النظام في الأجل المتوسط أو الطويل الوصول إلي سعر حقيقي يمثل قوة الجنيه في مواجهة العملات الأجنبية, وينتج عن ذلك انتظام التعامل بالنقد الأجنبي, وبالتالي إعادة الثقة في الاقتصاد القومي سواء الداخلي أو الخارجي, وجذب الاستثمارات الأجنبية نتيجة استقرار سعر الصرف. أما إذا تحدثنا عن عيوب تعويم سعر الصرف, فلن يساعد تعويم سعر الصرف في مصر علي القضاء علي انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار, نظرا لخلل الهيكل الإنتاجي في الاقتصاد القومي المصري والمتمثل في انخفاض الإنتاجية في كل من القطاعين الزراعي والصناعي, لذا فهناك استيراد بنسب كبيرة للسلع الاستهلاكية الضرورية, وبالتالي يزداد الطلب علي النقد الأجنبي, والاعتماد علي استيراد المواد الخام والسلع الرأسمالية اللازمة للإنتاج المحلي, وهو الأمر الذي يرفع من أسعار السلع محلية الصنع, ويجعلها غير قادرة علي المنافسة. وهو ما يؤدي إلي ارتفاع العجز في الميزان التجاري نظرا لتزايد قيمة الواردات مقارنة بالصادرات بصورة ملحوظة, كما أن انخفاض قيمة الجنيه ينعكس بشكل مباشر علي ارتفاع أسعار السلع المستوردة الاستهلاكية أو الاستثمارية مما يشكل عبئا علي المستهلكين وعلي هياكل تمويل الوحدات الإنتاجية. كذلك يؤدي انخفاض قيمة الجنيه إلي ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية الأخري. وفي تلك المرحلة قد يتدخل البنك المركزي فترة قد تصل لسنوات لبيع النقد الأجنبي وهو ما يؤدي إلي استنزاف احتياطي النقد الأجنبي من العملات الأجنبية, أخذا في الاعتبار أنه لن يتحقق الاستقرار في أسعار الصرف, حتي يحدث تغير فعلي في الهيكل الاقتصادي الإنتاجي بصفة خاصة. ويتطلب تحقيق نجاح السوق الحرة لسعر الصرف تطبيق سياسة التقشف لتخفيض الطلب علي العملات الأجنبية, ومنها تطبيق رسوم جمركية مرتفعة علي الواردات, ويتطلب أيضا زيادة موارد النقد الأجنبي مثل تحويلات العاملين في الخارج, وتعظيم فرص التصدير للمنتجات السلعية غير البترولية والعمل علي تعظيم العائد من السياحة القادمة إلي مصر. إلا أن إتباع نظام تعويم سعر الصرف لا يعني أن يترك السوق دون أي تدخل من الحكومة, لذا ففي حالة تفاقم الأمور لا قدر الله- سيكون هناك تدخل من الحكومة لتثبيت سعر الصرف. وفي حالة العودة مجددا إلي نظام تثبيت سعر الصرف, يصبح العائد المكتسب من التعويم انخفاض قيمة الجنيه والتسبب في موجة الغلاء, ومن ثم تكبيل الإنتاج والتصدير!.