لاشك أن ما تشهده الساحة العراقية من أحداث وتطورات سواء علي المستوي السياسي أو الاقتصادي أو العسكري سيكون لها تداعيات كبيرة علي المنطقة بصورة مباشرة أو غير مباشرة خاصة ما يرتبط بمواجهة الإرهاب بعد أن أثبت الجيش العراقي قدرته علي التعامل بحرفية وخبرة كبيرة في التصدي لتنظيم داعش الإرهابي في الموصل وبدأ المشهد في الشارع العراقي بكل أطيافه يتغير تماما نحو الاتجاه لبناء دولة حديثة قادرة علي التعاطي مع التحديات التي تحيط بها من كل جانب ولكنها ترتكز إلي تاريخ وحضارة عريقة يدركها الجميع. ولذا عندما دعاني الصديق الدكتور محمد أبوكلل ممثل كتلة المواطن العراقيبالقاهرة لحضور فعاليات صالون تواصل الحضارات والذي تنظمه ممثلية كتلة المواطن في رحاب السفير العراقي الجديد لدي القاهرة حبيب الصدر ووجود كوكبة متميزة من السياسيين والمثقفين المصريين والعراقيين وجدتها فرصة متميزة لرصد ملامح المجتمع العراقي والتي تغيرت ظاهريا- كثيرا خلال السنوات الماضية ولكن بقي الجوهر العراقي المتماسك يبرز وجهه الحضاري للعالم ويصر علي الوجود بقوة وسط منطقة أصبحت أهم وأشهر ملامحها انتشار الإرهاب والفكر المتطرف في كل مكان بفعل فاعل علي مرأي ومسمع من الجميع. وعلي الرغم من الصورة الذهنية السلبية التي ترسخت لدي قطاع عريض من المصريين عن الواقع العراقي بسبب الحروب والانفجارات والصراعات الطائفية خلال السنوات العشر الماضية والتي غابت فيها السياسة العراقية كثيرا عن المشهد العربي المفتت إلا أن ما يحدث الآن يؤكد عودة العراق وبقوة إلي الساحة العربية والاقليمية والدولية أيضا بل إن كل المؤشرات تشير إلي استعادة القاهرة وبغداد علاقتهما المتميزة في كل المجالات وهو ما أكده السفير حبيب الصدر بقوله لدينا علاقات استراتيجية مع القاهرة التي تمثل خيارا استراتيجيا للعراق حيث إن العالم العربي له جناحان هما العراق ومصر وأن المواقف السياسية بين البلدين اقتربت كثيرا والمنطلقات غدت واحدة بينهما بل إن هناك بعض الدول بدأت تقترب من موقف البلدين مثل العراق وهو ما يؤشر لتدشين مرحلة جديدة سيكون لها تأثير كبير علي العالم العربي. وبالطبع لم يكن تنظيم داعش الإرهابي غائبا عن الحضور بل احتل مساحة كبيرة منه في ظل الحرب الشرسة التي تخوضها القوات العراقية في الموصل وحققت بها نجاحات مذهلة أكدت أن داعش سوف تنتهي قريبا من المدن العراقية والتي عانت من تدمير ممنهج من قبل إرهابيي داعش في ظل الدعم الكبير الذي يحصل عليه التنظيم الإرهابي من دول وأجهزة استخبارات تسعي إلي نشر الفوضي في المنطقة كلها وليس العراق فقط. والمثير ما قاله الدكتور محمد أبو كلل عندما أشار إلي أن السيارة المفخخة الواحدة والتي تقوم داعش بتفجيرها في العديد من المناطق تتكلف ما بين مليون ومليون ونصف مليون دولار.. ولذا فانني اتساءل مثل غيري من الذي يدفع تلك المبالغ الطائلة ومن الذي يغذي التنظيم الإرهابي بالمعلومات ويدافع عنه بكل هذه القوة المادية والمعلوماتية والاستخباراتية في كثير من الأحيان. وجاء الحوار بشأن ما يتردد عن وجود الطائفية في المجتمع العراقي ليضع العديد من النقاط فوق الحروف حيث قال السفير الصدر إن العراق ليس مجتمع طائفيا بل مجتمع عشائري والقبائل بها سنة وشيعة داخل القبيلة الواحدة وأن الحكومة العراقية المنتخبة بها جميع الأطياف سني وشيعي وكردي, والتهميش غير موجود لدينا علي الاطلاق ومن يردد ذلك إنما يسعي للعزف علي الوتر الطائفي ويهدف إلي نشر الفوضي في البلاد وهو ما لن يحدث أبدا بفضل تماسك طوائف الشعب العراقي وحضارته العريقة.