قفزت أسعار الذهب في البورصات العالمية أمس الي مستويات قياسية لم تصل لها من قبل لتتجاوز مستوي1500 دولار للأوقية وبما يعادل250.5 جنيها للجرام عيار21 في مصر وذلك في إطار رحلة الصعود الذي بدأها منذ بداية الأزمة المالية العالمية بعدما اتجهت أنظار أغلب الدول والمؤسسات المالية والأفراد إلي الذهب كملجأ آمن للادخار والاستثمار بعيدا عن اضطرابات وتغيرات أسعار الصرف والبورصات والعقارات الناتجة عن توتر الأوضاع الاقتصادية والسياسية لأغلب الدول في العالم. وقال هيثم الجندي محلل مالي باحدي شركات الاستشارات المالية أن إن مخاوف المستثمرين بشأن التضخم العالمي ومديونيات الحكومات والاضطرابات في الشرق الأوسط اجتمعت امس لتدفع سعر الذهب فوق1.500 دولار للاونصة للمرة الأولي في تاريخه كما ارتفعت أيضا المعادن النفيسة أخري, مستفيدة مما وصفه المحللون بالطلب علي الأصول الأمنة والذي عادة ما يظهر في حالة تذبذب الاوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم والتي تدفع المستثمرين للأصول المفترض أنها الأكثر أمانا. وأكد ان هناك العديد من العوامل التي تدعم سعر المعادن النفسية في الأسابيع الأخيرة أهمها المخاوف إزاء مستويات الديون الأوروبية خاصة في ظل توقعات بعدم قدرة العديد من الدول مثل اليونان عن الوفاء بديونها في الفترة القادمة بالاضافة الي التهديد بخفض محتمل في التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وسط أزمة حول رفع سقف الاقتراض من جهة والتعامل مع عجز الموازنة من جهة أخري هذا الي جانب ضعف الدولار وارتفاع معدلات التضخم في أجزاء كثيرة من العالم والاضطرابات المتواصلة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط, والتي ترفع من أسعار النفط. وأضاف أن الثورات المناصرة للديمقراطية في الشرق الاوسط تعد أبرز ما يشغل المستثمرين في العالم حيث أنها المؤثر الرئيسي علي أسعار النفط, لاسيما بعد انقطاع أغلب النفط الليبي والقلق من انقطاع مزيد من الإمدادات من دول منتجة للنفط تجتاحها انتفاضات شعبية. مشيرا الي أن هذا الصعود في سعر النفط يؤثر سلبا علي تعافي الاقتصاد العالمي والذي ليس مهيأ بعد لتحمل فاتورة باهظة من الواردات حيث ينعكس ذلك علي نمو الاقتصاديات الكبري كالولايات المتحدة التي فيها إنفاق المستهلك يمثل70% من قوة الاقتصاد وأوضح أنه بارتفاع سعر النفط الخام ومشتقاته كالبنزين يتكبد المستهلك عبئا جديدا ويتقلص إنفاقه علي السلع الاختيارية, ومن ثم يتباطأ النمو ويصبح مهددا بالدخول في حالة معقدة اقتصاديا تسمي الكساد التضخمي والتي تتسم بارتفاع أسعار سلع استراتجية كالمواد الغذائية والطاقة مما يستوجب تقييد السياسة النقدية للبنوك المركزية لمكافحة هذا التضخم في وقت تظل فيه معدلات البطالة في ارتفاعها وتنكمش أرباح الشركات ألا وهو الكساد. وأشار الجندي الي أن الذهب أصبح أحد البدائل الاستثمارية الأكثر رواجا الأن نظرا لحالة الغموض الاقتصادي وعدم الثقة في العملات الورقية كثيرة التقلب. وتمتد التوقعات بأن يسجل الذهب مزيد من المستويات القياسية هذا العام علي خلفية استمرار تلك العوامل التي يستمد منها المعدن قوته. ومن جانبه أكد سيد عويضي خبير اقتصادي أن ارتفاع أسعار الذهب كان متوقعا منذ بداية العام نتيجة اشتعال حدة الاضطرابات في أغلب دول العالم وكان المستهدف الصعودي له مستوي1500 دولار للأوقية ومن المتوقع ألا يصمد الذهب عند هذا المستوي كثيرا حيث يمكن أن يصل الي مستوي1530 دولار للأوقية كحد أقصي ثم يعاود الانخفاض كحركة تصحيحية للأسعار علي المدي القصير نتيجة لعمليات جني الأرباح للمستثمرين من الدول والمؤسسات المالية والأفراد الذين سيفضلون البيع عند تلك المستويات السعرية التي لم يصل لها الذهب من قبل. وأكد عويضي أن ارتفاع الأسعار العالمية هي المحرك الرئيسي للأسعار المحلية متوقعا صعود الاسعار في مصر بصورة كبيرة مشيرا الي ان السوق المحلي لن يتحمل تلك المستويات السعرية الجديدة مما يهدد بتزايد حدة الركود في حركة البيع والشراء المحلي خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونقص السيولة عند المصريين.