في روايته الصادرة مؤخرا قطط العام الفائت, يسافر بنا الروائي إبراهيم عبد المجيد إلي دولة لاوند التي اندلعت ثورتها الشعبية في25 يناير.2011 ولأن حاكمها أمير أبو العساكر له قدرات خارقة تمكنه من رمي الناس بسنوات بعيدة ماضية!! لذا قرر التخلص من الثوار بتلك الطريقة, ونظرا لأعداد جمعة28 يناير الضخمة, لم يتمكن الحاكم من إلقاء المتظاهرين إلا سنة واحدة للوراء, وكأن ثورة لم تقم!! بين السطور صاغ الروائي الكبير رسائله بحبر سري!! النظام.. تاريخ لاوند قبل الثورة, يلخصه مقتطفان يختصران كل شيء, الأول لإحدي الثائرات وهي تحكي عن الماضي:سبعون عاما منذ استولي الجندرمة علي الحكم وطرد الملك, وكل حاكم يتصور أنه الأفضل بين الناس, وعلي الناس أن تمشي وراءه تطيعه في كل طريق, وكلها للأسف طرق للخراب!! الثاني لرفيقتها وهي تتساءل بشجن أمام البحر متأملة العقود التي تلت الانقلاب العسكري:لماذا لا تكون حياتنا وحياة الشعب كلها سعيدة؟؟ إلي متي هذا القمع وهذه السرقة والنهب لثروات البلاد؟؟ الرسالة:التصاق سقف الحرية بالرؤوس, لن يحول دون طرح أسئلة مريرة ولو بعالم الخيال!! الظلاميون.. انحطاط لاوند لا يسأل عنه الحاكم فقط. يقول الراوي:من الذي غير الناس والبلاد غير جماعة النصيحة والهدي وأهل السلف والنظام الحاكم نفسه لتظل البلاد وأهلها في ظلام؟! إحدي المواطنات تحسرت في دهشة علي حال مدينتها الساحلية التي كانت يوما عروسا للبحر:هذه المدينة الآن رجعية متخلفة, سلفية متشددة, لا تري الدنيا غير شبشب وجلابية!! لكن دهشة القاريء تزول حين يفضفض الحاكم بسر إبقائه علي الإسلاميين وعدم رميهم في سنوات بعيدة:القضاء عليهم يعني أنه لن يكون لدينا أي سبب لتخويف الناس منهم ومن حكمهم, إنهم الفزاعة التي عاشت عليها نظمنا العسكرية السابقة. الرسالة:إلي المخطوفين ذهنيا, من يقودونكم ليسوا أبطالا لجيش الإسلام القادم!! هم بالكاد حفنة خدامين لنظم متسلطة!! المعارضة.. اليمين المتشدد لم يكن مقلقا للنظام قياسا بالمعارضة المدنية. أمير أبو العساكر بلحظة صفاء:لا يمكن خلق فزاعة من الليبرليين ولا اليساريين, صحيح أنهم لا يتفقون أبدا, لكنهم يريدون مجتمعا أفضل وحياة أفضل, ومن ثم يظلون مصدر قلق لنا. لم يكن أمام الحاكم سوي استئناس المعارضة بحظائره, يحكي الراوي:لم يعد الوطن في حاجة إلي أحزابه القديمة من اليسار والليبراليين, التي حاربها النظام كثيرا, وصادر صحفها كثيرا, وقبض علي أعضائها وقياداتها كثيرا, حتي أرهقها وصارت في النهاية خاضعة له علي الأقل في زعمائها. الرسالة:حين تغلق أمام المعارضة الباب, ستداهمك الثورة من الشباك!! الانفجار.. حين اندلعت الثورة وتخلص الحاكم من شبابها برميهم نياما سنة للوراء وسط الصحراء, أرسل إليهم القدر فتاة خلابة علي فرس مجنح, قامت بتقبيلهم تباعا فاستيقظوا!! وبقدراتها الخارقة أرجعتهم لبيوتهم, فاستأنف النظام القبض عليهم, لكنهم تحولوا قططا وفروا, ثم عادوا بشرا!! لتدور الأحداث حتي نصل لديسمبر2010 من جديد, ليتبادل شباب لاوند هذه الرسالة:يقترب الخامس والعشرون من يناير الذي لا تتصور الحكومة ولا الحاكم أبو العساكر ولا رجاله أنه يمكن أن يعود. الرسالة:التاريخ لن يمل تكرار نفسه طالما أن أحدا لا يتعلم!! بالنهاية, برع الروائي إبراهيم عبد المجيد في جعل القاريء طوال صفحات قطط العام الفائت أشبه بنائم علي وشك اليقظة, نائم يشاهد حلما في مساحة قلقة بين الحقيقة والخيال, بين أحداث ثورة, ورواية تحول ثوارها لقطط, وظهر بميدان تحريرها كينج كونج, وصدقت أجهزتها الأمنية أن سعاد حسني تقوم من قبرها منتصف كل مساء!! twitter.com/sheriefsaid