لأن كرة القدم في انجلترا صناعة, فإن كل عناصرها محكومة بقواعد الاحتراف التي تضمن أن تدر هذه الصناعة المليارات سنويا. تذاكر مشاهدة المباريات مصدر رئيسي لهذه المليارات, ولذا نادرا ما تواجه أزمة مثل تلك التي عشناها علي مدار ثلاثة أيام في أزمة تذاكر مباراة الزمالك و صن داونز في دوري الأبطال الإفريقي اليوم.. فقد شاهدنا زحاما وسوقا سوداء وهو ما يمثل إهدارا لملايين كان يمكن أن تستقبلها خزينة نادي الزمالك.. وفوق ذلك إهانات بلا حدود لمن يرغب في شراء تذكرة لمشاهدة فريقه.. وحتي يستفيد الجميع ونصل إلي حلول لهذه الأزمة, نقدم حكاية التذاكر في الدوري الإنجليزي وكيف يتم بيعها بسهولة و يسر وكيف تدر المليارات علي الأندية, هي بيزنس بذات نفسها. التخطيط أول أسباب تجنب الأزمات. ففي الدوري الانجليزي الممتاز, مثلا, يعرف كل ناد قبل بداية الموسم توقيتات مباريات فريقه, سواء علي أرضه أو أرض الخصم. ولذا تعرض التذاكر للبيع بأكثر من وسيلة. الأولي تعطي الأولوية لأعضاء النادي مشجعي الفريق الذين يدفعون اشتراكا سنويا رمزيا, عادة, للعضوية. وفي المقابل لهم الأولوية لشراء التذاكر بأسعار أقل قليلا من المعتاد. والفئة الثانية هي حملة تذكرة موسمية( لكل الموسم الكروي) التي يدفع مبلغا إجماليا دفعة واحدة مع تخفيض معقول. وتمكن حاملها من حضور عدد محدد من المباريات. نادي أرسنال, مثلا, صاحب أغلي تذاكر في انجلترا, يتيح لحملة التذكرة الموسمية حضور26 مباراة:19 منها هي مباريات الفريق علي أرضه في البريميير ليج, وال7 مباريات الأولي علي أرضه في المسابقات الأوروبية وكأس الاتحاد الانجليزي. وقال متحدث باسم نادي أرسنال للأهرام المسائي إنه وفقا لهذا النظام, يسمح لحامل البطاقة أو عضو نادي المشجعين أن يهدي تذكرته لشخص آخر ولكن ضمن سقف زمني محدد. وتتبع الأندية الأخري نفس الطريقة مع اختلافات طفيفة في بعض التفاصيل و أسعار التذاكر. وفي كل ناد إدارة خاصة تتولي التعامل مع التذاكر ويعمل بها موظفون متخصصون في حل مشكلات الجمهور والرد علي تساؤلاتهم بشأن الشراء. ويتم الشراء عادة الكترونيا وباستخدام البطاقات الائتمانية أو البنكية. ولذا فإن الشراء يتاح كل الأربع والعشرين ساعة. وتتولي هذه الإدارة إرسال التذاكر إلي الجمهور سواء عن طريق البريد العادي أو بالبريد الالكتروني. وتخصص كل الأندية أكشاك خاصة لاستلام التذاكر التي يطلب أصحابها استلامها من النادي قبل المباراة. ويتعاقد14 ناديا مع مواقع الكترونية لبيع تذاكرها مقابل سمسرة تصل نسبتها أحيانا إلي10 في المئة. ويقدر إجمالي قيمة هذه النسبة المحصلة من الأندية ب130 مليون جنيه استرليني سنويا. وقد دفع نادي ليفربول وحده العام الماضي سمسرة تقدر ب14.5 مليون جنيه استرليني, بينما دفع مانشستر يونايتيد14 مليون جنيه استرليني, ودفع مانشستر سيتي12.5 مليون جنيه استرلينD. وعادة لا تطرح للبيع للجمهور العام سوي تذاكر المباريات التي لا يتوقع أن تشهد إقبالا كبيرا. وحتي في هذه الحالة لا يسمح للفرد بشراء أكثر من4 تذاكر. أما في مباريات فريق انجلترا الوطني, التي تقام علي استاد ويمبلي, لا يسمح لأي مشجع محلي بشراء أكثر من8 تذاكر. وعادة ما تمنح تخفيضات في حالة شراء تذاكر للأسر أو المجموعات. وفي كل الأحوال, فإنه عند شراء التذاكر, يمكن للمشتري أن يطلع علي مخطط هندسي للاستاد ليعرف بالضبط موقع مقعده من الملعب. فلكل منطقة في الاستاد سعر حسب قربها من أرض الملعب. ويمنح متحدو الإعاقة أسعار خاصة, وتخصص لهم مقاعد محددة, وتسهيلات كبيرة تمكنهم من الاستمتاع بالمباريات. ووفقا لقانون الأمن والسلامة والصحة, يستحيل أن يبيع أي ناد عدد تذاكر أكبر من عدد مقاعده, لضمان السيطرة الأمنية والتنظيمية علي المباريات. ولنفس الاعتبارات, لا يسمح لحاملي التذاكر بدخول الاستاد إلا قبل ساعة ونصف من بدء المباراة. ورغم إحكام السيطرة علي أنظمة بيع التذاكر, فإن هناك محترفين في التحايل وشراء التذاكر من أصحابها ثم بيعها في السوق السوداء خاصة في المباريات المهمة ذات الإقبال الكبير. ويجرم القانون هذا السلوك. ولهذا, فإنه في هذه المباريات ينتشر بعض أفراد الشرطة أمام الأندية لملاحقة ما يطلق عليها الباعة الجائلين السماسرة في التذاكر. غير أن الأندية تتحمل المسئولية الأكبر. فهي تنشر مفتشي تذاكر يندسون بين الجمهور لاسترقاق السمع واكتشاف عمليات البيع غير القانونية للتذاكر. ويحق لهؤلاء المفتشين منع أي شخص من دخول الاستاد لو تأكد لهم أن التذكرة بيعت في السوق السوداء. وتنشر الأندية لافتات في مداخلها الرئيسية تقول بيع وشراء التذاكر عبر سماسرة السوق السوداء غير قانوني؟. وقال متحدث باسم شرطة مباحث كرة القدم إن أفرادها يحرصون علي ملاحقة الناشطين في هذا السوق كما يلاحقون المشجعين الخارجين علي القانون. قيمة التذكرة ليست هي كل شيء بالنسبة للنادي. فالتقديرات تشير إلي أن الأندية تحقق مئات المليارات سنويا من بيع الملابس والهدايا التذكارية والأطعمة والمشروبات وقت المباريات. وتشير أحد الدراسات التي أجريت العام الماضي بشأن تكلفة حضور مباراة لكرة القدم في انجلترا إلي أن الفرد ينفق حوالي50 جنيها استرلينيا في المتوسط, بخلاف سعر التذكرة, خلال المباراة.