أكثر من علامة استفهام تفرض نفسها بقوة علي البداية القوية رقميا والضعيفة فنيا للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم بعد الفوز علي الكونغو بهدفين مقابل هدف في افتتاح المجموعة الخامسة للتصفيات الأفريقية المؤهلة إلي نهائيات كأس العالم المقبلة في روسيا.2018 نعم من حق الجماهير المصرية الإحتفال بهذه البداية وتصدر المجموعة قبل الموقعة الصعبة مع غانا الشهر المقبل في بلدنا وعقر دارنا, ولكن لأن المواجهة القادمة شبه حاسمة أصبح لابد من الوقوف كثيرا امام ما حدث في لقاء الكونغو وعدم التهليل بالبداية وحصد3 نقاط. المباراة كشفت النقاب عن خطورة الصمت علي أخطاء بالجملة يرتكبها الأرجنتيني هيكتور كوبر المدير الفني كمدرب ديكتاتور لا يري سوي نفسه فقط في المرآة ويصر علي ارتكاب الأخطاء الواحدة تلو الأخري بما يهدد المنتخب عند مواجهة الكبار وأقربهم غانا في الجولة الثانية. فالفوز المصري لا يرجع إلي المدرب كوبر أو بصمته أو جمل فنية بل كان بطله الأول المهارات الفردية الكبيرة لمحمد صلاح وشخصية عبدالله السعيد القيادية وخبرات عصام الحضري السد العالي الأسطوري وحارس مرمي الفراعنة. من يتابع المباراة يجد إن هناك إيجابيات فردية وسلبيات جماعية يعاني منها المنتخب الوطني ظهرت واضحة في90 دقيقة هي عمر لقاء مصر والكونغو في افتتاح المجموعة الخامسة. وبالنظر إلي عنصر الإيجابيات الفردية نجد أنها كانت كلمة السر في الحسنة الأكبر التي تحسب للمنتخب الوطني الأول هي إمتلاكه محمد صلاح24 عاما نجم روما الإيطالي والورقة الأهم في الكرة المصرية خلال أخر5 سنوات. وكان محمد صلاح هو المنقذ للفراعنة والاكثر خطورة وتأثيرا علي المرمي, فهو سجل هدف التعادل برأسه في الدقيقة42 بشكل استعراضي جميل وقبلها هدد المرمي الكونغولي3 مرات ونجح في صناعة الهدف الثاني بمهارة شديدة وانكار للذات لزميله عبدالله السعيد, وحاول صلاح صناعة3 فرص أخري احداها من ركلة حرة مباشرة مررها إلي عبدالله السعيد. وأظهرت المباراة في نفس الوقت أن محمد صلاح يملك روحا قتالية كبيرة هي كلمة السر في تحسن صورة المنتخب أغلب فترات اللقاء, وشاهده الجميع يضغط علي المدافعين الواحد تلو الأخر وكذلك حارس مرمي الكونغو في الشوط الثاني. أما ثاني حسنات المنتخب الوطني في اللقاء فهي امتلاكه الحارس الكبير عصام الحضري43 عاما كابتن المنتخب الذي قدم رغم ارتفاع سنه واحدة من أفضل مبارياته الدولية, وأثبت ان اختياره كان قرارا ناجحا يحسب للجهاز الفني في ظل تراجع مستوي أحمد الشناوي. وبرز الحضري بصورة لافتة في التصدي ل4 كرات عرضية أهداف مباشرة قبل تدخل رأسي حربة الكونغو وكذلك تصدي لهدف من نيران صديقة عندما شتت في صدره مباشرة علي جبر كرة عرضية قبل تدخل وانداما مهاجم الكونغو, وتصدي الحضري في أخر5 دقائق لفرصتين بالغتي الخطورة من الهجوم الكونغولي, وكان الحضري بخبراته الكبيرة له دور مؤثر في ضبط تحركات علي جبر وإسلام جمال مدافعي الزمالك اللذين شاركا لأول مرة كقلبي دفاع في مباراة رسمية للمنتخب في ظل اصابة رامي ربيعة وعدم اكتمال جاهزية احمد حجازي الموجود في دكة بدلاء المنتخب وكلاهما الأكثر خبرة. أما ثالث العناصر الفردية فهي المهارات الشخصية للاعبين ظهرت علي فترات في ظل غياب الدور الحقيقي للمدرب هيكتور كوبر, فمن كرة عرضية يجيدها محمد عبدالشافي الظهير الإيسر الطائر سجل محمد صلاح هدف التعادل, وكذلك من عنصر التسديد من الكرات المتحركة سجل عبدالله السعيد هدفا جميلا, كما لمع بشدة رمضان صبحي في الدقائق الأخيرة عندما دفع به كوبر بديلا لهيكتور كوبر وكان سببا في تحسين صورة المنتخب. في المقابل هناك عدة سلبيات تكتيكية يجب التعامل معها لضمان المنافسة بقوة علي بطاقة التأهل إلي نهائيات كأس العالم المقبلة في روسيا2018 عند ملاقاة منتخب غانا صاحب القوة الهجومية الكبيرة والخبرات الرهيبة في منطقة الوسط. أول أخطاء المنتخب الوطني التكتيكية والفنية في اللقاء كان سوء الحالة الدفاعية للجبهة اليسري التي يتواجد فيها محمد عبدالشافي والتي كانت محطة دائمة للهجمات الكونغولية ومنها جاء الهدف الاول وكذلك4 كرات عرضية شكلت خطورة علي مرمي عصام الحضري. ويحسب علي هيكتور كوبر فشل الجبهة اليسري في الجانب الدفاعي رغم الدفع بلاعبه محمود حسن تريزيجيه22 عاما المحترف في موسكيرون البلجيكي الذي يملك قدرات دفاعية أكبر من رمضان صبحي وكهربا وكان هذا سببا من أسباب الدفع به. وكان مهما أن يؤدي تريزيجيه دورا دفاعيا مع عبدالشافي ولكن هذا الدور لم يظهر وتحولت الجبهة اليسري إلي نقطة ضعف كبيرة في تشكيلة الفراعنة خلال اللقاء. وثاني أخطاء المنتخب الوطني التي يجب علاجها سريعا هي سوء حالة محور الإرتكاز محمد النني خاصة النني المحترف في أرسنال الإنجليزي. ولم يقدم النني شيئا وكان مجرد لاعب سلم واستلم فقط للكرة بدون أن يكون له خيال هجومي أو تمريرات طولية في عمق الدفاع الكونغولي وكذلك كان أداؤه الدفاعي غير جيد حيث ظهر فابريس وانداما بمستوي جيد وتحرك بحرية في منطقة الثلث الأخير وتفوق عليه في تنفيذ الجانب الدفاعي في منطقة الوسط أكثر من مرة طارق حامد وكذلك كان للأخير نقطة ايجابية في تنفيذ الكرات الطويلة فقط والتي منها جاء الهدف الثاني ولكنه يعيبه أيضا العنف في تدخلات لا مبرر لها مع المنافس ونال بسببها إنذار. وثالث الأخطاء التكتيكية, عدم وجود بصمة هجومية إلا تمريرة تقليدية وهي أرمي لصلاح وأصبح بمجرد حصول أي لاعب مصري في منطقة الوسط علي الكرة التمرير الطولي لمحمد صلاح الجناح الأيمن علي أمل استغلال سرعاته في التسجيل. فلا توجد بصمة لباسم مرسي رأس الحربة الذي يجيد التسجيل من الكرات العرضية, حيث لم يكن هناك دور هجومي حقيقي للثنائي عمر جابر نجم بازل السويسري ومحمد عبدالشافي نجم أهلي جدة السعودي ظهيري الجنب, فلم يكن للهجوم المصري أنياب. ولم يستفد المدير الفني الأرجنتيني أيضا من النزعة الهجومية لعبدالله السعيد31 عاما صانع ألعاب الاهلي وأفضل لاعبي مصر في الوقت الحالي الذي ظهر3 مرات في الصعيد الهجومي ونجح في تسجيل الهدف الثاني وكانت له تسديدة قوية علت العارضة بياردة واحدة وهو لاعب صاحب دور تهديفي كبير مع الأهلي ولكن العبء الدفاعي الذي يمنحه له كوبر يحد كثيرا من خطورته ويقلل من خطورة الهجوم المصري. وكان رائعا للجماهير المصرية و90 مليون مواطن فوز المهارات الشخصية الفردية علي السلبيات الجماعية وتحقيق بداية قوية في رحلة الحلم المونديالي وروسيا2018.