سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المستشار السابق لصندوق النقد الدولي الدكتور فخري الفقي لالأهرام المسائي:
الاقتصاد المصري يعاني اختلالات مالية وتشوهات عمرها60 عاما
برنامج الإصلاح يجب أن يراعي محدودي الدخل من خلال شبكة الحماية الاجتماعية
أكد الدكتور فخري الفقي أستاذ الاقتصاد والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي ان الاقتصاد المصري يعاني من اختلالات مالية وتشوهات هيكلية تعد حصيلة60 عاما, وهذه الاختلالات بحاجة الي حزمة من الاجراءات الاقتصادية لمعالجتها, وان قرض صندوق النقد الدولي كان هو الحل الممكن حاليا لسد جزء من الفجوة التمويلية التي تصل الي30 مليار دولار, ومن يقول غير ذلك فعليه ايجاد البديل. ويقول ان تراجع موارد الدولة من المصادر الرئيسية للعملة الاجنبية كان له اثر كبير في تراجع احتياطي النقد الاجنبي بالبنك المركزي, وارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية لزيادة طلب المستوردين علي الدولار لتلبية احتياجاتهم الاستيرادية, وان كل هذه الامور يمكن معالجتها من خلال إعادة تشغيل المصانع المتوقفة وزيادة حجم الانتاج. وشدد علي أن الوضع الاقتصادي حاليا ليس بهذا السوء, وان معدلات التضخم في عام1991 وصلت إلي23% وتم خفضها, وكذلك عجز الموازنة وصل إلي21% وتم الوصول به إلي1% فقط خلال ست سنوات, وان قانون القيمة المضافة استثني54 سلعة وخدمة من الضريبة, وسوف يوفر لخزانة الدولة ما يقرب من30 مليار جنيه ... وإلي نص الحوار. ما هو تقييمك للحالة الاقتصادية في مصر حاليا؟! - الاوضاع الاقتصادية تعاني من ازمة اختلالات مالية, وتشوهات في هيكل الاقتصاد المصري, هذه الاوضاع جاءت بعد ثورتين وتطورات غير موائمة بالاقتصاد العالمي وتباطؤ في معدلات النمو, وهبوط حاد في حركة التجارة العالمية, فضلا عن الصراعات الدائرة في المحيط العربي, بجانب عدم وجود تناغم في السياسات الاقتصادية. فيما يتعلق بالاختلالات المالية فهذا يرجع في الاساس إلي وجود اسباب خاصة مثل سوء إدارة الاقتصاد, وأسباب اخري خارجة عن ارادتنا في المحيط العربي والعالمي, فنجد ان معدلات النمو في مصر مازالت منخفضة حيث تصل إلي3.8%, فضلا عن ان قدرة الاقتصاد علي توليد فرص العمل في ظل زيادة سكانية تصل الي2.5% سنويا, في حين انها كانت1.8% خلال الفترة ما بين عامي2005 وحتي2010, وهذا كان معدلا مقبولا. وايضا يوجد ارتفاع في معدلات التضخم وغلاء الاسعار حيث وصل معدل التضخم الي14.8% في شهر يوليو وارتفع الي16.4% خلال شهر اغسطس طبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء, وكذلك مازالت هناك ندرة في النقد الاجنبي بسبب تراجع ايرادات الدولة من المصادر الخمس الرئيسية وهي( تحويلات المصريين بالخارج, السياحة, قناة السويس, الصادرات, الاستثمارات) مما ادي إلي تراجع احتياطي النقد الاجنبي بالبنك المركزي الي15.5 مليار دولار, وتدهور قيمة الجنيه, ووجود سوق رسمية وأخري موازية للعملة الاجنبية, وهذا يعد امرا معوقا للاستثمار. ذكرت ان هناك سوء ادارة للاقتصاد.. فهل تشرحه لنا؟ - هناك مشكلات تراكمت علي مدي60 عاما وهي تشوهات في هياكل الاقتصاد وتتمثل في ان منظومة الاجور غير محفزة سواء بالحكومة او غيرها, وايضا الضرائب مازالت تعاني من مشكلات وتحتاج إلي اعادة هيكلة, فضلا عن ان قطاع الاعمال العام والذي يضم135 شركة بعضها يحقق ارباحا, والكثير منها شركات خاسرة, بجانب وجود هيئات اقتصادية تصل الي51 هيئة, والمحصلة النهائية ما يقرب من2 مليار جنيه خسائر. واذا نظرنا الي منظومتي التعليم والصحة نجد انهما اصبحتا مكلفتين وبحاجة الي اعادة نظر مرة أخري, وايضا معاش التقاعد حيث يحصل العامل علي خمس المبلغ الذي كان يحصل عليه اثناء فترة الخدمة. وفيما يتعلق بشبكة الحماية الاجتماعية فحدث ولا حرج, ويجب ان يعاد النظر في تصحيحها مرة اخري في ظل البرنامج الاقتصادي للحكومة حتي لا يمثل هذا البرنامج تأثيرا سلبيا علي محدودي الدخل. البعض يقول إن مصر لم تكن بحاجة لقرض صندوق النقد الدولي.. فما تعليقك؟ - قرض صندوق النقد هو البديل الممكن, لأن الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي يمثل ضرورة ملحة في ظل برنامج قوي, ولكن هناك فجوة تمويلية وهي تمثل الفرق بين مدخراتنا الضعيفة واستثماراتنا الطموحة, وهذه الفجوة تصل الي30 مليار دولار, ومن يقول ان مصر لم تكن بحاجة الي هذا القرض فعليه إيجاد البديل. ولا ننسي أن مصر من ضمن189 دولة اعضاء بالصندوق, فضلا عن عضويتها بالبنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية, والبنك الاوروبي لإعادة الاعمار والتنمية والبنك الاسلامي للتنمية والبنك الاسيوي للبنية التحتية, فلماذا لا يتم الاستفادة من عضويتنا في هذه البنوك والحصول علي قروض منها بفائدة منخفضة تمثل1.5%, خاصة وان صندوق النقد الدولي علي وجه التحديد يقوم بتقديم مساعدات فنية من خلال وضع البرنامج المصري في قالب يساعد علي فتح شهية المؤسسات التمويلية الاخري والدول التي سوف تساندنا, فضلا عن انه يمثل عاملا قويا لجذب المزيد من الاستثمارات. وأضاف ان الحد الاقصي الذي يمكن لمصر الحصول عليه من خلال عضويتها بصندوق النقد الدولي هو12 مليار دولار بفائدة1.5%, وفترة سداد تصل الي4 سنوات ونصف, وهذا بالطبع افضل من طرح سندات دولارية بسعر فائدة يصل الي7.5%. وخلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الاخيرة الي الصين في اجتماعات قمة العشرين, اجتمع مع كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي والتي ابدت استعدادها للمساعدة من خلال الترويج للاستثمار في مصر. ولكن يظل قرض الصندوق وحده لا يكفي لسد الفجوة التمويلية التي تحدثنا عنها من قبل حيث يتبقي18 مليار دولار, لذلك فصندوق النقد سوف يعطي مصر مبلغ ال12 مليار دولار علي ثلاث سنوات بمعدل4 مليارات دولار كل عام, مع النظر في استطاعة مصر خلال الثلاثة اعوام في توفير ال18 مليار دولار الأخري بمعدل6 مليارات دولار كل عام, لذلك فسوف تحصل مصر علي2.5 مليار دولار من الشريحة الاولي للقرض, علي ان تحصل علي1.5 مليار بعد المراجعة نصف السنوية التي يقيمها الصندوق للتأكد من ان مصر قد استطاعت ان تحصل خلال العام الاول علي6 مليارات دولار من المؤسسات المالية الاخري. وأوضح ان ضريبة القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية, وقانون التصالح الضريبي, ورفع أسعار الكهرباء فكل هذه إجراءات مسبقة للبرنامج الاقتصادي. ذكرت ان هناك اختلالات مالية وهيكلية يمكن ان توضحها؟ - هناك اختلالات مالية متمثلة في عجز الموازنة, وهذه الاختلالات بحاجة الي تجهيز الاقتصاد من خلال وجود حزمة إجراءات تجريبية, ومن ثم يتم الاصلاح الهيكلي, مع الأخذ في الاعتبار الطبقات الفقيرة وذلك من خلال شبكة الحماية الاجتماعية. ايرادات الحكومة اقل من النفقات, وبالتالي فهي تلجأ الي البنوك لتدبير هذا العجز, وهي بذلك تزاحم القطاع الخاص علي التمويل من البنوك, لذلك فهناك ضرورة للنزول بهذا العجز, لإعطاء القدرة للقطاع الخاص علي زيادة حجم استثماراته. فهناك ضريبة القيمة المضافة والتي ستساهم في توفير حصيلة لخزانة الدولة تصل إلي30 مليار جنيه, ولكنها ستزيد من الاعباء عن ضريبة المبيعات من حيث ارتفاع الاسعار ومعدلات التضخم, ولكن هذا الامر لن يمول إلا لمرة واحدة فقط مثلما حدث من قبل مع بداية تطبيق ضريبة المبيعات, ولا ننسي ان هناك54 سلعة وخدمة معفاة تماما من الضريبة, حفاظا علي البعد الاجتماعي. وقانون المنازعات الضريبة سوف يساهم في توفير15 مليار جنيه اخري لخزانة الدولة. وبالنظر الي منظومة الكروت الذكية المعنية بدعم الخبز والمواد التموينية نجد ان هناك ما يقرب من10 ملايين مواطن غير مستحق لهذا الدعم إما للسفر إلي الخارج أو الوفاة أو وجود اسماء وهمية, لذلك فقد تم نقل قاعدة البيانات من وزارة التخطيط إلي وزارة الانتاج الحربي لمراجعة كل الاسماء مراجعة دقيقة, فضلا عن زيادة اسعار الكهرباء ضمن الخطة الموضوعة لرفع الدعم عنها خلال خمس سنوات, فكل هذه الاجراءات سوف تعمل علي تقليل عجز الموازنة بشكل كبير. كيف تري مشكلة ندرة العملة الأجنبية وارتفاع سعر الدولار بالسوق الموازية وما هو السبيل لحلها؟ كما ذكرنا من قبل فإن هناك تراجعا في موارد الدولة من المصادر الخمس الرئيسية للعملة الاجنبية, ومصر لديها طلبات استيرادية بحاجة الي تغطيتها خاصة فيما يتعلق بمستلزمات الانتاج, وفي ظل تراجع احتياطي النقد الاجنبي بالبنك المركزي فهناك قائمة انتظار بأسماء المستوردين وطلباتهم الاستيرادية, هذه القائمة قد تصل إلي ثلاثة أشهر لتلبية احتياجاتهم مما يضطرهم الي محاولة تدبير احتياجاتهم من الدولار من السوق الموازية. قيام البنك المركزي بإغلاق العديد من شركات الصرافة المخالفة للقواعد يعد حلا وقتيا, ولكن لن يحل المشكلة من جذورها, ويجب ألا نغفل دور هذه الشركات في تلبية احتياجات المواطنين, خاصة وانها تعد اكثر مرونة من البنوك لأنها متاحة لأوقات اطول, لذلك كان لابد من البحث عن بديل قبل إغلاق هذه الشركات. هذا البديل يتمثل في وجود شركات صرافة تابعة للبنوك العامة أو الخاصة, وهذا يعد فكرا مؤسسيا. هناك بعض النواب يطالبون بعودة تطبيق التسعيرة الجبرية للحد من غلاء الاسعار.. فما رأيك في ذلك؟ - اعتقد ان هذا الامر سوف يعطي انطباعا غير جيد, وقد يلجأ الكثير من التجار إلي تخزين البضائع الجيدة وعرض البضاعة الرديئة منها, لذلك فلابد من حل أصل المشكلة, فهناك طاقات انتاجية معطلة, وأكثر من4000 مصنع مغلق سواء لمشكلات مالية مع البنوك أو عدم القدرة علي توفير النقد الأجنبي لتوفير مستلزمات الانتاج, لهذا فلابد من توجيه النظر إلي هذه المصانع وإعادة تشغيلها مرة أخري لزيادة حجم الانتاج. واريد ان اوضح ان الاحوال الاقتصادية ليست بهذا السوء, ففي عام1991 وصل معدل التضخم الي23%, ومع اجراءات الاصلاح الاقتصادي التي تمت في عهد رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي تراجعت معدلات التضخم بشكل كبير, وايضا عجز الموازنة كان21%, وتم الوصول به إلي1% فقط بعد نجاح البرنامج الاقتصادي خلال ال6 سنوات, وفي هذه الفترة استقر سعر صرف الدولار عند3.40 جنيه. لهذا فنحن بحاجة الي من يدير الاقتصاد بفكر اقتصاد السوق وليس بفكر التخطيط, فليس هناك مانع من وجود نائب لرئيس الوزراء للشئون الاقتصادية, خاصة وان هناك من الوزراء الحاليين من اثبت كفاءته في هذا المضمار, كوزيرة التعاون الدولي ووزير التخطيط. كيف تري المشروعات القومية التي يتم العمل عليها الآن.. ومتي تؤتي ثمارها؟ - المشروعات القومية كانت ضرورة حتمية خاصة في مجالات البنية التحتية, فمصر كانت بحاجة إلي شبكة من الطرق لجذب الاستثمارات, بجانب وجود اراض مستصلحة للزراعة, وهناك نموذج لما تم بالفرافرة من استصلاح10 آلاف فدان, باكورة مشروع المليون ونصف المليون فدان, فضلا عن مشروع إنشاء قناة السويس الجديدة حيث كانت السفن تنتظر قرابة الثماني ساعات حتي تستطيع العبور, ولكن مع وجود هذه القناة الجديدة اصبح هناك سيولة في حركة مرور السفن, وتم إنفاق28 مليار جنيه علي هذه القناة وباقي ال64 مليار يتم حاليا عمل ثلاثة انفاق جديدة تصل الي سيناء, فكيف كانت ستتم تنمية سيناء في ظل وجود نفق واحد فقط, فضلا عن مشروع منطقة شرق التفريعة, هذا بجانب مشروع العاصمة الادارية الجديدة والتي ستخفف الكثير من الضغط علي القاهرة. ولا ننسي ان هناك مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي الخاصة بالشباب من خلال اقراض البنوك مبلغ200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة علي اربع سنوات بواقع50 مليار جنيه كل عام. فالشعب يريد ان يري مردود هذه المشروعات وهذا سوف يتحقق من خلال برنامج الاصلاح الاقتصادي في خلال ثلاث سنوات ويرفع من معدلات النمو لأكثر من6% من خلال تنفيذه سواء من هذه الحكومة او الحكومات المتعاقبة, فضلا عن ان مردود هذه المشروعات سوف تتضح آثاره من خلال جذب الاستثمارات العربية والاجنبية, وزيادة فرص العمل, وزيادة حجم الانتاج وهذا ما تسعي اليه الدولة بكل جهدها.