عن قصد, قررت تأخير الكتابة عن يوم الاستفتاء, أول مرة في حياتي أشارك, ذهبت مع ابنتي لنقول نعم وابني واصدقاؤه يقولون لا. وقفت في طابور لمدة ثلاث ساعات بالدقيقة عندي ظروف صحية تجعلني أقيم الصلوات قاعدا إلا فيما ندر أي لا استطيع مواصلة الوقوف علي الساقين والقدمين دون حركة لمدة خمس دقائق وبرغم هذا انتصرت المعنويات المرتفعة علي المتاعب الصحية, كان أحلي يوم عيد في حياتي, حوارات ومجادلات مع من امامك ومن خلفك ومن علي يمينك ويسارك, البشاشة ظاهرة علي كل الوجوه, يوم عيد حقيقي وقفت في طابور الحرية مائة وثمانين دقيقة استأذنت في وسطها لاداء صلاة العصر ثم رجعت إلي المكان المحجوز في الطابور. كنت رومانسيا إلي حد العبط أولا: كنت اتوهم أن عدد المقترعين لن يقل عن أربعين مليونا. ثانيا: كنت أرجو أن تنتصر نعم في حدود أقل من ستين بالمائة أو أعلي منها بقليل. وثالثا: كنت أتمني وجود ستارة للتصويت من خلفها ولو من باب ادعاء أهمية ما أفعله. ورابعا: لم يكن يدور في خلدي علي الإطلاق أن المسألة فيها حرب وأنا أطرش في الزفة لا أعرف شيئا, وخامسا: رجعت إلي داري وأنا لا أتوقع أي شيء من هذا الجدل حول تدخل الدين وحول تدخل فلول الماضي وهنا أحب أن اسجل شهادتي: * طابور النساء خير شاهد علي الحرية منتقبات, محجبات, مرتديات ماركات حديثة, أمهات, شابات أو بتعليق ابنتي حين قالت: الطابور يمثل كل الخلفيات الثقافية والاجتماعية مثلما يمثل كل المستويات الاقتصادية. * طابور الرجال ينطبق عليه نفس الوصف, التقيت بعض الزملاء الصحفيين من الاخوان مثلما التقيت إعلاميين من كل التوجهات وكلهم في طابور واحد. * اجزم بأن الأغلبية كانت مواطنين مصريين احرارا مستقلين لا سلطان لأحد عليهم بدليل المجادلات العنيدة التي دارت بيننا علي مدي ثلاث ساعات من يذهب تحت تأثير الآخرين لا يمكنه أن يصمد في جدال ولا أن يتبني توجها ولا أن يتحمس للدفاع. هذه هي تجربتي الشخصية في هذا المشهد العظيم في هذا اليوم الجميل.