{ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا(45) وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا(46)} سورة الأحزاب الشاهد: هو الذي يؤيد ويثبت الحق لصاحبه; لذلك يطلب القاضي شهادة الشهود ليأتي حكمه في القضية عن تحقيق وبينة ودليل; فإن قلت: إذن علام يشهد رسول الله؟ قالوا: يشهد رسول الله أنه بلغ أمته, كما يشهد الرسل جميعا أنهم بلغوا أممهم كما قال سبحانه:{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا}, النساء:41]. إذن: كل رسول شهيد علي أمته, وأنت شهيد علي هذه الأمة أنك قد بلغتها, لكن ميزتك علي من سبقك من إخوانك الرسل أن تكون خاتمهم, فلا نبي بعدك; ولذلك سأجعل من أمتك من يخلف الأنبياء الذين يأتون بعد الرسل في مهمتهم. وقوله سبحانه{ ومبشرا..} لمن استجاب لك بثواب الله, والبشارة هي الإخبار بالخير قبل أوانه{ ونذيرا...} أي: منذرا لمن لم يصدقك بعقاب الله, والإنذار هو التخويف بشر لم يأت أوانه{ وداعيا إلي الله بإذنه...} أي: بأمر منه, لا تطوعا من عندك, فقد يأتي زعيم من الزعماء أو مصلح من المصلحين بمنهج أو بأفكار من عنده ويبثها في مجتمعه. وقوله تعالي:{ وسراجا منيرا} شبه الحق سبحانه نبيه صلي الله عليه وسلم بالسراج, ولا تستقل هذا الوصف في حق رسول الله, فليس معني السراج أنه كالسراج الذي يضيء لك الحجرة مثلا, إنما هو كالسراج الذي قال له عنه:{ وجعلنا سراجا وهاجا}, النبأ:13] والمراد: الشمس.