إذا كنت مثلي مشجعا كرويا قديما وتبحث عن المتعة وتعشق اللعبة الحلوة, وتشاهد المباريات بفكر وعقل وقلب لا يعرف التعصب, فمن المؤكد أنك كنت رغم انتمائك لإحدي القبيلتين الكبيرتين- الزمالك أو الأهلي- أو لغيرهما تعترف وتبصم بالعشرة أن فرقة الإسماعيلي للفنون الكروية تمتعك وتشبعك فنا خالصا راقيا في فنون الساحرة المستديرة, هذا كان لا يقلل من حبك لناديك الذي تعشقه وتشجعه وتفرح لفوزه وتتفنن في تكييف مبررات هزائمه, هذا قبل دخولنا عصر الألتراس والوايت نايتس والذي أخذ فيه التعصب بعدا آخر, وجمح بأعضاء الرابطتين جموحا غادرا, يفتقد تماما للروح الرياضية, وخلط بهبل وعدم وعي بين المؤازرة الكروية والهرطقة السياسية, حتي أننا افتقدنا للنفس التي تتابع الكرة, ولم تعد تمتعنا المباريات الصامتةكأفلام شارلي شابلن الرائعة بسبب سوء تصرفات الجماهير وغشمهم. إذا كانت كرة القدم الحقيقية وحشاني قيراطا, أجد أن كرة الدراويش وحشاني24 قيراطا, يأخذني الحنين وأشتاق كثيرا للاستمتاع بها وفنونها التي غابت عنا في ظروف غامضة, وخرجت ولم تعد.. لماذا.. وأين ذهبت.. ومن المسئول عما آل إليه حال قلعة برازيل مصر؟!.. يكاد برج من عقلي أن يطير وقلبي أوشك أن ينفطر علي زمن الرجال.. الحريفة.. اللعيبة التي كانت توزن أقدامهم ذهبا. كانت كرة الدراويش بطعم ورائحة المانجو الإسماعيلاوي, وجمال الفراولة, ومذاق الشهد وحلاوة الأناناس والكانتالوب..حدائق وملاعب أرض الفيروز الغناء كانت تجود علينا من خيراتها بفاكهة كثيرة لم يكن الأسطورة علي أبوجريشة إلا كوكتيلا مركزا من صنوف هذه الفواكه الكروية, وتميز كل لاعب برحيقه الخاص, وعلي مر العصور شاهدنا الإسماعيلي يخوض مبارياته ب11 ساحرا يقلبون الملعب رأسا علي عقب, يلعبون. يتفننون.. يقسمون.. يحيرون.. يرقصون.. ويحرزون أهدافا لها العجب, من منا ينسي رضا والعربي وشحتة ويسري طربوش وأميرو والسناري وأنوس وسيد بازوكا وعبدالستار وحسن مختار وميمي وحسن درويش وريعو وأبوأمين وحودة وأسامة خليل وحازم وعلي يونس وحمادة الرومي وعماد سليمان وخالد القماش وفوزي جمال ومحمد صلاح أبوجريشة ومحمد حمصوالعجوز وفكري الصغير وحمزة الجمل ومحمد صبحي وعبدالله الشحات ومحسن أبوجريشة وأحمد خيري وحسني عبدربه وغيرهم لاعبون يندر أن يجود الزمان بمثلهم, أمتعونا وعزفوا سيمفونيات مهارية لا تعرف نشازا أو خروجا عن المقام الكروي. الإسماعيلية عن بكرة أبيها تتنفس كرة, وشعبها الذي ينام مرتين في اليوم مهما حدث, يتنازل بخاطره عن الأولي لمشاهدة مباراة ناديه, ويستغني عن الثانية بالسهر حتي الصباح فرحا وطربا إذا فاز الفريق, حتي الآن تمشي في شوارع المحافظة, مراكزها وقراها, تجدها وقد أصبحت ملعبا كبيرا, الجميع يمارس الكرة, ومن لم يجدها فزلطة تفي بالغرض, الأسفلت والتراب والرمل والنجيلة تقدم كل يوم مواهب لا حصر لها, ويقف النادي لضيق ذات اليد موقفا صعبا, غير قادر علي الصرف علي فرق الناشئين ومدرسة الكرة, فما بالك بالفريق الكبير, لذا لم يجد مفرا عبر مشواره الطويل غير بيع أمهر لاعبيه وشراء ربما أنصاف مواهب حتي لا تتوقف مسيرته أو يجد نفسه يقاوم شبح الهبوط. الفريق الآن يلعب بقوة الدفع الذاتي ودعاء الإسماعيلاوية, الذي يبدو أنه مستجاب بدليل أن الفريق رغم كل الظروف العاصفة اختتم موسمه مكتفيا بالمركز السادس ولا يفرقه علي نادي سموحة الاروستقراطي المنغنغ صاحب المركز الثالث سوي نقطتين, ولكن إلي متي يظل رجالات الإسماعيلية المخلصون يتوارون ويبتعدون عن المشهد تاركين سفينة النادي بشراع مكسور تلاطم الأمواج..أين العثمانيون, وهل يخلد لهم جفن وهم يرون ناديهم الذي تحققت علي أيديهم وأيدي والدهم المعلم عثمان أحمد عثمان من قبلهم أمجاده وانتصاراته يتهاوي, أو يقتحمه من يأتون من الخارج بحثا عن الأضواء والشهرة والقضاء علي البقية الباقية من النادي العريق. [email protected]