اللي معاه قرش ميخسرش.. حكمة مشتقة ومحرفة من الأغنية الشعبية التي حركت أوتار قلوب المصريين, وتربعت علي قمة نسب المشاهدة والاستماع بجميع وسائل الإعلام والسوشيال ميديا وأثار مؤديها أحمد شيبة أشجاننا وهو يقول:اللي له قرش مبينامش..ما بالك بقه باللي عليه!. حال كرة القدم المصرية في عصر الاحتراف الفاشل والتجريف الشامل لمعشوقة الملايين بات يندي له الجبين, ويقف أمامه خبراء الرياضة في حيرة واندهاش, بعدما بات وضع جميع فرقنا الكروية محصورا بين مثلين اثنين لا ثالث لهما, اللي معاه قرش ومحيره يجيب حمام ويطيره, اللي معهوش مايلزموش!. يتفرد ناديا الأهلي والزمالك بالمثل الأول ومعهما علي استحياء بعض أندية تمتلك القدرة المالية, يندفعون في كل موسم انتقالات في صراع مرير للاستحواذ علي أبرز لاعبي الأندية الأخري ممن ظهروا بمستوي لافت للنظر,ليس مهما كم ندفع وهل نحن في حاجة إليه, بل المهم أن اللاعب يصبح ملكا لنا ولا يهنأ عليه الفريق المنافس,حتي وإن جلس علي الدكة, أو قضينا علي مستقبله الكروي, بينما ينطبق المثل الثاني علي غالبية فرق الدوري العام التي لا حول لها ولا قوة, فتحت بند الحاجة تضطر إلي بيع أي موهبة تظهر بين لاعبيها وما باليد حيلة,فلوس الزمالك والأهلي تزغلل العين,وتحل أزمات الفريق المالية. في عصر الاحتراف المنقوص انزوت الأندية الشعبية الجماهيرية بعواصم المحافظات وطفت علي السطح إلي جوار الأهلي والزمالك أندية أخري تمتلك الامكانات المادية,فتهبط بالبراشوت علي الأندية ضعيفة الامكانات فقيرة العائدات وتخطف اللاعبين الجاهزين والمتميزين بعد إغرائهم بالملايين, وتلعب بأقدام غيرها, وتحقق انتصارات ما كانت أبدا لها,تجعلها في منطقة الأمان مبتعدة عن دوامة الهبوط, بينما يلتهم قطبا الكرة الكعكة كاملة إلا ما يتبقي منهما. زمان..عندما كانت الكرة هواية وانتماء,وولاء للفانلة لا لمن يدفع أكثر في الميركاتو اللعين, كانت قائمة الدوري العام المصري تضم أندية جماهيرية بحجم وقيمة المنصورة والمحلة والشرقية وطنطا والاوليمبي والمنيا والسويس وبني سويف ودمياط,وكان أشهر أندية الشركات آنذاك السكة الحديد والترسانة وغزل المحلة,وكان لهموضع خاص وجماهيرية كبيرة,أما الأندية الأخري كنسيج حلوان واسكو والبلاستيك وغزل دمياط ومالية كفر الزيات فكانت تصعد وسرعان ما تهبط إلي دوري المظاليم, لقد بدأت طفرة فرق الشركات بشكل واضح مع صعود فريق المقاولون العرب لأول مرة للدوري الممتاز وتحقيقه نتائج مبهرة, وكنا نندهش كيف يلعب وليس له جمهور إلا بعض عمال الشركة الذين ربما كانوا يحضرون المباريات غصبا وبتوجيهات وأوامر من رؤسائهم, ثم بعد ذلك اكتظ الدوري العام بفرق مثل إنبي وبتروجيت ووادي دجلة والمقاصة وغيرها من الأندية التي يقف من ورائها المال لا الجمهور. اليوم أضحي لاعب الكرة لا يفكر في الرياضة ولا الجماهير ولكن في المقابل المادي الذي يتحصل عليه مقابل انتقاله وقيمة عقده مع ناديه والمساومات والترضيات التي تقوم بها معظم الفرق للابقاء علي لاعبيها حتي أمسي نظام الاحتراف يؤثر علي مستوي اللاعبين وحجم عطائهم في الملعب وربما لا يكون لهم حجم علي الإطلاق. كل التحية والتقدير لأندية الصمود والتصدي, المصري والإسماعيلي والاتحاد السكندري والتي لولاها لضاعت الأندية الجماهيرية بمحافظات مصرنا المحروسة وذهبت مع الريح, انهم نموذج للأندية التي تستطيع بالتفوق والغني الفني والبدني والمهاري أن تتجاوز فقرها المادي, وأزعم انها قادرة ليس علي مواجهة فرق السطوة المادية فحسب بل منافساتها بشراسة علي القمة, والدوري القادم إنا لناظره قريب.. وسلم لي علي الاحتراف! [email protected]