حقا.. القلب أمير البدن به صلاحه وفساده. والقلب سمي قلبا لأنه يتقلب, ولذلك دعا النبي صلي الله عليه وسلم ربه بالثبات فقال اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك, لأن القلب محل نظر الله سبحانه وتعالي والقلوب أنواع منها القلب السليم والمطمئن والمنيب. وكلما نقي العبد قلبه من الأمراض ارتقي فالنقاء سر الارتقاء يقول الدكتور عبد المهدي عبد القادر أستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر إن القرآن الكريم يبين منزلة القلب كما قال الله تعالي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم فسلامة القلب نعمة عظمي وقسوة القلب مصيبة كبري علي الانسان. قال تعالي كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون فكثرة السيئات تغطي القلب فيقسو والرسول عليه الصلاة والسلام يقول إن أبعد الأشياء من الله القلب القاسي. ويوضح الدكتور عبد المهدي إن القلب يقسو من كثرة الشهوات والسيئات واقتراف المعاصي, وكذلك القلب لتشرق فيه أنوار الهداية والإيمان بكثرة الحسنات, وذكر الله. فالمسلم عليه أن يراقب قلبه والرسول عليه الصلاة والسلام يقول ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب والمسلم عليه أن يتفحص قلبه هل به أمارات خير أم أمارات شر؟ وعلي أية حال فإن أفضل دواء للقلب كثرة ذكر الله تعالي وقرآن القرآن, وتذكر الموت وما بعده من جنة ونار. إن هذه الأمور الثلاثة تصلح القلب وتجعله تشرق فيه الأنوار ويبتعد عن السيئات. ويقول الدكتور محمد مطاوع من علماء الأوقاف إن القلب أمير البدن به صلاحه وبه فساده وقد نبه النبي صلي الله عليه وسلم علي ذلك فقال ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب وسمي القلب قلبا لأنه يتقلب وقد أشار النبي( صلي الله عليه وسلم) إلي ذلك فدعا ربه بالثبات فقال اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك وذلك لأن القلب محل نظر الرب من العبد. فلا ينبغي أن ينظر الحق إلي قلب العبد, وقد شغلته المعاصي والشهوات عن الذكر والطاعات فيقول النبي( صلي الله عليه وسلم) إن الله لا ينظر إلي صوركم, ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم فالطاعة هي نور القلوب فعلي المؤمن أن يحرص علي الطاعة وأن يكون مع الله في كل أحواله. فالنور إذا دخل القلب سكنت جميع الجوارح واستجابت لأمر ربها لأن بها مصدر الحياة. ويقول ربنا يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه سورة الأنفال. ويضيف الدكتور محمد مطاوع أن الطاعة تزيد القرب من الرب فيصرفه الله سبحانه وتعالي عن الحرام ويحول بين العبد وبين شهوات قلبه. والقلوب أنواع منها القلب السليم الذي سلم من الحقد والغل والحسد فلا يحمل ضغينة بل يتمني الخير للناس جميعا, وهذا شرط الإيمان. قال النبي العدنان لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه والقلب السليم هذا مادته الإخلاص والإيمان وقد دعا بها ابراهيم عليه السلام فأخبر الحق عنه قائلا ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم وقد استجاب الحق لدعوته فقال مخبرا عنه إذ جاء ربه بقلب سليم. ومن أنواع القلوب أيضا القلب المطمئن وهو الذي يطمئن بذكر الله تعالي قال الله سبحانه الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب سورة الرعد ومنها القلب المنيب وهو الذي يرجع إلي الله دائما فتمتزح التوبة والإنابة بخشية الله تعالي, وقد ذكر الحق ذلك في قوله من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. والقلوب تلين عند ذكر علام الغيوب, وهذا ما حثت عليه الآية الكريمة في قوله تعالي ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله كما أن تلاوة القرآن الكريم تلين القلب وتقرب من الرب قال الله تعالي الله ونزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلي ذكر الله. ويستطرد الدكتور محمد مطاوع: أن الحق سبحانه وتعالي قد حذر من أمراض القلوب ومنها النفاق الذي يجعل الانسان يظهر خلاف ما يبطن ومنها قسوة القلب بنسيان الرب, وهذا سبب من أسباب الهلاك والعذاب قال ربنا فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله كما أن الحسد أيضا لو تمكن من القلب لصار السليم متمنيا زوال النعم عن الناس كما يأتي مع الحسد الحقد والغل فلو تمكن أحدهما من قلب العبد لجعله أسودا ليس فيه أي مكان للمحبة أو المودة بل يؤدي بصاحبه إلي كثرة الإنشغال بعيوب الناس فلابد أن يسود الحب والود بين الناس وأن ينقي العبد قلبه من كل حقد أو غل أو حسد لأن هذا شرط الإيمان قال النبي صلي الله عليه وسلم لا تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولا تؤمنوا حتي تحابوا... فالحقد والغل والحسد تحول بين العبد والجنة. فينبغي تنقية القلب من تلك الأمراض وقد أشار الحق إلي ذلك فقال ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا علي سرر متقابلين سورة الحجر. وقد كان هذا ما يدعو به النبي صلي الله عليه وسلم عندما يقول اللهم نق قلبي من الذنوب والخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس. فكلما نقي القلب ارتقي صاحبه فالنقاء سر الارتقاء, وقد جعل الحق وضع الوزر بين شرح الصدر ورفع الذكر فقال مخاطبا نبيه صلي الله عليه وسلم ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك. الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك من هنا كان شق صدر النبي صلي الله عليه وسلم أكثر من مرة فقد شق صدره وهو طفل صغير وأخرج الملكان من قلبه علقة سوداء, وقال هذا حظ الشيطان. منه فإذا نقي القلب رفع صاحبه. فهيأه الله سبحانه وتعالي لمنزلة أعلي فيتلقي العلوم والحكمة والفتوحات الربانية, وهذا ما كان من شأن النبي صلي الله عليه وسلم عندما شق صدره في المرة الثانية لتلقي الوحي والرسالة. وهكذا علي المسلم أن يرتقي بقلبه وروحه حتي يحوز القبول, ويكون له الوصول والحظوة عند الواحد المعبود, وذلك بكثرة السجود يقول ربنا كلا لا تطعه واسجد واقترب.