أبو الحسن علي بدر إسماعيل, ينتهي نسبه إلي الصحابي الجليل أبي موسي الأشعري رضي الله عنه , يعد شيخ طريقة أهل السنة, وإمام المتكلمين والساعي في حفظ عقائد المسلمين. ملامح التجديد: جانبان مهمان يميزان منهجه: أولهما: التطور الاعتقادي. ثانيهما: التسامح الديني. التطور الاعتقادي: عاش فترة في بيئة المعتزلة العقلية المتحررة ثم خلا بنفسه إلي نفسه لمراجعات وموازنات وترجيحات وغاب عن الناس ليخرج بعد أسبوعين ليعلن نتاج التجربة بوضوح: إني نظرت فتكافأت فهداني إلي اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه, وانخلعت عن جميع ما كنت أعتقده, كما انخلعت من ثوبي هذا. لذلك جاء منهجه الاعتقادي وسطا بين طرفي الغلو عند المعزلة والجهمية والشيعة من جانب, والحشوية والمكيفة والمجسمة كالمتسلفة من جانب آخر. بالمثال يتضح المقال: ألفاظ في نصوص قرآنية ونبوية لله عز وجل مثل: علم وسمع وقدرة لله سبحانه وتعالي: يري الأشعري: لله علم لا كالعلوم, قدرة لا كالقدرة, سمع لا كالأسماع, بصر لا كالأبصار. يري الغلاة من الفريق الأول( المعتزلة ومن وافقوهم) لله علم كالعلوم, سمع كالأسماع بصر كالأبصار. فجاء رأي الأشعري وسطا بين النفي والتجسيم تعالي الله عن ذلك. اللفظية المؤدية للتجسيم فقال: النزول لله عز وجل صفة من صفاته, والاستواء كذلك, وفعل فعله في العرش يسمي الاستواء. لذلك للمنهج الوسطي الاعتقادي ارتضي المسلمون بما يزيد علي تسعين في المائة والأزهر الشريف مما يزيد علي ألف عام نهج الإمام الأشعري منهجا وسطا موضوعيا في العقيدة الإسلامية بعيدا عن الشطط المعتزلي والجنوح المتسلف.. التسامح الديني: منهج الإمام الأشعري رحمه الله عز وجل تصويب المجتهدين في الفروع, ولذلك صرح علانية: اشهدوا علي أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة, لأن الكل يشيرون إلي معبود واحد, وإنما هذا كله اختلاف العبارات. وأخذ بنهج التدرج مع المخالف مثل ما فعله مع الحشوية( الحنابلة) في كتابه الإبانة ليتدرج بهم إلي ما عليه جمهور أهل السنة, وليس كما أشاعه المرجفون أنه تراجع عن مذهبه الوسطي في الاعتقاد واعتنق مذهب المجسمة المشبهة.. لا هذا فهم ساقط وفرية كاذبة وتضليل من الغلاة الغواة. يضاف إلي ما ذكر: نظره في فقه المذاهب وعدم التحزب لبعضها علي بعض, ليرسي منهجا علميا أن الحق ليس حكرا علي أحد, وأن الحق متبادل, ودولة بين المفكرين. إن الإمام الأشعري مرآة لوسطية هذا الدين( وكذلك جعلناكم أمة وسطا) فلا إقصاء للعقل, ولا تزمت بحرفية نص, بل تدبر وفكر, نظر وتبصر علي منهج قل هذه سبيلي أدعو إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعن. ويظل الإمام أبو الحسن الأشعري في طلائع المجددين رغم حملات التشويه والتشهير من مقلدي فقه البداوة.