انتقلت الأمانة العامة للجامعة العربية من الدكتور نبيل العربي بكل تاريخه الدبلوماسي والقانوني, إلي السيد أحمد أبو الغيط الذي أهله تاريخه الطويل في الدبلوماسية والمنظمات الدولة لتولي هذا المنصب. وثمة اتفاق علي ان الواقع العربي قد شهد خلال السنوات الخمس الماضية تجربة استثنائية وغير مسبوقة فرضت قيودا علي حركة وتأثير الجامعة العربية وأمينها العام, وتمثل هذا في الانفجارات التي شهدتها المنطقة فضلا عن تزعزع الوضع في العراق فان دولا عربية هي ليبيا, سوريا, اليمن, كادت تصل بفعل تصدع مؤسساتها والحروب الاهلية, فيها إلي وضع الدولة الفاشلة وقد خلقت هذه البيئة الفرصة للمنظمات الارهابية, لكي تهدد وتزيد الامور تعقيدا فضلا عن تدخل قوي اقليمية ودولية كان واضحا انها تعمل لصالح وجودها في المنطقة. هذه هي البيئة التي عمل فيها الأمين العام الدكتور نبيل العربي, ورغم الانتقادات التي وجهت اليه إلا انه في رأينا انها قد تجاهلت هذه الظروف الاستثنائية التي عمل فيها, وان ما سوف يذكر له أنه حافظ وأبقي علي كيان المنظمة واجتماعاتها علي المستويات المختلفة وانه كان امينا في ان يطرح امام هذه الاجتماعات رؤيته للواقع العربي وما هو مطلوب لدعم العمل العربي الفعال, ولا يستطيع احد ان يدعي ان الامين العام الجديد سوف يعمل في بيئة مختلفة, فمازالت عوامل الاضطراب قائمة, ربما بفارق واحد, ان الامور قد وصلت من التدهور إلي خلق تراكم من المجتمع الدولي للتوصل إلي تسويات ثمه اتفاق بها يجب ان تكون سياسية, وهو ما يبدو في سلسلة الاجتماعات والجهود الدولية حول: ليبيا وسوريا واليمن, ورغم انها مازالت متعثرة إلا انها مستمرة, وهو ما يفتح المجال للجامعة العربية لان يكون لها دور بل ووجود في الاجتماعات, والجهود الجارية, بهدف المساهمة في دفع هذه الجهود في صياغة شكل التسويات التي قد تنتهي اليها, وما سوف تحتاجه هذه الدول الثلاث من إجراءات لبناء الاستقرار والبدء في العملية الصعبة لبناء مؤسسات هذه الدولة الثلاث وإعادة اعمارها. يوحي تاريخ المنظمات الدولية والاقليمية, ان أداءها, إلي حد ما يرتبط بفعالية امانتها العامة وامنائها في التعامل مع الأزمات, ورغم الكفاءة الدبلوماسية لأمناء الجامعة العربية منذ عبد الرمن عزام حتي نبيل العربي, إلا أن وقع أزمات المنطقة اليوم يجعل الكثيرين يتطلعون إلي دور متطور للجامعة العربية يتطلب اعادة هيكلة الأمانة العامة وادارتها لكي تصبح اكثر تأهلا لتعامل مع المعطيات العربية والاقليمية والدولية, وإحياء العديد من المقترحات التي فصلها د. نبيل العربي في خطابه الأخير أمام وزراء الخارجية العرب, وتعبئة الدول العربية من اجل تفعليها واهم من ذلك تحقيق مستوي مما سماه د. نبيل العربي الإدارة السياسية العربية كانت غائبة, وللموضوعية فإن تحقيق هذه الإرادة العربية هي مسئولية الحكومات العربية. علي مدي السنوات الخمس الماضية وبفعل عوامل اقليمية واسرائيلية وفلسطينية, تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية, مما جعل الدكتور نبيل العربي يذكر دائما المجتمع الدولي ومجلس الأمن بمسئوليته تجاه الوضع الفلسطيني, ومؤخرا بدت بعض المؤشرات في تحرك دولي بدأ بالمبادرة الفرنسية وعقد مؤتمر دولي في نهاية يونيو لوضع قواعد تحريك عملية السلام, وقرر الامين العام للامم المتحدة زيارة اسرائيل ورام الله, وتضيف الرباعية الدولية تقريرا رغم سلبيته التي نبه لها الامين العام للجامعة أحمد ابو الغيط ان التقرير طلب وقف المستوطنات واعتبارها عائقا لتقدم المفوضات كما ايدته الإدارة الامريكية, واعادة تأكيد مواقفها من المستوطنات يضاف إلي هذا التحرك المصري ابتداء من رسالة الرئيس السيسي15 مايو لكل من الاسرائيليين والفلسطينيين إلي زيارة الوزير شكري لكل من رام الله والقدس والتي طالب فيها اسرائيل بوقف المستوطنات واعلنت الادارة الامريكية لهذه التقرير.. ونثق أن الامين العام, احمد ابو الغيط سوف يستثمر هذا التطور ويبني عليه. يبقي العمل الثقافي العربي الذي كان دائما مهما ولكن تتأكد اهميته اليوم بعض صعود جماعات التطرف والارهاب التي ثبت ان دوافعها ليست كما كان يظن اقتصادية واجتماعية, ولكن ثقافية وايديولوجية, ويجب التعامل معها خاصة علي المدي الطويل علي جبهة الأفكار والثقافة.