إن الله تعالي يباهي الملائكة بمن ترك فراشه وقام لصلاته; فقد أخرج الإمام أحمد بسند حسن أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال:( عجب ربنا- عز وجل- من رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحيه إلي صلاته, فيقول ربنا: أيا ملائكتي, انظروا إلي عبدي ثار عن فراشه ووطائه ومن بين حيه وأهله إلي صلاته, رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي) إنها صورة من عباد الله الصالحين, صورة للمنتصرين علي أنفسهم وشهواتهم, فهنيئا لهم, فقد عجب الرحمن من صنيعهم, خرجوا إلي صلاتهم, ولسان حالهم يقول: اللهم ربنا لم نخرج رياء ولا سمعة, لكننا خرجنا اتقاء سخطك, وابتغاء مرضاتك, خرجنا استجابة لدعوتك, ورجاء رحمتك..., فيجيب الكريم: قد أعطيتكم ما قد رجوتم, وأمنتكم مما تخافون. قاموا عن الفرش الوثيرة وعن الزوجة الجميلة يرددون: مهما تعالت أمواج الشهوات, مهما كانت المغريات, مهما تنوعت برامج الفضائيات والسهرات, فجنة قلوبنا الصلوات, وأنس أرواحنا تلك اللحظات في النسمات. ركعتا الفجر( سنة الفجر) خير من الدنيا وما فيها; فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عائشة- رضي الله عنها- أن النبي- صلي الله عليه وسلم- قال:(( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)), فيا من تركتم الفجر من أجل الدنيا, سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها من كنوز وأموال, ومناصب وأعمال, ومغريات وملهيات. فالذي ترك الدنيا واستيقظ قبل ميعاد صلاة الصبح, نجح في الاختبار, وكما ترك الدنيا من أجل هذه الصلاة, فإن الله يعطيه أجرا أكبر من الدنيا جميعا بهذه الصلاة; لذا تجد أن النبي- صلي الله عليه وسلم- ما كان يتركها في سفر ولا في حضر, تقول عائشة- رضي الله عنها- كما عند البخاري:( لم يكن النبي- صلي الله عليه وسلم- علي شيء من النوافل أشد منه تعاهدا علي ركعتي الفجر).