عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: سمع النبي صلي الله عليه وسلم رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت, الأحد الصمد , الذي لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفوا أحد, فقال: والذي نفسي بيده, لقد سأل الله باسمه الأعظم, الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطي (رواه ابن حبان في صحيحه, والإمام أحمد في مسنده, ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح) أما عبدالله بن بريدة فهو: عبدالله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي, أبو سهل المروزي, قاضيها, ثقة, فمات سنة خمس ومائة, وقيل بل خمس عشرة, وله مائة سنة أما أبوه فهو بريدة بن الحصيب, أبو سهل الأسلمي,صحابي أسلم قبل بدر, ومات سنة ثلاث وستين يقول ابن حجر, وفي الصحيحين: أنه غزا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ست عشرة غزوة, وكان غزا خراسان في زمن عثمان ثم تحول إلي مرو فسكنها إلي أن مات في خلافة يزيد بن معاوية نلمح في هذا الحديث أن الرجل لم يطلب من الله شيئا بعينه إنما أثني علي الله هذا الثناء العظيم, وأن الرسول صلي الله عليه وسلم أقسم بالله هذا القسم المؤكد بأن الرجل سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي, فكيف يكون هذا دعاء؟؟ وهنا نقول ليس من شرط الدعاء أن يكون دعاء مباشرا يطلب فيه العبد أمرا من أمور الدنيا والآخرة كما نري في كثير من الأعية في الكتاب والسنة وأقوال الأئمة وعامة الناس كما تري في قول الله تعالي: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وغير ذلك من الآيات, إنما قد يكون الدعاء بالثناء علي الله كما تري في هذا الحديث وأمثاله, أو بإظهار حال السائل كما في قول موسي عليه السلام رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير وكما في دعاء أيوب عليه السلام كما قال تعالي: وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين, فاستجنبا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم, رحمة من عندنا وذكري للعابدين وقد يجمع الدعاء بين الأمرين: الثناء علي الله وإظهار حال العبد كما نري فيما ذكره الله من حال يونس عليه السلام قال تعالي: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين, فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين فهذا الذي تراه في حديث بريدة رضي الله عنه لون من الدعاء اجتهد فيه الداعي في الثناء علي الله مما جعل الرسول يقسم بأن في هذه الكلمات التي ذكرها اسم الله الأعظم, وله بهذا الثناء الذي توسل به إلي مولاه أن يدعوه ليجيبه وأن يسأله ليعطيه..( وهل فعل أحد من الصحابة كما فعل هذا الصحابي؟ نعم, وفي ذلك يروي أبو داود والترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلي الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي, ثم دعا الرجل فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد, لا إله إلا أنت, المنان, بديع السموات والأرض, ذو الجلال والإكرام, يا حي يا قيوم, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: والذي نفسي بيده, لقد دعا الله باسمه الذيإذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطي.. وأخرج أبو داود والنسائي عن محجن بن الأدرع الثقفي رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل قد قضي صلاته وهو يتشهد ويقول: اللهم إني أسألك باسمك الأحد الصمد, الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم, قال: فقال: قد غفر له, قد غفر له, قد غفر له فاللهم اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا ولا تؤاخذنا يا ربنا إن نسينا أو أخطأنا, ولنا مع حديث بريدة لقاء آخر بإذن الله.