يجيء رمضان شهر التعبد والاقتصاد والرشادة ويجيء معه التبذير في كل شيء, أنتجت الفضائيات المصرية بدلا من مسلسل واحد تلتف حوله الاسرة33 مسلسلا يتعارك من اجلها كل افراد الاسرة. أنفقت فضائيات رجال الاعمال في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد قرابة(300) مليون جنيه علي أجور أبطال المسلسلات فقط فمنها276 مليونا علي10 فنانين ذكرهم جميعا عزت السعدني في مقال بالاهرام الاسبوع الفائت..!, هل نحن شعب رشيد حقا؟ نسأل دار الافتاء المصرية هل يجوز رمضان بدون مسلسلات؟..هل يجوز ترويع الناس بدعوي برامج المقالب؟..هل تجوز مشاهد الرقص وكئوس الخمر في نهار رمضان؟. لقد وصف عمرو بن العاص المصريين في لهوهم في المناسبات بقوله( تراهم وكأنهم فرغوا من يوم الحساب..!!) لهذا لا نعجب من صناع الفن التليفزيوني في رمضان حين يسرفون ويتصارعون فيحرقون قيما ويهدرون فضائل ويشوشون علي العباد صلواتهم وتعبدهم. من يشاهد قنواتنا وما أنتجته هذا العام في رمضان يظن أن الاحوال المصرية تمام لا ينقصها الا المسلسلات, وبرامج المقالب الوقحة وكأن الحياة بدون مقالب رامز وهاني رمزي لا تطاق, وتنفتح الشهية علي كل الموبقات مثلا:13 راقصة في مسلسلات رمضان الحالي( وكلهم يقول دور الراقصة ورقصاتها جزء من البناء الفني للمسلسل)..وكأن البناء الفني للدراما التليفزيونية لا يكتمل الا بالراقصات..!, أتهزأون بنا؟..أهذا فنكم وابداعاتكم التي ترعون بها حرمة شهر القرآن..شهر الصوم؟. يجيء رمضان وتأتي معه خزعبلات صناع المقالب واعلانات تجاوزت القواعد المهنية بحماقة شديدة الي جانب اعلانات التبرعات وكأن مصر كلها قد ضربها العوز والفاقة.., وكلما خفت صوت الاستنكار, وتلعثم صوت الدولة بالعقوبة.., كلما أمعن هؤلاء الحمقي في مقالبهم واعلاناتهم, فهذا العام نشهد تطورا نوعيا في مقالب السيد رامز.., انه يلعب بالنار!!, نعم علي الهواء مباشرة وعلي رءوس الاشهاد يقدم يوميا هذا البرنامج الساذج. ما الذي يستفيده المشاهد حين يري مواطنا يروع باللهيب والحرق؟..ماذا يفيد الناس صرخات ممثل أو ممثلة يدعي الخوف والهلع ثم يصالحه السيد رامز يلعب بالنار؟..هل تقدمون قدوة للشباب؟..هل تعالجون مرضي القلب بالرعب؟. ان التكالب علي كعكة رمضان الاعلانية يجعل هؤلاء الحمقي يوغلون في الغريب من الافكار البرامجية ويضربون تقاليد المهنة في مقتل دون نظر الي المسئولية المجتمعية للاعلام, ماذا يستفيد المواطن من مسلسلات الخيانة؟..ماذا يستفيد الناس من صورة مسخ للمتدين؟..وكأن المتدين لا بد أن يكون متخلفا, جهولا, مسطحا, أحمقا فيكره الشباب التدين والمتدينين ثم نصرخ من الفساد ونقود الحملات ضد الفساد!! كيف؟..وأنتم تحرقون صورة المتدين وتعزلون الدين عن الحياة؟..كيف اذن نغرس الضمير في وجدان الناشئة؟..كيف نغرس القيم والفضائل؟ ثمة برنامج تافه آخر يدعي ميني داعش, سطحي الفكرة والاداء, لا فن فيه ولا هدف نرجوه, ولا رؤية سوي ارهاب العوام والناس الطيبين مقابل دراهم معدودات يصالحون بها من اوقعهم الحظ البائس في حبائلهم. أيضا, ثمة نقطة ضوء وسط هذه الظلمات وتلك الفوضي..انها برنامج( الصدمة) الذي نحييه ونحيي فريقه ونحيي الفكرة الهادفة فقد أثبت لنا أنه من الممكن أن تكون هناك برامج مقالب هادفة محترمة تساعد في اعادة قيم تبخرت وسط كل هذا الضجيج.( يتبع) أستاذ الإعلام بجامعة المنيا رئيس جمعية حماية المشاهدين