تبارك الله ربنا العليم الحكيم, الذي أنزل القرآن تبيانا لكل شيء, من أجل هداية الإنسان, فرسم فيه المنهاج العملي للإنسان ليرقي لمنزلة خير أمة أخرجت للناس. فبين أسس علاقته بربه ومولاه: أن يعبده ولا يشرك به شيئا, قال تعالي: قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين, الزمر:11]. وبين القرآن علاقة الإنسان بنفسه التي سواها ربنا بقدرته, قال تعالي: ونفس وما سواها(7) فألهمها فجورها وتقواها,الشمس:8,7]. ووضح الله علاقة الإنسان بالكون: أن يتأمله وينظر فيه ليهتدي به إلي خالقه ومبدعه, قال تعالي:{ هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها, هود:61], وقال تعالي: قل انظروا ماذا في السماوات والأرض, يونس:101]. ووضح الله للإنسان علاقته بالحياة الدنيا: أن يتخذها مزرعة للدار الآخرة, قال تعالي:{ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, البقرة:201]. ووضح علاقة الإنسان بأسرته, فأقامها علي المودة والرحمة, قال تعالي: وجعل بينكم مودة ورحمة, الروم:21], وجعل الله إكرام الوالدين عبادة, فقال تعالي: وبالوالدين إحسانا, البقرة:83]. ووضحت آيات القرآن علاقة الإنسان بجيرانه وإخوانه من حوله, كما رسمت الآيات الآداب الرفيعة التي يتعامل بها الإنسان في مجتمعه, من ذلك ما جاء في وصف عباد الرحمن, قال تعالي: وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما, الفرقان:63]. ثم وضح القرآن علاقة الإنسان بأمته الكبري أمة الإسلام أن يغار عليها ويذود عنها, داعيا إلي الخير, آمرا بالمعروف, ناهيا عن المنكر, قال تعالي: ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون, آل عمران:104]. كما حدد القرآن علاقة الإنسان بغير المسلمين أن يسالم من سالموه, فأحل أكل ذبائح أهل الكتاب والتزوج من نسائهم, وفي هذا إنشاء جسور للمودة والسلام بما يجعل العلاقات الدولية آمنة ومثمرة. منهج القرآن منهج خالق النفس العليم بما يصلحها. فهل آن الأوان أن نفسح المجال لكتاب الله أن يصلح ما فسد منا بدلا من هذا التغريب والانسلاخ والتراجع؟!