كانت ولا تزال حصيلتي عن عالم الجن لا تتجاوز كونها خيالات مخيفة لبث الروع.. بالصغار.. ومن لم يطع كبيرا له.. فالجن بالسرير ويا لبئس المصير.. كل هذا لمساء يقضيه الكبار بعيدا عن الضوضاء.. مما يجعل أولئك الجن من أهم أدوات الضبط الفعالة.. لضوضاء الصغار.. ولا أدري حتي الآن أي مفتر أرشدهم لممارسات عدوانية كهذه.. لا تعلم عنها لجان حقوق الإنسان شيئا.. أما كان الأحري أن يكفوا عن الإنجاب من الأصل.. ليهنأ مساؤهم البايخ.. بكومة فحم متقد ثقيل دم.. ودلال خصرها نحيل.. يسفون منها لين قبل الفجر.. هذه سهراتهم.. وذبحونا ترويعا..! الحصيلة عن الجن تشكلت برءوسنا فيما بعد علي أيدي بعض القراء المعالجين.. لعشاق مؤذين يسكنون أبدان من لا يجيبون داعي الله.. وأظنها ذريعة جيدة لنقل المسئولية عن تصرفات يقوم بها بعض الإنس.. لكن.. لم أدر وأنا صغيرة.. أن ملعقة عسل ستقوم بمقام أسيادنا من الجن.. حتي هددني ابن أخي ذو ست السنوات.. أمس.. بملعقة عسل إن لم أمسك بفرخ صغير.. اشتراه من شاطيء العزيزية بمدينة( الخبر).. والغالب علي ظني أن هذا الفرخ كان فلذة كبد دجاجة أو قطعة من قلب بطة.. بالعربي فرخ مجهول الهوية سرح به بائع جائل بسواحل المنطقة الشرقية.. ليأتي به تميم الصغير علي أعين الناس تعزيرا وفتكا.. فقد تضاربت الأنباء عن مصير إخوة له اشتراهم تميم من نفس المكان.. أحدهم أفلت من سيارة أمه قبل أن يطأها بمخلب.. وآخر وضع بجيب السائق ليصرفه عن حياة كلها شقاء بقبضة تمومي.. وثالث جاد بنفسه.. قبل أن يحل ضيفا موش عزيز أبدا.. في بيتهم. القصد.. حين سألت أم تميم عن سر ملعقة العسل أخبرتني بأن هذا الصغير كان يعاند النوم الباكر.. حتي اهتدت هي وأبوه إلي ملعقة عسل.. كانوا يجبرونه علي تناولها في الصباح ويتأفف هذا الصغير منها فما كان من هذين الأبوين الفذين.. إلا جعلها تهديدا.. وبالتالي أصبح هو يمارسها علي كل من يرفض له مطلبا.. كمطلبه أن أمسك بطير لا أصل له ولا فصل.. وما عهدت نفسي والله إلا وضاحة التفاصيل.. فكيف لي أن أمسك بشيء لا أدري عن ماهيته؟ فهل يعقل أن أعاقب.. لمجرد أني أبتعد عن كل مجهول بالنسبة لي..؟ ولكن.. نلت أنا علقة سكرية المذهب.. وأعتقد بأني سأذيقها.. من يخالفني.. إن بات يوما وهو رافض لمطالبي.. فهذه حياتنا.. إننا نلعب نفس الأدوار كلما حل بأيامنا مجهول.. ولا ندرك أننا مجرد حصيلة كدسها الكبار بعقولنا الصغيرة.. منها عقوبة العسل.. الجديدة هذه.. والتي أظنها من أسوأ عقوبة علي الإطلاق.. وسنحفر أخدودا بالمستقبل.. لنوقع حتي السكر بمغبة المر؟