أحيانا يجذبك العنوان إلي قراءة الكتاب.. كذلك أحيانا ما يجذبك اسم العمل الفني إلي مشاهدته.. وهذا ماحدث لي, وقادني إلي ساحة دار الأوبرا حيث مسرح الهناجر لمشاهدة مسرحية الخلطة السحرية للسعادة ولأن العنوان جميل وموحي ومشوق فقد أعددت نفسي لمشاهدة عرض علي مستوي ذلك العنوان. كان أرسطو معلما للإسكندر الأكبر.. ولأنه فيلسوف عظيم فقد علم الإسكندر وهو قائد وفاتح عظيم أيضا ألا يهدم الدول التي يفتحها كسابقيه من الغزاة, وإنما يبني.. فالهدم سهل ولكن الصعب والباقي هو البناء.. ولذلك فقد أنشأ الإسكندر الأكبر أكثر من عشرين مدينة.. علي مستوي العالم سميت باسمه واسكندريتنا واحدة منها. قدم شادي الدالي مخرجا وكاتبا مسرحيته التي تحمل عنوانا أكبر من محتواها ولعله عنوان ساحر أكثر منه عنوان دال في شكل لوحات جمالية أبرزتها الإضاءة, والتشكيل اللذان يحسبان له.. وقام بهذا التشكيل مجموعة من الفنانين والفنانات الشباب يخرجون مابداخلهم عن طريق الحكي المباشر وهو في الأشمل معاناتهم النفسية داخل مجتمع يتخفي أفراده وراء أقنعة خادعة, ومزيفة حتي ليكاد المجتمع كله يصبح مصحة نفسية كبيرة لايصل أفرادها إلي درجة الصحة! وإنما هم عائشون ومتعايشون وعليك أن تحيا معهم.. أما الخلطة السحرية للسعادة فهي الطائر الذي يحلق عاليا في الفضاء, ولا تطوله الأيدي.. وأما مانراه حولنا فهو الخلطة السحرية للتعاسة! هل هذا ما أراد المخرج الكاتب أن يقوله؟ وهل وصل للمشاهد؟ أم أن الفجوات الظلامية بين اللوحات كانت تقطع حبل التواصل أكثر مما كانت نقلات ضوئية؟ كان الممثلون يوجهون كلامهم مباشرة للمشاهد ولم يكن جديدا مايراه أو يسمعه.. ولذلك كان المشاهد يركز علي جماليات العرض والتي نجح شادي الدالي في امتاع عيون المشاهدين بها.. ولكن ماذا تريد أن تقول ياشادي؟ هل تريد أن تقول إن الحياة حولنا معتمة وقاتمة تدور داخل خيمة سوداء مظلمة؟ وأن خلطة السعادة وهم؟ ولا أمل وهل هذا هو دور الفن؟ حين خلقت الآلهة الانسان حسب الأسطورة القديمة جلست كل الشرور المحتملة داخل صندوق محكم رحمة به لكن الانسان.. يقوده حب الاستطلاع أخذ يتلصص علي مافي الصندوق مرة بعد مرة فكانت الشرور تطير تباعا حتي طارت جميعا. وملأت الحياة شرا وتسربت إلي داخل, ولم يبق فيها داخل الصندوق إلا فراشة وحيدة.. وأخيرة أغلق عليها الانسان الصندوق حتي لاتطير تلك هي: فراشة الأمل. أجاد الفنانون جميعا تمثيل أدوارهم كما كتبت لهم أسماء أبو اليزيد ورحمة أحمد ومحمد حفظي وأميرة رضا ومحمد سعداوي وفهد إبراهيم. أما فاطمة محمد علي التي قامت بدور السيدة الثرية التي تتباهي بوضعها الاجتماعي وتؤديه غناء واستعراضا.. فهي تستحق أن تكون نجمة قادمة للمسرح المصري.. حيث إنها تملك كل مقومات النجمة.. ينقصها فقط العمل الكبير الذي تظهر فيه كل مواهبها الكامنة والظاهرة. مع تحياتنا إلي الفنان محمد الدسوقي مدير مسرح الهناجر الذي يعطي الفرصة لشباب الفنانين ليقدموا تجاربهم الفنية.