قابلتها بعد سنوات من الغياب سألتها عن ابنتها هبة..أجابت بحسرة:في البيت محبوسة وأنا معها,سألتها عن السبب خاصة وإني ساعدتها في إلحاق هبة بمدرسة بها فصل لذوي الاحتياجات الخاصة منذ8 سنوات وقتها كان سن هبة7 سنوات أجابت أن السبب أن الفصل مختلط بنين وبنات وتحدث حوادث عنف واعتداء,فالمدرسة تعجز عن السيطرة,وحوادث الاعتداء قد تحدث خارج الفصل أثناء الخروج أو داخل الحمامات,إضافة إلي المعاملة السيئة من الأطفال الطبيعيين بالمدرسة بل ومن بعض المدرسين تجاه الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة,وتحول الفصل إلي مجرد مكان لإيواء الطفل وليس تعليمه,قلب الأم دفعها لإخراج ابنتها من المدرسة قبل أن تصل لسن البلوغ,عزلة هبة ليست داخل المدرسة التي انسحبت منها وإنما أيضا داخل العائلة بسبب التصرفات غير المسئولة التي تصدر عنها ولا يحتملها أقرب الناس,ونتيجة لذلك قررت الأم ألا تصطحب هبة في الزيارات ولا تستضيف أحدا داخل منزلها,وحتي تراعي هبة لم يكن أمام الأم إلا الاستقالة والتفرغ لابنتها التي اكتشفت حبها للموسيقي والغناء. للأسف الشديد عدم نشر ثقافة دمج الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة لا يترتب عليه عزله فقط ولكن عزل أسرته. حكاية هبة تشبه حكايات كثيرة يعاني أصحابها من العزلة وجفاء المجتمع,وهو ما يعطي أهمية لورشة العمل التي نظمها المجلس العربي للطفولة والتنمية تحت عنوان دمج الطفل العربي ذي الإعاقة في التعليم والمجتمع الأسبوع الماضي,وذلك إعمالا لحقوق هؤلاء الأطفال المنصوص عليها في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية,التي تكفل الحصول علي فرص عادلة في التعليم والصحة والثقافة والفن. وتهدف الورشة إلي إعداد مدربين مؤهلين للاضطلاع بمهمة تطوير معرفة ومهارات وإتجاهات المعلمين تجاه الأطفال ذوي الإعاقة ورعايتهم بما يدعم قيامهم بأدوارهم في دمج هؤلاء الأطفال في التعليم والمجتمع,وتضمن البرنامج التدريبي عدة محاور منها التجارب الأجنبية والعربية في التعليم الدمجي لذوي الإعاقة البصرية والسمعية والحركية وذوي الاضطراب ومرضي التوحد. استهدف البرنامج التدريبي المعلمين والعاملين في المؤسسات التعليمية بالدول العربية,والاخصائيين والعاملين بمراكز رعاية ذوي الإعاقة وتأهيلهم. الورشة بداية لعمل مستمر يهدف لدمج المعاق يشارك فيه عدة جهات المجلس العربي للطفولة والتنمية,وبرنامج الخليج العربي للتنمية,وجامعة الدول العربية,والمنظمة الكشفية العربية,والبنك الإسلامي للتنمية,والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية,والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إسيسكو. دمج الطفل المعاق مسئولية مجتمع فليس من الإنسانية عزل ملايين الأطفال المعاقين,لأن المجتمع عاجز عن التعامل معهم وفهم احتياجاتهم فأهم العقبات التي واجهت تجربة دمج الأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة بمدارس التربية والتعليم في مصر هو رفض أولياء أمور الأطفال الأصحاء دمج أطفالهم مع الأطفال ذوي الإعاقة سواء كان الدمج جزئيا أو كليا رغم أن الدمج يحقق هدفا تربويا لصالح أطفالهم لأنه يحرك داخلهم مشاعر الحب والعطف ويدربهم علي تحمل المسئولية ويطلعهم علي حياة أشخاص يشاركوهم الحياة,إضافة لصعوبات تتعلق بتجهيز القاعات الدراسية وتدريب المعلمين. تأهيل المجتمع علي دمج الأطفال ذوي الإعاقة يحتاج إلي دور من الإعلام والسينما والأعمال الدرامية منذ سنوات شاهدت فيلما أمريكيا بطله طفل من ذوي الإعاقة الذهنية طفل بين بين تدور أحداثه حول حيرة الأسرة في البحث عن مدرسة تناسبه ليندمج مع أقرانه,فيلم يحمل رسالة عن معاناة أسر الأطفال ذوي الإعاقة,ويحمل توعية بحقوق هؤلاء الأطفال نحتاج هذه النوعية من الأفلام لنشر ثقافة دمج ذوي الإعاقة. يستحق المجلس العربي للطفولة والتنمية وكل من شارك في إعداد ورشة العمل الشكر لأنه اتخذ الخطوة الأولي في طريق فك العزلة عن الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم. [email protected]