مؤامرتان كبيرتان تحاكان لنا وحولنا كوطن وكأمة, بعلم ومعرفة وتحيطان بنا طيلة الوقت منذ القدم ونحن لا نعيرهما التفاتا: الفوضي والبربواجندا. ورغم السعر الباهظ وفداحته,فإن الأمور تتكرر معنا وكأننا نعاني من فقدان للذاكرة..كلاهما أسلحة دمار شامل لابد أن نعي أثرها,ونعد لها من قوة. يخطيء البعض في تسمية البروباجندا بالشائعة..الترجمة العربية الصحيحة لها هي الإرجاف أو الرجف..هكذا وردت في القرآن الكريم:لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينةلنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا( الأحزاب:60 61) يعرف الراغب الأصفهاني الرجف بأنه الاضطراب الشديد وأن المرجفين في المدينة هم الذين يولدون الأخبار الكاذبة التي يكون معها اضطراب في الناس والأحوال,ويقال الأراجيف ملاقيح الفتن, أي أن البروباجندا تصير ريحا لحمل الفتن ونشرها. إذا البروباجندا إشاعة قوية تسبب فتنة تشبه الحريق وتحدث رجة تشبه الزلزال علي مستوي كبير في وقت قصير جدا..الدنيا كلها..أمة..وطن بالكامل..مدينة كبيرة..قرية صغيرة..إلخ. من الخطأ ترجمتها بكلمة إشاعة, لأن الإشاعة تعني مجرد خبر كاذب,وهي ليست مجرد ذلك. إشاعة أن نقول فلان تزوج بفلانة أو أنه أحب فلانة وأحبته وأن فلانا سافر أو هاجر,ولكن بروباجندا تعني زلزالا مرجفا واسع الإنتشار. إذا الإشاعة إستاتيكا والبروباجندا ديناميكا..أو أن الإشاعة قنبلة يدوية والبروباجندا قنبلة ذرية. ومنها يتضح لنا ان ثلاثة شياطين يعملون في آن واحد في السر والعلن علي زعزعة الاستقرار ونشر الفساد والتخريب..فالمرجفون يتساوون مع المنافقين ومرضي النفس والقلب في أنهم يعانون من ارتجاج القلوب وبالتالي فهم لا يدركون حجم الدمار الذي تحدثه أعمالهم. أول مرة ظهرت فيها كلمة بروباجندا في الغرب كانت عام1622, وهو تاريخ تال لنزول الوحي قبلها بشأنها. من هنا يمكن أن نقول إن ثقافتنا الحقيقية سابقة للغرب في هذا الصدد,ولكن الغرب يطور ويحسن ونحن دائما في تراجع واسترخاء..كان ذلك عندما أسس البابا جريجوري الخامس عشر تجمعا لنشر العقيدة وإقناع عدد كبير من الناس بأفكار معينة. من هنا يتبين لنا أن تاريخ البروباجندا قديم,ولكنها أصبحت ذات أهمية قصوي في القرن العشرين وخصوصا منذ اندلاع الحرب العالمية الأولي,وقبل اندلاع الثانية عندما عين هتلر جوزيف جوبلز وزيرا للبروباجندا في عام1936 والذي أسس بحق العديد من مباديء البروباجندا,والتي اتبعتها ألمانيا النازية خلال حكم النازية. بعده بعام واحد أنشأ إدوارد فيلين ومجموعة صغيرة معه بمدينة بوسطنالأمريكية معهدا أسماه معهد تحليل البروباجندا كان القصد منه تعليم الشعب الأمريكي طرق استبيان أساليب البروباجندا..لم يدم هذا المعهد وانتهي عام.1941 رغم ذلك العمر القصير,فإنه ترك آثارا بالغة الأهمية في فهم أساليب البروباجندا في كل المقروء والمسموع والمكتوب من خلال دراسات أجراها عن كيفية اكتشاف البروباجندا وذلك من خلال أساليب وطرق قياسية منها..استخدام المرجف للشعارات وإلصاق التهم بالآخرين وركوب الموجة مع الراكبين والتعميم في القول. الأمر ببساطة أنك تستطيع استبيان البروباجندا بيسر وسهولة عندما تعرضها لتلك المفاهيم. نحن الآن لا نستقبل وحيا من السماء بخصوص ما يحاك ضدنا في السر والعلن,وأن القوي العظمي دائما تجند المرجفين في كل مكان لها به مصالح إستراتيجية,ولكننا يجب أن نستفيد من الوحي الخالد الذي نزل..منه يجب أن نفهم ونعي أن البروباجندا هي السلاح الأهم لنشر الفوضي,يجب أن نعد لهما قوة المواجهة بالعلم والبحث والمعرفة وكل ما نستطيع..إضافة الي ذلك يجب أن نستفيد من التجارب التاريخية للآخرين حتي ولو كانوا أعداء,ولابد أن نأخذ بالأسباب ونتبع طريق العلم, إذا أردنا أن نبقي. الجامعة البريطانية في مصر