المحنة التي يعيشها الشعب العربي الأحوازي في إيران والذي يقدر تعداده ب12 مليون نسمة لا تقل في بشاعتها عن محنة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي, فكلاهما( الأحوازيون والفلسطينيون) سلب منهما وطنهما, وشردا من ديارهما, وسرقت أراضيهما بكل ما تذخر به من ثروات, وكلاهما يعاني مرارة وذل الاحتلال من قتل وتعذيب وتنكيل وتضييق في سبل العيش, واضطهاد ديني, وتمييز عرقي, ولم لا.. وقناعة الإيرانيين تسكنها غطرسة تاريخية تجاه كل ما هو عربي, وما زالوا يذكرون بكل كراهية كيف انهارت امبراطوريتهم علي أيدي جيوش الفتح العربية, والتي لا تختلف كثيرا في جوهرها عن الأساطير اليهودية التي تقول بنقاء جنسهم وتفوقه وأنهم شعب الله المختار- علي حد زعمهم. وليس مستغربا أن تتشابه الممارسات الإيرانية القمعية ضد عرب الأحواز, مع ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة, فالعلاقات بين البلدين( إيران وإسرائيل) علي أحسن ما يكون, رغم الحروب الإعلامية المفتعلة بينهما, ومزاعم قادة إيران بمناصرة القضية الفلسطينية, وإعلانهم عزمهم مسح إسرائيل من علي الخريطة باعتبارها ورما سرطانيا في المنطقة!!. بلاد فارس التي تغير اسمها إلي إيران لم تكن تطل بأي سواحل علي الخليج العربي حتي اكتملت المؤامرة المشتركة بينها وبريطانيا التي ابتلعت بموجبها الأحواز العربية عربستان في عام1925, وحققت بذلك أحلامها التوسعية باحتلال هذا البلد العربي اللغة والهوية والثقافة واللسان, واستولت علي سواحله كاملة لتدعي بعد ذلك أن الخليج العربي هو خليج فارسي, وتبعتها في هذه المزاعم منظمة اليونسكو بتسمية الخليج العربي الخليج الفارسي علي خرائطها. أما تفاصيل احتلال الأحواز فترجع إلي مكيدة رخيصة دبرتها كل من فارس وبريطانيا بدعوة آخر أمراء الأحواز الشيخ خزعل الكعبي إلي حفل علي متن يخت بريطاني في شط العرب, حيث تم اعتقاله مع مرافقيه علي أيدي مجموعة من الضباط البريطانيين والفرس, ثم اقتيد إلي سجن في طهران, فيما بدأت قوات رضا خان بهلوي بالهجوم العسكري علي الأحواز واحتلالها بمساعدة بريطانية..هذه تفاصيل المؤامرة باختصار. وبابتلاع إيران الأحواز العربية بموقعها البالغ الأهمية من النواحي الاستراتيجية والجغرافية والاقتصادية والسياسية والتجارية, أصبحت وللمرة الأولي علي اتصال مباشر بالعالم الخارجي من خلال سواحل الأحواز الطويلة علي الخليج العربي, ومكن الإيرانيين من الاستيلاء علي ثروات الأحواز النفطية من بترول وغاز طبيعي تم اكتشافهما بكميات هائلة عام1908, والتي مثلت الدافع الأهم لاحتلالها, فالنفط الأحوازي يشكل87% من إجمالي إنتاج إيران النفطي, فيما يشكل الغاز الأحوازي90% من إجمالي إنتاج الغاز الإيراني, وبهاتين الثروتين الطبيعيتين تبوأت إيران مركزا متقدما بين دول العالم في إنتاجهما. كما أن74% من الطاقة الكهربائية الإيرانية يتم إنتاجها من المصادر الطبيعية الأحوازية, يضاف إلي ذلك وفرة المياه في الأحواز حيث تمر بها خمسة أنهار كبري أهمها الكارون والكرخة والجراحي وتمثل مياهها نصف المخزون المائي الإيراني. ولا تقتصر أهمية الأراضي الأحوازية المحتلة علي الموقع الاستراتيجي المهم والثروات الطبيعية, ولكنها تعد سلة الغذاء الأهم لدولة الاحتلال( إيران) بسبب خصوبة أراضيها مما جعلها توفر نصف إنتاج إيران من القمح, و40% من مجمل إنتاجها من الحبوب, و90% من إنتاجها من التمور التي تنتجها14 مليون نخلة أحوازية. محنة الأحوازيين لم تتوقف عند احتلال أراضيهم وضياع ثرواتهم, بل تتجاوز ذلك إلي ما يتعرضون له من ظلم وقهر علي أيدي سلطات الحكم العسكري الفارسي, بغرض طمس هويتهم. من خلال منع بمنع تدريس اللغة العربية, ومصادرة كل ما لديهم من كتب, وفرض التعليم والتعامل باللغة الفارسية حتي في المحاكم الأحوازية, وحرمان الشعب الأحوازي من حقه في تقرير مصيره, ومن أبسط حقوقه السياسية, وتغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي الأحوازية بمنحها لإيرانيين, فضلا عن التوسع في بناء مستوطنات فارسية في المناطق العربية. كما تقوم سلطات الاحتلال الإيرانية بتفريس حياة الأحوازيين. من خلال بتغيير أسماء المعالم والمدن والشوارع العربية إلي الفارسية, وكذا تغيير ملامح المدن العربية, واقتطاع بعض الأراضي وضمها إلي المدن الإيرانية المجاورة والتهجير القسري للأسر العربية إلي مناطق أخري وإحلالهم بأسر فارسية, وهو المنهج نفسه الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلية في المدن الفلسطينية المحتلة. بل وتتوسع السلطات الإيرانية في ممارسة أبشع أساليب القمع والاضطهاد بحق السكان العرب, وتبالغ في فرض ضرائب باهظة علي عرب الأحواز, ومن يعترض منهم لا يجد إلا التشريد والاعتقال والقتل والملاحقة والإعدام. هذه بعض ملامح حياة عرب الأحواز تحت الاحتلال الإيراني, والتي تكشف الكثير من عدوانية وعنصرية وظلم المحتل الإيراني لأصحاب الأرض الأصليين, والأغرب أن حملات القمع والترهيب والإعدام تضاعفت بعد وصول الملالي للحكم في الجمهورية الإسلامية!!.