بعد يوم من المناقشات الجادة وعبر سلسلة من الجلسات اختتم منتدي فرص الاستثمار بين مصر والسعودية أعماله أمس لتبدأ مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية عنوانها تحويل ما تم الاتفاق عليه إلي مشروعات وبرامج عمل علي الأرض وفي هذا السياق تبدأ الحكومة المصريةعبر الوزارات المعنية وضع آلية متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه, حيث تشهد الأيام المقبلة سلسلة اجتماعات حكومية لوضع خطة عاجلة لتذليل معوقات الاستثمار والتي تم حصرهاخلال مناقشات المنتدي في تراخيص الحصول علي الأراضي, وبعض المعوقات الإدارية وهي تمثل نحو20% فقط من خدمات الاستثمار وفي هذا السياق تبدأ وزارتا التجارة والاستثمار في دراسة ما تم الاتفاق عليه خلال المنتدي للتيسير علي المستثمرين في البلدين خاصة ما يتعلق بتذليل عقبات الاستيراد والتصدير ودعم الاستثمار المباشر بين البلدين وكذلك تبادل استثمارات القطاع الخاص وكذلك في مجال التجارة الإلكترونيةمع البدء في إنشاء قاعدة بيانات للاستثمار الزراعي خاصة في ضوء رغبة عدد كبير من المستثمرين في ضخ استثمارات كبيرة في هذا المجال كما تقرر تشكيل لجنة بالاستثمار لمتابعة المشروعاتالسعودية مع الجهات الحكومية والعمل علي تذليل العقبات أمامها حتي تري النور. وأشاد المهندس طارق قابيل وزير الصناعة والتجارةبالنتائج التي اسفرت عنها الاجتماعات المصرية والسعودية سواء علي الجانب الرسمي عبر اجتماع اللجنة المشتركة أو علي مستوي رجال الأعمال مشيرا إلي أن المرحلة المقبلة ستشهد طفرة كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية سواء في التجارة أو الاستثمار. وأكد أن مشروع تنفيذ جسر الملك سلمان, يعد من أهم النتائج التي أسفرت عنها زيارة خادم الحرمين الشريفين, مشيرا إلي أنه يعد من أهم الجسور البرية التي ستربط السعودية بمصر عبر البحر الأحمر سيسهم في دعم تدفق وانسياب حركة التجارة والاستثمارات بين البلدين وسيسهل من الوصول إلي أسواق أخري عبر البلدين وهو الأمر الذي سينعكس إيجابا علي تنمية التجارة بين مختلف الدول العربية والأجنبية. كما أشاد قابيل بجهود رجال الأعمال في البلدين لبناء تعاون اقتصادي مثمر, فضلا عن الإشادة بالجهود المبذولة من قبل منظمات الأعمال في البلدين لدعم العلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين ولعل تنظيم المنتدي خير دليل علي ذلك لاستكمال الجهود المبذولة لتعريف رجال الأعمال من الجانبين بفرص التعاون المتاحة, مؤكدا أن التواصل المستمر بين حكومتي البلدين. وأضاف المهندس طارق قابيل أن العلاقات المصرية السعودية تمثل رمانة الميزان لاستقرار الوطن العربي سياسيا واقتصاديا, لافتا إلي أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تأتي تجسيدا للروابط الوثيقة التي تربط شعبي البلدين وتمهد لدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلي آفاق أرحب. وكان الوزير قد تحدث أيضا أمام المنتدي, مشيرا إليأهميةالزيارة التاريخية لجلالة الملك سلمانوالفعاليات المصاحبة لها حيث تعكس عمق العلاقات الإستراتيجية بين البلدين الشقيقين كما تمثل قوة دفع هائلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية المشتركة خاصة في ظل التحديات الإقليمية والعالمية التي تحتم السعي نحو مزيد من التكامل والاندماج الاقتصادي لتحقيق المنفعة المشتركة لكلتا الدولتين, مشيرا في هذا الصدد إلي أهمية الدور الذي يلعبه رجال القطاع الخاص في الجانبين لتحقيق التنمية المنشودة من خلال الشراكة والاستثمار في مشروعات مشتركة تعود بالفائدة علي البلدين, وتحفز النمو الحقيقي لاقتصادهما, وتوفر المزيد من فرص العمل, وهو ما يلقي بمسئولية كبيرة علي الحكومتين لتوفير سبل توطيد وتطوير مثل هذه الشراكة وتمهيد الطريق لها وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية. وقال قابيل إن الحكومة المصرية حرصت خلال الفترة الماضية علي تطبيق خارطة طريق اقتصادية تضمنت مزيجا من الخطوات العاجلة والإصلاحات الهيكلية الضرورية شملت إصلاحات في السياسة المالية والضريبية وترشيد الدعم وإصدار تشريعات جديدة لجذب الاستثمار والبدء في تنفيذ مخطط قومي للتنمية العمرانية وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة التي تعتبر قاطرة لإنعاش الاقتصاد المصري ولعل أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة, والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وإنشاء أكثر من5000 كم من الطرق وبناء العديد من محطات الطاقة وتوسيع3 موانئ وبناء3 موانئ أخري وبناء3 مدن جديدة بما فيها العاصمة الإدارية الجديدة ومشروع مدينة دمياط للأثاث ومشروع المثلث الذهبي ومشروع المدينة الصناعية للجلود الروبيكي. وأشار الوزير إلي أن الاقتصاد المصري واجه خلال السنوات الخمس الماضية تحديات ومصاعب كثيرة تطلبت اتخاذ خطوات جادة نحو استعادة الثقة في الاقتصاد المصري عن طريق تطبيق إصلاحات تتسم بالشمولية والجدية وهو ما أسفر عن تحقيق بعض النتائج الإيجابية حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي4.2%, وتستهدف الحكومة الوصول بمعدل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلي6% مع نهاية العام المالي2018-2019, والعمل علي تخفيض العجز المالي إلي8.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وحول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذه التحديات أوضح قابيل أن الحكومة قامت باتخاذ بعض الإجراءات الإصلاحية لتسيير مناخ الأعمال بما يسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية شملت موافقة مجلس الوزراء علي إصدار قانون ضريبة القيمة المضافة(VAT) الذي سيعود بآثار إيجابية علي بيئة الأعمال في مصر, وتحسين الإيرادات الضريبية ودمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي, كما يجري إنشاء شبكة إيجي تريد(EgyTrade) لتسهيل إجراءات التجارة وربط كل الهيئات والأجهزة الحكومية المعنية بالتجارة إلكترونيا, مثل الموانئ والجمارك والرقابة علي الصادرات والواردات وتعديل قانون المناقصات والمزايدات المصري ليراعي اعتبارات الجودة والتنافسية وإجراءات الشفافية وتقليل الاعتماد المطلق علي عنصر الأسعار. وأكد أن الإجراءات شملت أيضا العمل علي حل مشكلات تخصيص وتسعير الأراضي الصناعية, من خلال طرح أراض صناعية جديدة في مدن عديدة مثل قويسنا, المنيا, العاشر من رمضان, بدر, والفيوم والعمل علي إصدار مشروع قانون لتسهيل إجراءات تراخيص المنشآت الصناعية ومنع التضارب والتداخل بين مختلف أجهزة الدولة, بحيث تستغرق إجراءات استخراج الرخصة30 يوما فقط, والاكتفاء بالإخطار للصناعات التي لا تحتاج موافقة مسبقة, كما تعمل الحكومة حاليا علي مسودة جديدة لقانون العمل يعيد تعريف حقوق وواجبات العمال وأصحاب العمل بما يضمن الكفاءة في الأداء وحسن الإدارة ووضع خطة لدمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد القومي من خلال تقديمالعديد من الحوافز المالية والتشريعية مع مراعاة الدروس المستفادة من البرامج السابقة, هذا فضلا عن موافقة مجلس الوزراء علي إجراء تعديلات في قانون سجل المستوردين والذي من شأنه السماح للأجانب بالاستيراد المباشر. وأشار قابيل إلي أنه في ظل المتغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي فإن مصر بما تملكه من مقومات وإمكانات تعد أحد أهم مقاصد الاستثمار إقليميا ودوليا, فالمستثمر الجاد يسعي لأرض صلبة, واستثمارات آمنة, وهذا ما يتوافر في مصر حيث توجد فرص استثمارية واعدة في التجارة والصناعة والزراعة والسياحة والبنية التحتية والعقارية, كما تتوافر إرادة حكومية ميسرة لمناخ الاستثمار,وداعمة للمستثمر الجاد, تحل مشاكله, وتسعي جاهدة لمنعها بإصلاحات إدارية وتشريعية مستمرة, هذا فضلا عن تحول ديمقراطي داعم للاستقرار بعد الانتهاء من خارطة الطريق السياسية واستكمال مؤسسات الدولة الحديثة ولفت الوزير إلي أن الحكومة قد بدأت تلمس نتائج إيجابية للجهد الذي بذلته خلال الفترة الماضية علي مختلف مؤشرات الأداء الاقتصادي من خلال نشاط البورصة المصرية وحدوث زيادة ملحوظة في معدلات الاستثمار الأجنبي والذي بلغ خلال العام المالي2015/2014 ما قيمته6.4 مليار دولار وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في استعادة الاقتصاد المصري لاستقراره ونشاطه, فضلا عن تحسن تصنيف الاقتصاد المصري من قبل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية ورفع المؤسسات المالية لتوقعاتها بشأن معدلات النمو المستقبلية في مصر. وأوضح أن إستراتيجية وزارة التجارة والصناعة تستهدف تعميق الصناعة المحلية وتنميتها بمعدل8% سنويا, لتصل نسبة مساهمة الصناعة إلي22% من إجمالي الناتج القومي وبما يسهم في توفير3 ملايين فرصة عمل, هذا فضلا عن المساهمة في تحقيق تكليفات الرئيس للحكومة والتي تتضمن زيادة الناتج القومي بمعدل1.5% سنويا إلي جانب تقليل كل من معدلات البطالة وعجز الموازنة بنسبة1.5% سنويا ودعا قابيل قطاع الأعمال السعودي لضخ المزيد من الاستثمارات في السوق المصرية والاستفادة من الفرص المتاحة خاصة في ظل موقع مصر المتميز والذي جعلها مركزا للتصنيع من أجل التصدير إلي أكثر من16 مليار مستهلك في مناطق التجارة الحرة التي انضمت إليها مصر بدون جمارك أو حصص متضمنة الوطن العربي, ودول الاتحاد الأوروبي, والافتا, والكوميسا, والولايات المتحدةالأمريكية وتركيا, وقريبا الميركوسير والاتحاد الأورواسيوي, لافتا إلي توافر فرص استثمار واعدة في العديد من المجالات منها الصناعات الغذائية, ومواد البناء والتشييد, وصناعة الأثاث, والصناعات الدوائية والبتروكيماويات, واستصلاح الاراضي, ومشروعات الطاقة بالإضافة إلي إمكان التعاون المشترك في أسواق دول ثالثة خاصة في قطاع البناء والتشييد ورواد الأعمال, وسيكون الضمان الأكيد والعامل الرئيسي لتوثيق الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين بما يؤدي لتحقيق المنفعة المشتركة المنشودة. وحول العلاقات التجارية بين مصر والسعودية أوضح الوزير أن العلاقات المشتركة شهدت تطورا سريعا خلال الفترة الأخيرة حيث انعكست جهود التنسيق والتشاور المستمر بين حكومتي البلدين بصورة إيجابية علي حركة التجارة البينية وهو ما أدي إلي ارتفاع حجم التبادل التجاري في عام2015 إلي ما قيمته6.3 مليار دولار أمريكي مقابل5.3 مليار دولار في عام2013, كما بلغت الاستثمارات السعودية في مصر نحو6 مليارات دولار في أكثر من3400 مشروع استثماري, بينما بلغت الاستثمارات المصرية في المملكة نحو2.5 مليار دولار في أكثر من1300 مشروع استثماري برأس مال مصري, لافتا إلي أهمية بذل المزيد من الجهود لتحقيق التكامل الاقتصادي بين أكبر بلدين في الوطن العربي حيث تمثل الصادرات المصرية نحو1% من إجمالي الواردات السعودية وتمثل الصادرات السعودية نحو5% من إجمالي الواردات المصرية. وكان منتدي فرص الأعمال السعودي المصري قد صدر عنه12 توصية قي ختام أعماله أهمهاإنشاءجهازللاستثمار الأجنبي المباشر الثنائي بين المملكة العربية السعودية ومصر, بالإضافة إلي البحث عن فرص استثمارية جديدة في القطاعات الاقتصادية المهمة بين البلدين. كما أوصي المنتدي بضرورة تطوير آلية عمل مجتمع الأعمال في المملكة العربية السعودية ومصر علي أسس معرفية وعلمية, مع إنشاء مشروعاتمشتركة في قطاعات التجارة. وأوصي المنتدي بتشجيع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لإنشاء علاقات تجارية بين أسواق السعودية ومصر, وتفعيل مبادرة الربط الإلكتورني لتنظيم العمل وتشغيل العمال المصريين في السعودية مع إنشاء قاعدة بيانات للاستثمار في الزراعة.