شق قرص الشمس سحب السماء بمدينة أطفيح بالجيزة, وحركت نسمات الصباح أفرع الأشجار في ود رفع أصوات الأوراق, وهي تتشابك وتسقط, وبدا واضحا معها أصوات من هبوا لرزق الصباح, كل متجه إلي عمله, ورفع من قابل منهم جاره بالسلام ومنهم عم بحيري الذي اعتاد الأهالي وجوده عقب فجر كل يوم في أرضه يقسم الأحواض, ويسقي الشجيرات اشتهر عم بحيري بطوله الفارع, وصحته الوافرة, ويتندر عليه جيرانه, ويحكون عن قوة ذراعيه بالرغم من تجاوزه الخمسين, من عمره, يعرف سيرة عم بحيري أقرانه وكبار السن بقرية صول, وهي سيرة كلها كفاح, في أرضه, وراء لقمة عيشه, بالرغم من عدم تحديد سر وجود أموال بين يديه باستمرار.. إلا أنهم أرجعوا ذلك بالبركة في رزقه.. واكتفوا بهذا التفسير.. وأمس فقط تغيرت كل المعلومات عن عم بحيري, وعاش الأهالي صدمة مازالت تبعاتها, مستمرة, حتي كتابة هذه السطور بدأت الواقعة بعد ضبط صبي بأحد الأكمنة بميدان الجيزة, بحوزته, فرد خرطوش محلي الصنع كان السؤال الأول من ضابط الواقعة المقدم هاني إسماعيل رئيس مباحث أطفيح عن مصدر السلاح ؟.. لم يحتج الضابط إلي إعادة السؤال عقب نظر الصبي إلي عين الضابط الحازمة, فأجاب علي الفور: من صول!.. ودونت المعلومة في تقرير نبطشية الضابط, ورفع التقرير إلي اللواء أحمد حجازي مساعد الوزير لأمن الجيزة, الذي أمر بوضع خطة بحث باشراف اللواء خالد شلبي مدير مباحث الجيزة, لكشف مصدر السلاح المصنوع بأيد شيطانية, واستمرت خطة البحث ليالي طويلة, مع مضاهاة القرائن وبحث المشتبه بهم.. حتي وقع فريق البحث علي معلومة تبدو عادية في مظهرها, إلا أنها تحتاج خبرة في فحصها, كانت المعلومة تخص عم بحيري المشهور بقوته الجسمانية.. وهي تعوده الذهاب إلي داره عقب صلاة الظهر ولايعود إلا فجر اليوم التالي.. كان العديد من المزارعين يشاركون عم بحيري, الراحة بعد الظهر ولكنهم يعودون, بعد ساعة أو اثنتين لإكمال مابدأوه منذ الفجر.. إلا عم بحيري, وبعد تكثيف المراقبة, والتيقن من اخفائه سر في داره, قررفريق البحث حسم أمره, وأعلن أحدهم بعد أن تخفي في هيئة غريب أنه يبحث عمن يصلح فرد خرطوش في السر.. وله أجر مجز, وهنا ظهرت صنعة عم بحيري المجرمة وأمسك الفرد بين يديه وهزه بحرفية شديدة, ونظر في فوهته, ووعد باصلاحه, وأن يسلمه في اليوم التالي بعد صلاة الظهر.. وكان اللواء أحمد حجازي مساعد الوزير لأمن الجيزة قد تلقي إخطارا من اللواء خالد شلبي مدير الادارة العامة للمباحث بورود معلومات تفيد قيام مزارع بالاتجار في الأسلحة النارية وإدارة ورشة للتصليح والتصنيع داخل مخبأ سري بمنزله بقرية صول. وكشفت تحريات العميد عبدالوهاب شعراوي رئيس مباحث قطاع الجنوب أن المتهم يدعي أحمد57 سنة ويقوم ببيع الأسلحة النارية للمسجلين خطر والبلطجية.. وأكدت التحريات التي أجريت بإشراف اللواء رضا العمدة اختفاء المتهم فترة بعد الظهر لمزاولة نشاطه الآثم وأنه يستتر بمزاولة مهنة الفلاحة بين الأهالي لئلا يشك أحد في أمره علي الفور تم استئذان النيابة العامة وتم إعداد مأمورية مكبرة بقيادة المقدم هاني إسماعيل رئيس مباحث مركز أطفيح وتم مداهمة منزل المتهم وعثر وبحوزته علي عدد من الأسلحة النارية ومعدات التصنيع وكمية من المواسير المستخدمة في تصنيع الفرود الخرطوش, و30 إبرة ضرب نار, و17 مقبض طبنجة,ومعدات التصنيع وهاتف محمول, وبمواجهة المتهم أمام اللواء رضا العمدة مدير المباحث اعترف بحيازته للمضبوطات بقصد الاتجار وبيع الأسلحة النارية للمسجلين خطر تم تحرير محضر بالواقعة وإحالته للنيابة التي تولت التحقيقات.