الاخلاق والسياسة وفلسفة الحكم! يحدثنا الدكتور إمام عبدالفتاح إمام يقول: لقد طلاب عمر بن الخطاب الناس عندما تولي الحكم بمراقبته ومحاسبته قال: من رأي منكم إعوجاجا فليقومه ما أنا إلا أحدكم ولقد كان عمر شخصية فذة عرف بالشدة والحزم.. فيما تولي الخلافة خاف الناس من شدته فصاح فيهم: ان الشدة قد زادت.. ولكن علي أهل الظلم والبغي.. أما أهل العدل والقصد فإنني أضع خدي علي الأرض حبا وإجلالا. * وماذا عن نظام الحكم الإخلاقي؟ يعتمد علي الملك الفاضل.. والراعي الصالح.. يجعل الشعب وهو صاحب المصلحة الأولي في النظام السياسي؟ بلا أدني قيمة إذ يضعه في الدرك الاسفل من النظام فليس لهم رأي ولا مشور.. إذ يكتفي بأهل الحل والعقد وعددهم ستة أو أربعة أو ثلاثة.. وليس للعامة شأن في اختيار الرئيس أو الخليفة لأنهم لا يستطيعون تقييم الناس وحسن الاختيار لهذا المنصب الكبير ويروي أن عمر أراد أن يعرض أمر الشوري علي جماهير الحجاج فذكره بعض الصحابة بأن الموسم يجمع أخلاط الناس.. وأيضا من لا يفهمون المقال.. فيطرون به كل مطار... وأنه يجب أن يرجئ هذا إلي أن يعود إلي المدينة فيلقيه علي أهل العلم والرأي.. ففعل.. وعندما إندلعت الجماهير عقب مقتل عثمان بن عفان. إلي علي ابن أبي طالب يريدون البيعة له وأدرك أن سيل الناس سيل شعبي.. فصاح فيهم: إن هذا الأمر ليس لكم.. انه لاهل بدر.. أين طلحة بن الزبير وسعد وقد ذكر ذلك في كتاب الدكتور أحمد شلبي السياسة في الفكر الاسلامي. * الوعي الذاتي هو أساس الحياة السياسية.. فما هو الوعي الذاتي؟ - الوعي الذاتي عنصر جوهري للاخلاق.. شعوري بذاتي.. واحساسي الداخلي الواجب لصفتي إنسانا عاقلا يجعل الالزام الخلقي داخليا وليس خارجيا.. خارجيا المقصود بها ان العادات والتقاليد التي تفرضه وهو أمر حاسم بالنسبة لقمة العمل الخلقي. . الوعي الذاتي هو أساس الذاتية الفردية.. هو يعبر عن ما هية الانسان الحقيقي.. انه اللامتناهي الحقيقي الذي يجعل للفرد قيمة وكرامة وقدسية.. ويفصله عن أشباه الطبيعة من ناحية وعن الحيوانات من ناحية أخري. - لهذا الوعي الذاتي الذي يشكل أساس الذاتية والفردية مفقود في مجتمعنا فقد سرقت النظم السياسية منذ أقدم العصور والجزء الثاني من هذا الوعي هو دعامة التفكير العلمي. ويؤكد الدكتور أمام لقد فقدناه وغرقنا في الخرافة حتي الأذنين وهذا ما حدث فعلا. الوعي الذاتي هو أساس الاخلاق الباطنية الحقيقية.. فإذا إنعدم لم يعد لدينا سوي الاخلاق الخارجية التي تعتمد علي العقاب الخارجي وهذا الوعي الذاتي هو أساس الحياة السياسية.. ولم ينفذه الحكام وأصبح المواطن لا يعرف شيئا عن حقوقه بل يظن أنه لا يوجد في الدنيا حكم في هذا النظام الذي اعتاده وألفه عبر سنوات طويلة. والمطلوب لقيام الديمقراطية.. ونظام سياسي جيد هو استرداد هذا الوعي حتي يستطيع المواطن أن يحكم نفسه بنفسه لنفسه. المهم هو كيف يفكر الانسان.. التفكير إنعكاس.. ومن هنا كانت عبقرية ديكارت ابوالفلسفة الحديثة.. انه إستطاع إستعادة الوعي المفقود وتمكن الانسان لأول مرة أن يقول: أنا أفكر.. أنا موجود. وأنا معناها.. هذه العملية المزدوجة التي هي ارتداد الذات إلي نفسها لتدرك ذاتها أو لتعي نفسها بكلمة أنا.. يستطرد العالم المفكر الدكتور إمام إن ما نطلبه الان للمواطن العربي أن يقول أنا صاحب هذه الأرض وأنا الذي أزرعها.. وأنا الذي أحصدها وأنا الذي ادافع عنها.. إذن فأنا الذي أحكم. إن ما نطلبه للمواطن العربي أن يعي ذاته.. أن يدرك نفسه كإنسان يمتلك حقوقا كغيره.. من البشر.. وهي حقوق نصت عليها الاممالمتحدة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والصادر في10 ديسمبر عام1948 في ثلاثين مادة. كما نرجو للانسان العربي أن يرفض الوصاية فهو ليس قاصرا.. ولا ينبغي أن يفرض عليه الحاكم الاخلاقي.. كيف يعيش.. ولا الحاكم الديني.. كيف يسير في حياته السياسية فهو الذي انكوي بنار النظم الشمولية العسكرية وغير العسكرية.. وأن يمارس حقوقه وواجباته السياسية عن عمد وتمكن وإقتدار. كل ذلك ممكن تلخيصه في كلمة واحدة طاعة القوانين ونحن نريد أن نتخلص من فكرة إلي أن العظمة تعني كسر القوانين. الحقيقة أنه يستحيل أن يكون العظيم عظيما عندما إن اطاع القانون إننا نريد دولة القانون فعلا وعملا لا كلاما أو نصوصا مكتوبة ولا أحد يتشكك في قيمة الاخلاق لسلوك الفرد.. لكن ما نسعي اليه هو أن نفصل بين سلوك الفرد مهما كان فاضلا.. وبين السياسة أي التنظيم الداخلي للدولة الذي ينبغي أن يسوده القانون.. شكرا