شهيد.. كلمة تمس شغاف القلب.. كلمة تهز الوجدان.. كلمة ندية شجية تطرب السمع وتسيل الدمع.. كلمة تطلق علي من اختاروا الله فاختارهم.. كلمة تستجيش الوجدان بذكريات العز والفخار, فنتذكر للوهلة الأولي لذكرها حمزة, مصعبا, جعفرا, عبد الله بن رواحة, ونغبط من نالها بصحبتهم فالشهادة اصطفاء من الله تعالي يخص الله به نخبة من عباده المؤمنين يقول الله تعالي:( وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء), آل عمران:140] فإذا أراد الله أن يرفع درجة إنسان اختاره شهيدا, وقد جاء رجل إلي الصلاة, والنبي- صلي الله عليه وسلم- يصلي, فقال حين انتهي إلي الصف: اللهم آتني أفضل ما تؤتي عبادك الصالحين. فلما قضي النبي- صلي الله عليه وسلم- الصلاة قال: من المتكلم آنفا؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله. قال: إذا يعقر جوادك وتستشهد, يعني أن أفضل ما يعطيه الله لعباده الصالحين هو الشهادة في سبيله, وقد بين الله تعالي ما يناله الشهداء من الأجر والفضل جزاء منه علي ما قدموه من أرواحهم ودمائهم وأنفسهم في سبيل نصرة دينهم ورغبة في رفعة وعزة بلادهم فقال تعالي:( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين), آل عمران169:171]. والنبي, صلي الله عليه وسلم, يخبرنا بما للشهيد من كرامة عند الله بقوله: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويري مقعده من الجنة, ويجار من عذاب القبر, ويأمن من الفزع الأكبر, ويوضع علي رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها, ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين, ويشفع في سبعين من أقاربه. رواه أحمد. وقد عرف النبي الشهيد بقوله:( من قتل دون ماله فهو شهيد, ومن قتل دون أهله فهو شهيد, ومن قتل دون دينه فهو شهيد, ومن قتل دون دمه فهو شهيد) رواه الترمذي, فمن قتل دفاعا عن دينه ووطنه وماله ونفسه وأهله فهو شهيد, وإطلاق لفظ شهيد علي أحد يكون بحسب الظاهر في الدنيا, أما في الآخرة فالأمر إلي الله سبحانه وتعالي, فلا يلزم من الشهادة الدنيوية القطع لأحد بأنه من أهل الجنة; إذ لا يعلم ذلك إلا الله, بل يبعث كل إنسان علي نيته.