من نحن؟ نحن بني الانسان خلقنا الله منذ القدم لإعمار الأرض. نعم ولا تندهش...إعمار الارض رغم كل ما يحدث فيها من دمار وتخريب وعصياننا لهدف الله من خلقه لنا...الإعمار ثم العبادة. ولذا كانت الدنيا منذ أن خلقها الله قابيل وهابيل...وعلي كل منا أن يختار ماذا يريد أن يكون في الحياة... قابيل أم هابيل؟ فقابيل نموذج متكرر قتل اخاه بسبب الغيرة والحقد والرغبة في الاستحواذ علي مكانة ظن انه محققها بقتله فكان فساده علي الأرض بالقتل أيا كان المبرر. ولذا يتكرر قابيل فيكون شمشون أو جانكيز خان أو نيرون أو هتلر أو موسوليني أو مبارك أو مرسي أو التمييز العنصري أو القتل بالقنبلة النووية في هيروشيما أو التكفير والقتل باسم الدين.....أو أو..... وهابيل نموذج آخر متكرر لا يقبل الإساءة ولا يعرف غير بذل الجهد وتقديم الأفضل للحياة والسعي لرضا الله وتنفيذ مشيئته في الإعمار والعبادة حتي لو بسط أخيه يده ليقتله. فهو صاحب الهدف والرؤية والبصيرة والإصرار علي أن يكون انسان بالمعني الحقيقي للكلمة, حتي لو غابت الحقيقة بعض الشيء أو عرج الحق عن مساره وتركه نهبا لأخيه الظالم قابيل. ولكن من عجب أننا نسينا هابيل فلم نعد نسمي باسمه...وخلدنا قابيل في الحياة وتذكرناه أكثر!!!! تلك هي الحياة اذا... لا تعترف الا بالقوي وإن ظلم!؟ ربما... ولكنها لم تنس القوي الفاضل المحترم القادر علي العطاء والإنجاز والحماية فخلدته أيضا لدي من هم علي شاكلته ليظل نبراسا لهم في أيام الوحشة والغربة حينما تغيب العدالة. فيكون المسيح بتعاليمه السمحة, والنبي محمد الذي لم يكن فظا ولا غليظ القلب فأسس امبراطورية, والفاروق عمر قاهر الشياطين, والناصر صلاح الدين والمهاتما غاندي ويكون عبد الناصر ونيلسون مانديلا...و ربما ان اكون انا وأنت بحجم ما سنترك في الحياة..انها معادلة الاختيارات في الدنيا وعليك ان تختار ماذا تريد أن تكون وماذا تريد أن تترك وراءك... هذا ما فكر فيه كل من سبقونا بالإنجاز البشري, فعلتها شعوب كالفراعنة و الصينيين, وفعلها بشر فرادي في شتي المجالات فتركوا لنا الحضارة. لا يقتصر الانجاز علي بناء الأهرامات واختراع الطائرة أو المصباح الكهربائي, أو تطوير اقتصاد أمة كما فعل طلعت باشا حرب, ولكن يمتد لما تتركه يداك من اثر في كل مكان تمر فيه أو تحيا عليه. نعم هو ببساطة تلك البصمة التي تريد لها الخلود بعد ان تفارق الحياة. كولد صالح تمنحه بركة رزقك وإن قلت وتعلمه الحكمة والقناعة والصبر علي الأيام. أو كعمل طيب تؤديه بضمير وتنجزه بكفاءة وتجعل منه وسيلة لقضاء حاجات غيرك فيكون ذكراك التي تخلد اسمك بعدما تترك الحياة, وشفيعك لدي الخالق يوم العرض عليه. وقد يكون انجازك متجسدا في محبتك التي تمنحها للمحيطين بك في الحياة من حولك, بعطاء لا تنتظر من وراءه أخذا ومنحا لا يتوقف عند حدود من تعرفهم ولكنه يمتد لكل الناس. نعم كلنا يستطيع وكلنا قادر علي مواصلة الحياة بمنح لا يتوقف عن ترك بصمة الانجاز في كل مكان نذهب له. لا تبرر كسلك وتقاعسك بمبررات قلة اليد أو ظروف الحياة, فالعطاء لا حدود له و الانجاز شيم الفاعلين لا بالمفعول بهم و حجم غناك في الدنيا يتوقف علي حجم ما تمنحه لها لا كم ما تملكه فيها. فابحث عن ثراء الذات و غني القلب و فورة الضمير ولا تتوقف عن الاقتداء بهابيل الذي قدم لله قربانا هو الأذكي والأفضل بينما الله ليس بحاجة لقرابين. ولا تكن كقابيل الذي تقاعس عن عطاء وامتلأ حقدا وغلا منحه ذنب قتل الناس جميعا فعجز ان يكون كغراب. نعم اختر ماذا تريد أن تكون و اسع له... وللحديث بقية....