سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سميرة عبد العزيز في حوار عن الزمن الجميل: برنامج قال الفيلسوف يعود للإذاعة قريبا .. الرئيس عبد الناصر وراء احترافي التمثيل.. ولهذا السبب غضب مني الأبنودي
حفرت اسمها في وجدان المصريين بصوتها رغم أنها ليست مطربة.. وعندما يذكر اسم سميرة عبد العزيز تستدعي الذاكرة تلقائيا تتر البرنامج الإذاعي الشهير قال الفيلسوف, وتسمع صوتها الدافئ المرح يداعب فيلسوفها الراحل الكبير سعد الغزاوي بدلال عفوي محبب لتتلقي منهما جرعة ثقافية عالية في دقائق قليلة. سميرة عبد العزيز صاحبة التاريخ الفني الكبير, ترصد أحوال الفن وتحكي الذكريات في حوار خاص جدا: كيف كان الزعيم الراحل عبد الناصر وراء استمرارك في الفن؟ كنت أحب الفن في سنوات صبايا المبكرة, وكعادة الأهل في ذلك الوقت رفض والدي التحاقي بمعهد الفنون المسرحية فالتحقت بكلية التجارة وظللت أمثل علي مسرح الجامعة, وحدث أن فازت جامعتي بإحدي المسابقات الفنية وتسلمت الجائزة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعندما علم والدي وشاهد صورتي مع الزعيم وافق علي عملي بالفن فالتحقت بعد تخرجي بمعهد الفنون المسرحية وواصلت المشوار. تاريخك الفني يمتلئ بأعمال إذاعية وتليفزيونية ومسرحية وسينمائية... من أين كانت البداية؟ من الإذاعة, فقد كنت أمثل في حفل تعارف سنة أولي جامعة وأنا في السابعة عشرة من عمري, ورآني حافظ عبد الوهاب مؤسس إذاعة الإسكندرية فعرض علي التمثيل في الإذاعة, وبعد انتهاء دراستي الجامعية وحصولي علي موافقة والدي علي التمثيل رآني كرم مطاوع وكان يحتاج إلي فتاة صغيرة الحجم في مسرحية وطني عكا التي يعرضها في القاهرة, وكانت العقبة هي أنه تم تعييني في وزارة التعليم فقام مطاوع بانتدابي علي درجتي إلي وزارة الثقافة في القاهرة التي انتقلت إليها والتحقت بمعهد الفنون المسرحية, ثم عدت إلي حافظ عبد الوهاب لأبلغه باستقراري في القاهرة فأعطاني خطابا موجها لبابا شارو مكتوبا فيه صوت جميل مثقف أرجو أن تستعين به فكتب بذلك شهادة ميلادي في الإذاعة إذ أرسلني بابا شارو إلي رئيس البرامج الثقافية لأقدم برنامج أماكن لها تاريخ, ولم يمر شهران حتي كلفت بتقديم برنامج قال الفيلسوف. لابد أن أتوقف عند قال الفيلسوف العلامة الثقافية المضيئة في الإذاعة... كيف تفسرين نجاحه الكبير؟ هذا العمل أعتبره أهم ما قدمته في حياتي بل هو جزء من كياني, واستمر تقديمه ما يقرب من40 سنة ولم يتوقف إلا بوفاة شريكي في تقديمه الحاج سعد الغزاوي, وأعتقد أن سر نجاحه هو الجرعة الثقافية المكثفة وبساطة تقديمها وبالتأكيد الصوت الذي يحملها... والخبر السار هو أنني التقيت بالمصادفة بشخصية كبيرة في الإذاعة والتي أخبرتني بأنهم يرغبون في عودة البرنامج بصوتي مع زميل جديد تم اختياره من إذاعة القرآن الكريم وهم بصدد وضع اللمسات الأخيرة للعودة الكبيرة. تشاركين حاليا في تصوير ثلاثة أعمال درامية, ما هي؟ هذا صحيح, فأنا أشارك في تصوير مسلسل أبو البنات الذي أقوم فيه بدور حماة الفنان مصطفي شعبان وأضغط علي ابنتي لتحمل الحياة معه رغم انفلاتاته, وأيضا أقدم والدة الفنانة غادة عبد الرازق في مسلسل الخانكة, وأخيرا ضيفة شرف في ثلاث حلقات في مسلسل شهادة ميلاد الذي أقدم فيه دور والدة الفنان طارق لطفي. هل يدل هذا العدد من المشاركات علي الاهتمام بأدوار الفنانين الكبار حاليا؟ كنت أتمني لو كان هذا صحيحا, لكن للأسف العكس هو ما يحدث.. هل من المعقول ألا أقدم سوي دور الأم؟ وهل هي مصادفة أن الثلاثة أعمال تموت فيها الأم في مرحلة مبكرة من العمل؟ أنا لا أحب دور الأم الكنبة كما أسميه, وهو الدور الذي يجعل من الأم في خلفية العمل وكأنه موظف لمساندة البطل كي يظهر مواهبه التمثيلية في مشاهد موتها.... ولا أقبل هذا الدور إلا في أضيق الحدود عندما يكون العمل ككل هادفا وله قيمة. نبرة الاستياء في صوتك لا تغفلها أذن, هل تشعرين أن الطاقة الفنية بداخلك أكبر من هذه الأدوار؟ طبعا... لست أنا فقط من يتمني وينتظر دورا مهما بل كل النجوم الكبار, أجدني أتساءل يوميا: لماذا لا يستعينون بخبراتنا؟ أين العباقرة الفخراني ومحمود عبد العزيز وسميحة أيوب وغيرهم؟ هل ما يقدمونه هو ما يستحقونه من أدوار؟ متي سيستفيدون بهذه القامات؟ ولماذا كل أدوارهم هي سنيدة للأبطال الشباب؟ وبماذا تجيبك نفسك؟ تجيبني بأن الدولة شالت إيدها وتركت ساحة الإنتاج الفني لمجموعة معلنين غير متخصصين ولا مثقفين وليس لديهم رؤية, كل همهم هو بيع العمل للفضائيات والكسب المادي وجمع الأموال دون الاهتمام بقيمة ما يقدمونه ولا مضمونه, ومن الطبيعي في هذه الحالة ألا يهتموا سوي بتكنيك التصوير للحصول علي صورة عالية ترضي عنها الفضائيات التي ستشتري, ولايلجأون إلا للنجوم الشباب والفتيات الجميلات اعتقادا منهم أن هذا هو ما يجذب الجمهور للمشاهدة وبحجة الجمهور عاوز كده وهي أكذوبة كبيرة بدليل رفض الناس في الشارع لما يعرض الآن علي شاشات الفضائيات, لدرجة أنهم يستوقفونني في الأماكن العامة ويصرخون إيه ده؟! هل يتحمل الجيل الحالي من الفنانين جزءا من مسئولية ما وصل إليه حال الفن الآن؟ جزء كبير من المسئولية, فلو لم يقبلوا تقديم تلك الأعمال لما شاهدناها أساسا, فضلا عن أنهم لا يقرأون ولا يحاولون تثقيف أنفسهم, ناهيك عن عدم التزامهم بأقل شيء وهو مواعيد التصوير... هل تصدقين أنني حتي الآن عندما يقال لي إن موعد التصوير هو العاشرة مثلا, أحرص علي التواجد في الأستوديو في تمام الموعد رغم أنني أكون علي يقين بأنهم لن يبدأوا قبل مرور ساعة علي الأقل؟ وحتي عندما أقرر التأخر قليلا حتي لا أنتظر طويلا, أجدني رغما عني موجودة قبل الموعد... هكذا تعلمنا أن احترام المواعيد هو من احترام فننا. ما الفرق بين دراما الزمن الجميل والدراما الحالية؟ في الماضي القريب كان الإنتاج الفني بعيدا عن صراع المال وكان التليفزيون المصري ينتج أغلب الأعمال ولا ينافسه سوي شركة أو اثنتين من القطاع الخاص يقلدانه وينتجان نفس نوعيته ليتمكنا من منافسته فيتبارون جميعا علي تقديم عمل هادف يفيد المجتمع ويرتقي به بدءا من الفكرة وكتابة السيناريو وانتهاء بكل تفصيلة من تفاصيل العمل فخرجت الدراما الرائعة التي كانت الأسرة المصرية بل الأسر العربية تلتف حولها وتتأثر بها, وكان الفنانون يحبون الفن من أجل الفن أولا أما الشباب الجدد فللأسف أغلبهم لا يسعي إلا للشهرة والمكسب المادي السريع, وعندما يأتي دور لأحدهم أشاهده يفر السيناريو يحسب عدد مشاهده ليقدر عائده المادي ليوافق أو يرفض علي هذا الأساس. توحي إجابتك بأنك ممن يؤمنون بدور الفن في تغيير المجتمعات, وليس الفن من أجل الإمتاع فقط... هل هذا صحيح؟ أؤمن بأن الفن لابد أن يقدم متعة وراءها هدف, خاصة في مجتمع مثل مجتمعنا يعاني40% منه من الأمية تجعله يصدق ما يراه علي الشاشة فيتأثر به بشدة, والأمثلة علي ذلك كثيرة آخرها المشهد الذي قدمه أحد المسلسلات لفتي يحرق أباه وبعد العرض بعدة أيام قرأنا في صفحات الحوادث عن فتي قام بذلك في الحقيقة, ومنذ أيام أخبرتني جارتي أن ابنتها الصغيرة كانت تضحك بطريقة مبتذلة وعندما وبختها أجابت بأنها تضحك مثلما يفعلون في التليفزيون.. علي الدولة أن تنتبه وتستغل هذه النقطة في تثقيف المجتمع وتوجيهه للأفضل بدلا من تركه فريسة للمنتجين الجدد وما يقدمونه من أعمال تلوث السمع والبصر. هم يدعون أنهم يحاكون الواقع, وهو أحد أنواع الفن.. بماذا تردين؟ أنا درست في معهد الفنون المسرحية وأعلم تماما ما هو الفن الواقعي, والملخص هو ما قاله الفنان الكبير محمود مرسي وهو يعلمنا: الواقعية ليست تصوير الواقع كما هو, لكنها تصويره كما يجب أن يكون... بمعني عندما أصور حارة مثلا, لماذا أبحث عن أقذر حارة لتصويرها؟ يجب أن أقدم أفضل حارة بل وأن أصنعها لو لم تكن موجودة حتي أحفز سكان الحارة الحقيقيين علي تحسين حارتهم, هذه هي وظيفة الفن الواقعي الحقيقي. هل تشعرين أنك تلقيت التكريم الكافي الذي يتناسب مع ما قدمته من أعمال؟ التكريم الحقيقي شعرت به عندما اختارتني الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لتصوير فيلم تسجيلي عنها, وعندما سألت عن سبب اختياري قالوا لأنهم يريدون صوتا صادقا يصل إلي الناس. بمناسبة الحديث عن هذا الصوت الذي تميزت به وانطلقت إلي عالم الفن بسببه... ألم تفكري في الغناء؟ قمت بغناء تتر المسلسل الإذاعي سميرة وسمير والسر الخطير, وتتر مسلسل تليفزيوني عربي, لكن احتراف الغناء يحتاج إلي دراسة متخصصة ورغم أن لي أختا دارسة للموسيقي تري أن صوتي جميل إلا أنني فضلت التمثيل خاصة أنني عندما احترفته كان الوقت متأخرا لبدء دراسة الغناء, وأكتفي الآن بالاستمتاع بصوت شيرين وعلي الحجار والصاعد أحمد جمال... أما نغمة تليفوني المحمول فتحمل رائعة عبد الحليم نعم يا حبيبي. لكنك استغللت هذا الصوت علي خشبة المسرح الذي كان لك فيه صولات وجولات... صحيح؟ أنا عاشقة للمسرح ولو اخترت لونا واحدا من كل الفنون لاخترته بلا تردد لأن الحصول علي نتيجة فورية لما تقدمه لهو شيء ساحر فعلا وتصفيق الجمهور هو أجمل نغمة يسمعها الممثل, وأعتقد أنني نلت من التقدير علي خشبة المسرح ما لم ينله فنان مسرحي آخر.. حدث هذا أثناء تقديم مسرحية مخدة الكحل التي طفنا بها دول العالم العربي والغربي مثل فرنسا وإيطاليا وإنجلترا والهند, وفي ألمانيا فوجئنا بالجمهور يرفض المغادرة بعد انتهاء العرض ويطلب إعادته كاملا في سابقة لم تحدث من قبل فاضطررنا لتقديم العرض مرة أخري ونحن سعداء وتكرر هذا الموقف في بلدان أخري وأعتقد أن السر وراء هذا النجاح هو أن المسرحية كانت تمزج بين التقنية الحديثة وبين الموروث المصري القديم. وما تقييمك لحالة المسرح الآن؟ يسري عليه ما يسري علي الفن بشكل عام, فانحسرت المسرحيات الجادة ولم أعد أزوره إلا قليلا لكنني لم أكن أفوت مسرحيات عادل إمام وحاليا يحيي الفخراني.. أما مسرح صبحي فأحترمه وأقدره وأخبرته أنني أتمني العمل معه في أي من مسرحياته. بعد رحلة فنية متنوعة: ما هو الدور الذي مازلت تتمنين تقديمه؟ دور بينيلوبي في الأدب اليوناني, المرأة المخلصة التي غاب حبيبها فظلت علي باب منزلها تغزل له الملابس لحين عودته... كما أتمني تقديم دور أم لشاب تم أسره, لأنني أحب تجسيد مشاعر الأم الملتاعة الملهوفة علي عودة ابنها وطلبت من زوجي محفوظ عبد الرحمن أن يكتبه خصيصا من أجلي لكنه لا يستطيع الكتابة إلا وقتما يشاء عما يشاء. والدور الذي تندمين علي تقديمه؟ والدور الذي ترفضين تقديمه؟ أندم علي تقديم دور الخادمة في مسلسل أميرة من عابدين فقد تم إيهامي بأنها شخصية محورية مهمة في الأحداث وأثناء التصوير اكتشفت العكس... أما الدور الذي أرفض تقديمه فهو دور أم لفتاة منحلة أو ولد بلطجي, لأنني أحب تقديم المرأة المصرية المكافحة المحترمة ولأن الجمهور يصدقني أكثر في الشخصيات الطيبة. لكن الممثل الجيد هو من يتقمص كل الأدوار حتي المخالفة لطبيعته.. أليس كذلك؟ صحيح وأنا قدمت دور سيدة الأعمال الشريرة التي تحاول الاستيلاء علي أموال أخيها في مسلسل خلف الله, وأجدت أداءه رغم أنه كان من أصعب الأدوار لمخالفته لطبيعتي لكنني استطعت ابتكار صورة جديدة للشر غير المكشوف أو المباشر... لكن الجمهور يفضلني بالصورة التي ارتبطت في ذهنه. ما الذي أغضب الأبنودي منك قبل رحيله؟ هل صحيح أنك اعترضت علي أحد سيناريوهاته؟ أثناء تصوير مسلسل وادي الملوك للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي والذي قدمت فيه دور امرأة صعيدية, فوجئت في السيناريو بشتائم علي لسانها لم أستطع التفوه بها فطلبت تغييرها بكلمات قاسية تفي بالغرض وكان لي ما أردت, ولما علم الأبنودي بما حدث قام بكتابة مقال وجه لي فيه لوما شديدا بحجة أن الفنان الجيد يقدم كل شيء ولم أرد احتراما له ولقدره. شاهدناك في جنازات عدد من الفنانين الذين رحلوا مؤخرا, في ظل غيبة وتقاعس النجوم عن المشاركة... بماذا تفسرين غيابهم؟ أشعر بالألم الشديد لتغيبهم عن واجب المشاركة الذي تعلمنا من أهالينا ألا يكون قاصرا علي الأفراح, حضرت جنازات بعض الزملاء التي اضطررت فيها لتلقي العزاء بنفسي لعدم وجود أحد من زملاء المتوفي الذي يكون له نفر قليل من الأهل البعيدين لكنني أقدر دور نقابة المهن التمثيلية الحالية التي لا تدخر وسعا لتكريم الراحلين, وأذكر أن النقيب أشرف زكي استعان بطلبة المعهد في تنظيم جنازة نور الشريف التي كانت تعج بالمعزين عكس معظم الجنازات. دعينا نختتم الحوار بحديث متفائل عن علاقتك بالزوج الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن, وكيف استمرت بهذا النجاح والاستقرار؟ التقيت محفوظ علي الورق قبل أن ألتقيه في الحقيقة, فمنذ حوالي40 عاما كنت عضوا في لجنة القراءة للمسرح القومي وعرضت علي مسرحية حفل علي الخازوق لإجازة عرضها فأعجبتني جدا وسألت عن مؤلفها محفوظ عبد الرحمن وعلمت أنه في الكويت, مرت الأيام ورشحت للمشاركة في مسلسل عنترة للكاتب نفسه فسألت عليه للمرة الثانية وتلقيت الرد نفسه, وفي المرة الثالثة رشحت لمسلسل آخر لنفس المؤلف لكن دوري كان صغيرا فلما لجأت للمخرج كي أعتذر عنه فاجأني بأن المؤلف موجود ويمكنني التفاهم معه, وكان لقائي الأول مع محفوظ الذي رفض تكبير مساحة دوري ووعدني بمسلسل أكبر في المرة القادمة, وبالفعل بعد مرور عام رشحت لمسلسل ليلة سقوط غرناطة الذي سافرنا لتصويره في عجمان وكان المؤلف يرافقنا فتوطدت علاقتي به وفوجئت به في آخر يوم تصوير يطلبني للزواج فاستمهلته لأنني مررت بتجربة سابقة خرجت منها بابنتي الوحيدة منار... وبعد عودتنا ظللنا علي اتصال حتي أقنعني بالزواج واتفقنا علي أن يكون بعد عودتنا من تونس التي سافرنا إليها لتصوير مسلسل الكتابة علي لحم يحترق, لكن أثناء وجودنا هناك ألح في اتمام الزواج فأرسلت لوالدي في مصر استأذنه وطلبت حضور ابنتي منار وطلب محفوظ ابنته مها واللتين أصبحتا صديقتين حتي هذه اللحظة واشتريت فستانا لهذه المناسبة وأقام لنا الزملاء حفل زواج في عام.1983