أنا أيضا أضم صوتى إلى أصوات جموع المثقفين التى اصطفت، وكتيبة المدافعين التى هبت للذود عن حقوق الإنسان وحرية تعبيره، مستندا إلى الدستور المصرى الذى ينص على: "حرية الرأى والفكر مكفولة، ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير"، غير أننى لا أقف فى خندق من يقولون إنه لأمر شائن فى حق مصر وثقافتها وتاريخها أن تكون هناك جريمة اسمها ازدراء الأديان، وأنها قيد على حرية الاعتقاد والفكر والتعبير، وسيف مسلط على المفكرين والباحثين والمبدعين، ويسجن بسببها أصحاب رأى. إذا كانت المادة الخاصة بجريمة وعقوبة ازدراء الأديان فى القانون تعتبر صدمة لليبراليين والغالبية العظمى من الفئة التى نعتت نفسها دون غيرها بالمفكرين ويستقوون ببعضهم بعضا أجدنى لست مع مطالباتهم بإلغائها ولكننى مع تخفيف العقوبة بعدما ازداد الهجوم على ثوابت الدين بشكل لافت للنظر. يمنع القانون بعدد كبير من بلدان العالم المتحضر أى كتابة أو حديث علنى أو الأفكار أوالكلام أو الصور التى تعتبر مسيئة، وتؤدى إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية، ويرسم حدوداً لحرية الرأى، فى إطارقاعدة "أنت حر ما لم تضر". عندما تسخر كاتبة فى تدوينة لها عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" من شعيرة الأضحية وتصفها بأنها"أهول مذبحة يرتكبها الإنسان وهو يبتسم"، ومن أبوالأنبياء الخليل إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام عندما تقول "مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح"، ثم تقول "عبارة ذبح عظيم لا تعنى بالضرورة خروفًا ولا نعجة ولا جديًا ولا عنزة"، "هى شهوة النحر والسلخ والشى ورائحة الضأن بشحمه ودهنه جعلت الإنسان يُلبس الشهيةَ ثوب القداسة وقدسية النص الذى لم يُقل".، وعندما يخرج علينا أكثر من مدع يقول إن روايات الصحابة مشكوك فى صحتها، والأئمة أهل تطرف وجهل، وما فى البخارى ومسلم عفن وتخلف، وأنه لا يوجد فى الإسلام شيء اسمه الإجماع، والرسول غيرعادل، وأبوبكر قام بحروب الردة ليس من أجل نصرة الدين ولكن من أجل الحكم والسياسة، وعذاب القبر ليس من الثوابت، والله تعالى لم يخلق جنة ولا نارا،والقرآن كتاب تاريخ ومحرّف ومخلوق وفيه آيات كاذبة، وممارسة الفاحشة بين غير المتزوجين ليس بزنا، والمطالبة بمحاكمة الداعين إلى ارتداء الحجاب،. أومن يدعى أن المسجد الموجود فى مدينة القدسالمحتلة ليس هو المسجد الأقصى ذو القدسية الذى ذكر فى القرآن الكريم، والذى أسرى الرسول صلى الله عليه وسلم إليه،. بل تصل السخرية مداها عندما يرتدى مغن شعبى فى إحدى فقراته العمامة الأزهرية فوق "كرنفال" ملابسه الفسفورية وقراءته للقرآن الكريم بنفس طريقة غنائه!. أليس فى كل هذا سخرية واستهزاءً وازدراءً يولد الحقد ويورث الكره ويثير حمية وثورة كل غيور على دينه ؟!. فى شتى علوم الدنيا لانجد أحدا قد تجرأ عليها أو جادل فيها دون علم وتخصص، إلا فى العلم الدينى، فأمسينا نقرأ ونسمع ونشاهد من يسعى للنيل من ثوابتنا الدينية، والمعلوم من الدين بالضرورة، بدعوى حرية البحث والتجديد الفكرى،. نعم القانون ينص على حرية الرأى والتعبير لكن يمنع التعدى على الأديان والمقدسات، وحرية العقيدة لا علاقة لها بازدراء الدين، فمن حق كل فرد أن يعتقد فيما يشاء ويدين بالدين الذى يريد دون أن يضيف له أويحذف منه، أما العقوبة التى تنزل بالمعتدى على الدين ومزدريه فهى أقل بكثير من عقوبة من يعتدى على منزل إنسان أو شيء من أملاكه! إن الحرية لابد أن تكون منضبطة، والابتكار والإبداع لا يعنى التطاول على الدين وثوابته وأئمته. وإلا فلتذهب دعاوى التجديد وحرية الفكر والتعبير إلى الجحيم!