انتصاران حاسمان حققهما الجيش السوري منذ أيام, الأول عندما دخل بلدة ربيعة أهم وآخر معاقل الجماعات المسلحة في ريف اللاذقية القريب من الحدود التركية, وأهم منافذ الإمدادات من الجيش التركي, والمزودة بمركز قيادة ومقاتلين من مختلف دول آسيا الوسطي وبعض التركمان السوريين الذين انخرطوا في مشروع تقسيم وتدمير سورية, ليتحرر ريف اللاذقية وجباله المطلة علي سهل الغاب, الذي بات تحت نيران مدفعية وصواريخ الجيش السوري, وفتح الطريق لتحرير جسر الشغور وإدلب, ليكون قد كتب نهاية للعدوان الإرهابي الدولي علي سوريا والمنطقة. أما الانتصار الثاني فهو السيطرة علي بلدة الشيخ مسكين الاستراتيجية, والتي كانت مركز قيادة الجماعات المدعومة من إسرائيل والأردن, والمتحكمة في المنطقة الممتدة من الجولان إلي درعا علي الحدود الأردنية, وهو ما أثار انزعاج الجيش الإسرائيلي الذي أعرب عن مخاوفه من انتصارات الجيش السوري, منتقدا دعم إيرانوروسيا وحزب الله اللبناني للجيش السوري, وقال إن إسرائيل تواجه مخاطر غير مسبوقة, وأعرب عن أمله في أن تستعيد جماعات داعش والنصرة وغيرها من الجماعات المسلحة الإسلامية المبادرة, لمنع الجيش السوري من تحقيق انتصار حاسم, بينما أعلن رئيس الأركان الروسي أن الجيش السوري يحقق تقدما سريعا علي عشرة محاور, ويغير موازين القوي علي الأرض, بمساعدة الطلعات الجوية الروسية, التي تضرب الجماعات الإرهابية بصورة جدية, مشيرا إلي أن التحالف الأمريكي لم يكن جادا في ضرب الإرهاب. انعكست انتصارات الجيش السوري علي التحضيرات لاجتماعات جنيف, التي تسعي إلي تسوية سلمية, وتصمم كل من روسياوسوريا علي عدم تمثيل الجماعات المصنفة إرهابية, ورفضت وقف إطلاق النار وأي شرط مسبق للمباحثات, مع ضرورة تمثيل معارضة الداخل التي تشارك في الحرب ضد الإرهاب, في الوقت الذي تنتقد فيه المعارضة السورية الموقف الأمريكي, ووصفته بأنه خيانة للمعارضة السورية وتخليا عنها, وقالت تركيا إنها لن تشارك في المفاوضات إذا تم تمثيل الأكراد, بينما يخشي وفد المعارضة السورية الذي تشكل في الرياض من أن ينسحب من المفاوضات, ويجري عقدها دونه, أو المشاركة وفق موازين القوي الجديدة وجدول الأعمال الذي لا يحقق الحد الأدني من مطالبها. ومن المتوقع ألا تسفر الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف3 عن نتائج ملموسة في كل الحالات, وسيكون عليها انتظار الاجتماع التالي بعد6 أشهر, يكون فيها الجيش السوري قد حسم المعارك في معظم ما تبقي من الجبهات, وسيطر علي سهل الغاب وحرر كلا من جسر الشغور وإدلب وريف حلب, وهو ما يعني النهاية الحقيقية لمعظم الجماعات المسلحة في سوريا. تدرك الولاياتالمتحدة أن الجيش السوري وحلفاءه يوشكون علي الحسم النهائي للمعارك الرئيسية في سوريا, ولهذا تركز مساعيها علي كسب بعض الجماعات الكردية, ليكون لها قدر من التأثير علي مسار الحل السياسي في سوريا, بينما تواصل تركيا وقطر وإسرائيل محاولات مستميتة لعرقلة الانتصار السوري الذي سيكون له تداعياته الخطيرة علي المنطقة, وسيدشن أكبر هزيمة للتحالف الأمريكي, بينما ستتعزز مكانة كل من روسياوإيران, وتتغير وتتفكك الكثير من التحالفات, وتنحسر الموجة الوهابية التي ظللت سحبها السوداء المنطقة في العقود الأخيرة, وسيعزز الجيش العراقي انتصاراته وتحرير المناطق التي يسيطر عليها داعش, وسيجري طرح عدة مبادرات أكثر جدية لتسوية الصراعات المنهكة لجميع الأطراف, خاصة في اليمن وليبيا, لكن المعارك ستحتدم في الداخل الكردي, بسبب انضواء بعض الأطراف تحت لواء المشروع الأمريكي, وفي مقدمتهم مسعود البرزاني, بينما يرفض أكراد آخرون سياسات البرزاني, وفي لبنان سيتعزز فريق8 آذار, علي حساب فريق14 آذار بقيادة تيار المستقبل, لتبدأ حقبة جديدة في المنطقة أكثر توازنا وأقل بشاعة في السنوات المقبلة.