رغم قسوة الزمن فإنه كان يستطيع أن يتحدث يستجمع الحروف في فمه بالكاد فتخرج الجمل مبتورة باهتة تشي عن وهن يسكنه وينخر عظامه يوما بعد يوم حتي حوله إلي رجل من زجاج. قارب صلاح علي الستين ولكن كان كل من يراه يعتقد أنه طاعن في السن أكل الدهر منه و شرب. ولكنها الأمراض التي استوطنته كرها وألما وأوقعت به في شباك شيخوخة مبكرة و أقعدته عليلا عاجزا عن الحراك و العمل. تحولت رحابة الدنيا من حوله إلي خرم إبرة يختنق بها و تختنق منه وبات محكوما عليه انتظار دوره في طابور طويل يتجرع آلامه حتي يصل إلي حافة النهاية. مسحة من أمل تنفرج بعدها طاقة نور جعلت صلاح يتمرد بعض الشيء علي استكانته و علته المعجزة. أراد التمسك بآخر أهداب الحياة لعل يدا رحيمة تمتد إليه و تنتشله مما هو فيه. حضر إلي الأهرام المسائي و قلبه مفعم بالأمل يتعثر في عجزه الممرض تتحشرج الحروف في فمه و هو يحكي حكايته. قال إنه مازال يتذكر فتوته وشبابه وكيف كانت الدنيا لا تسع طموحه وجموحه فيها. يضرب الأرض بأقدام صلبة قوية فتتفتق عن رزقه ورزق عياله ليعود إليهم في آخر النهار رابحا غانما ما يسد أودهم ويسترهم بين الناس بل وما يلبي لهم شيئا من رفاهة العيش وألاعيب الصغار. ولأنها ليست دائما تأتي الرياح بما تشتهي السفن فقد حان موعد الغروب مع صلاح وخبت شمس فتوته فجأة وسقط في عنفوانه مغشيا عليه لا يعي من أمره شيئا غير ما أقره الأطباء بعد ذلك. سيناريو النهاية بدأ بارتفاع غير طبيعي في ضغط الدم وخلل في جهاز المناعة سرعان ما أعقبه حصوات سكنت الكلي وحساسية بالشعب الهوائية وفتاق يتسع مؤلما شيئا فشيئا. وشرسا كعادته أخذ المرض ينهش في جسده بلا رحمة حتي أن النور في عينه اليسري انطفأ إلي الأبد. حلم أخير تبقي للرجل جاء يبحث عنه.. قال إنه يناشد من خلال جريدتنا أصحاب القلوب الرحيمة أن يمدوا له يد المساعدة كما أنه في حاجة ماسة لإجراء جراحة عاجلة لتفتيت الحصوات والتخلص من الفتق حتي يستعيد توازنه ويتحمل ما بقي له من عمر. قال إنه لا يملك نفقات الجراحة ويناشد الدكتور أحمد عماد وزير الصحة أن يجريها له علي نفقة الدولة. صلاح سيد محروس المطراني النهضة مساكن السلام بالتأكيد يا أخي لا ينغلق باب الرحمة في وجه أي من العباد وأنت من الصابرين تؤمن بالله وبأقداره ولابد وان تكون علي يقين من الشفاء بإذن الله و صدق الله العظيم عندما قال قل ياعبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم. وربما كان ما أنت به اختبارا عليك أن تجتازه صبرا و يقينا و إلي جوار سعيك في دروب الطب عليك بالدعاء و تذكر أن الدعاء هو الوحيد الذي يمكنه أن يمنع قدرا بإرادة الله عز و جل.