يبتهج الكاتب, أي كاتب, بمدح يصله من أحد قرائه, ويفرح كثيرا باتفاقه مع رأي من أرائه. وأنا أسعد كل السعادة بمن يجعل مما أكتب موضوعا, أو يقتبس منه مدخلا, أو حتي نقدا مادامت غايته التوضيح والفائدة. وصلني منذ ايام رأي مهم للغاية عن معلومة كتبتها منذ عشر سنوات! واذكرها جيدا, ناهيك انها تتحدث عن رأي كتبه اخي وصديقي واستاذي, وهو أديب ليبي راحل, أسمه خليفة الفاخري, الذي يعتبره الليبيون واحدا من ابرز كتاب جيل ستينيات القرن الماضي. ولقد ذكرني الرأي, أيضا, بقول للقديس أوغسطين, يقول: اعرف ما هو الزمان؟ ولكن لتعاستي لا اعرف بالتحديد كيف أعرف هذا الشيء الذي أعرفه!. أتذكر كيف فسر الفاخري حينها: أن كيد النساء عظيم, وانه أعظم من كيد الشيطان! ولكن- ولتعاستي- لا أذكر كيف ربط بين آيات تناولت هذا الكيد حتي وصلتني الفكرة؟ خلاصة الرأي الذي وصلني من قارئة كريمة يقول:( أن تقرير هذا الكيد, عبارة عن جزء من الآية الكريمة: فلما رأي قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم وهذه الآية حكيت علي لسان العزيز عزيز مصر حينما راودت امراته يوسف, عليه السلام, عن نفسه... الي آخر الآية فلما رأي أي العزيز قميصه أي قميص يوسف قد قد من دبر قال مقولته تلك انه من كيدكن أي ان هذا من تدبيركن المحنك ايتها النساء وإن كيدكن عظيم. هذه الجملة, إذن, حكيت في القرآن الكريم علي لسان عزيز مصر وليس في الآية ما يدل علي أنها تقرير من الله عز وجل وتأكيده لما ورد بها. أما الآية التي ذكر فيها الله كيد الشيطان فهي تقرر أن كيد الشيطان ضعيف كما جاء في أول الآية: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا. وبهذا لا يصح الاستدلال بالآية الكريمة علي أن كيد النساء يفوق كيد سائر الخلق ومن ضمنهم الشيطان, وهذا التوضيح يضع حدا لكل من يتهم النساء بالكيد ويستشهد بالآيات القرآنية في اثبات ذلك. إن ورود بعض الامور في القرآن لا يعني, مطلقا, انها من المسلمات فهل قول فرعون: انا ربكم الاعلي الوارد في القران يعني انه امر مسلم به؟ فهذا كلام انسان وثني يخاطب به نسوة وثنيات صدر منهن امر سيئ في زمن سابق و ليس كلام الله عز وجل في وصف النساء وكيدهن))- هذا هو ملخص نقد السيدة القارئة- حسنا, أريد اولا أن أعود للنص الذي تأسس عليه هذا الرأي, الوارد في صفحة66 من كتابي قطعان الكلمات المضيئة, الذي يقول: وظف أيضا- اقصد الفاخري- عبارة( خداع الشيطان) للمتطلعين للتجارب, غير أنه طورها بإضافة المرأة, التي عرف من القرآن الكريم الذي يحفظ الكثير منه أن كيدها اعظم من كيد الشيطان! ولا أظن انه بخاف أنني انتقيت كلمة( عرف) بدلا من غيرها, حتي لا أقرر أنها حكما مطلقا, لأنني لو قلت قرر القرآن لصار المعني مختلفا, فما ذكرته هو واقع الحال, وهو ما عرفني بما يعرفه هو. وأنا اعترف أنني حينها لم أكن ملما بهذه الجزئية, فليس لدي, آنذاك, شيئاضد المرأة يجعلني اتهمها, واجعلها في مرتبة الشياطين. فالمرأة عندي, كانت وما زالت, هي ام, واخت, وزوجة, وهي في الغالب صناعة مجتمع ذكوري, وبالتالي قد تكون شيطانة, أو قد تكون ملائكة فهي علي كل حال نتاج تربية اسرتها ومجتمعها, وكيفما يكون الأمر فلها حق التفسير, والجهر بالرأي والدفاع عنه, وتفنيد الباطل منه. وشكرا لقارئتي المتميزة لهذا التوضيح, الذي اري ان الأقدر مني علي التفسير بمقدورهم تناوله وتوضيحه, وبالتالي افادتنا وتنويرنا. [email protected] كاتب ليبي