من البديهي أن قيمة النصوص الدستورية لا تكتسب جوهرها ومعناها إلا إذا ترجمت إلي واقع حي يعيشه الناس لتلبية مطالبهم واحتياجاتهم من خلال ترجمة النصوص الدستورية العامة إلي تشريعات قانونية. ومن المسلم به أيضا ان جميع القوانين والتشريعات قد صدرت في بيئة سياسية واجتماعية وثقافية ودستورية مغايرة تماما للواقع الحالي في مصر وبالتالي فهي دوما بحاجة الي تعديل في ضوء متغيرات الواقع. وقد تضمنت المقومات الاقتصادية في الدستور في المادة(28) أن الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية مقومات أساسية للاقتصاد الوطني, وتلتزم الدولة بحمايتها, وزيادة تنافسيتها, وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار, وتعمل علي زيادة الإنتاج, وتشجيع التصدير, وتنظيم الاستيراد وتولي الدولة اهتماما خاصا بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في جميع المجالات وتعمل علي تنظيم القطاع غير الرسمي وتأهيله.. فيالمادة(224) كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور الدستور, يبقي نافذا, ولا يجوز تعديلها, ولا إلغاؤها إلا وفقا للقواعد, والإجراءات المقررة في الدستور. وفي إطار المادة(224) من الدستور يكون لزاما علي مجلس النواب تطوير التشريعات والقوانين المنظمة لنشاط المشروعات المتوسطة والصغيرة وتنقيحها وإعادة تنظيم واحتواء القطاع غير الرسمي في حماية قوانين الدولة لتمكينه من القدرة علي الاقتراض من القطاع المصرفي مستقبلا. وتاريخيا يرجع تأصيل الإطار التشريعي للمشروعات الصغيرة في مصر بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي في الفترة من(19961991-) بإصدار القرار الجمهوري رقم(40) لسنة(1991) بإنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية والقرارات المكملة له كشبكة أمان اجتماعي. وآخرها إصدار قانون تنمية المنشآت الصغيرة رقم(141) لسنة(2004). إن قانون تنمية المنشآت الصغيرة ليس نهاية المطاف, بل هو جزء من مجموعة من القوانين والنظم التي تشكل جميعها المناخ الحاكم للتمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر. وتأتي أهمية الرؤية الكلية عند النظر في تطوير التشريعات الخاصة بالمشروعات المتوسطة ومتناهية الصغر من حتمية النظر في بعض القوانين التي تتصل اتصالا مباشرا بهذا القطاع. ومنها اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار, وقانون الضريبة علي الدخل وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة, وقانون رقم89 لسنة1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات. قانون رقم95 لسنة1995 في شأن التأجير التمويلي وقانون رقم7 لسنة2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات والقانون رقم453 لسنة1954 بشأن إصدار التراخيص. وتتمثل ضرورة تطوير القانون الحالي نظرا لأنه لا يتطرق إلي المنشآت والأنشطة غير الرسمية كما أن الدور المنوط بالصندوق الاجتماعي في القانون ليس دورا رقابيا وبالتالي فلا يجعله متدخلا في نشاط أية جهة أخري ترغب في تمويل المشروعات ومتناهية الصغر أو تقديم أية خدمات أخري لها..ولكن من جهة أخري فإن القانون واضح في تحديد أن دور الصندوق الاجتماعي للتنمية هو جهة التخطيط والتنسيق والترويج للمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر. وفي ضوء توجهات الرئيس تكون هناك ضرورة لإصدار التشريعات التي تدعم تشجيع إنشاء المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال تضمينها التزام الدولة بإنشاء وتهيئة مراكز التدريب المهني والإداري للراغبين في تأسيس المشروعات, وتوفير المناطق الصناعية بعد ترفيقها من موارد الدولة وتنشيط المشتريات الحكومية من هذا القطاع وكذلك البحث عن آليات جديدة للضمانات البنكية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وكذلك نشر الوعي والترويج لثقافة ريادة الأعمال بالجامعات والمعاهد والمدارس الفنية بمختلف تخصصاتها التجارية والزراعية والصناعية وبما يؤدي إلي زيادة الإسهام الحقيقية للمشروعات المتوسطة والصغيرة في تخفيف مستوي الفقر ومعدلات البطالة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة.