يكثر الحديث والجدل عند التعيينات الجديدة للوظائف العليا أو الهامة في مصرنا الحبيبة, وتطرح في وسائل الإعلام الأسئلة والاستفسارات, التي لا تعرف هل هي مغرضة أو رافضة لعدم شمول أصحابها التعيين, أو هي فعلا تسعي الي الإصلاح والرقي. وأثار انتباهي ذلك الأمر وبحثت فيه وخرجت بنتيجة من الواقع ان التأهيل للوظائف في الجهاز الاداري للدولة يحتاج مراجعة كاملة وشاملة لموضوعات ومستويات التأهيل لكل وظيفة وتخصصها, سواء بالدورات التدريبية المطلوبة لتولي هذه الوظيفة او بالاختبارات النظرية والمقابلات الشخصية كاختبارات المواجهة لتحديد مدي قدرة المتقدم للوظيفة للعمل بها, وتطرق الي ذهني كيف تم وما هو الاسلوب الذي تأهلت به في القوات المسلحة عند توليتي لأي وظيفة قيادية من بداية تشرفي بالانتساب إليها عام1966 وحتي تولي منصب مدير إدارة السلاح الذي انتمي اليه وهو من المناصب العليا وهذا التأهيل العلمي والمؤسسي الذي تلتزم به المؤسسة العسكرية واعتقد هو سر نجاحها الدائم بشهادة الجميع. إذا نظرنا الي التأهيل الوظيفي في الجهاز الاداري للدولة نجد ان التعيين في بداية السلم الوظيفي يتم بعد العبور من الكشف الطبي ثم يسكن علي الدرجة المناسبة للمؤهل الدراسي الحاصل عليه, ولم يؤهل لنوعية العمل التي تتطلبها الوظيفة, ويستمر في الخدمة والعمل والترقي حتي ان90% منهم يحال الي المعاش كما دخل الي الوظيفة وأن حوالي10% هم الذين يتم تأهيلهم لتولي مناصب مدير ادارة او مدير عام او وكيل الوزارة وهناك نسبة ضئيلة جدا يتأهلون بجهدهم الشخصي. المهم انك لا تجد الزاما بتأهيل معين ومحدد للدرجات الوظيفية. وأذكر انني والسيد الوزير المحترم السابق الكتور محمد ذكي ابو عامر عام1999 وكنت مديرا لكلية الدفاع الوطني باكاديمية ناصر العسكرية العليا تناقشنا في موضوع هذا التأهيل ومقترحات اضافة بعض العلوم الحديثة الي دورات التأهيل في مركزي إعداد القادة. وإذا نظرنا الي التأهيل في القوات المسلحة فإنه يبدأ من ملازم بعد تخرجه من الكلية العسكرية طبقا للتخصص ويستمر حتي بعد الترقي الي رتبة اللواء بالتسلسل الآتي فمن رتبة الملازم حتي رتبة المقدم لا يتم الترقي من رتبة الي أخري إلا بعد الحصول علي التأهيل العلمي والوظيفي. فمثلا لابد من اجتياز إختبارات لكل رتبة من النقيب والرائد والمقدم ومن يرسب في اختبارات اي رتبة يعطي فرصة واحدة للإعادة دون محاسبة ثم في المرة التالية يحال الي الاستيداع لمدة ستة اشهر ويتأخر عن دفعته في الترقي بعد نجاحه, بالاضافة الي الحصول علي دورات تأهيلية للوظائف التالية مثل قادة سرايا وكتائب ودورات فنية تخصصية لسلاحه حتي يمكن التصديق له علي شغل هذه الوظائف القيادية ثم للمستويات الاعلي عليه الحصول علي درجة الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والاركان حتي يمكن شغل وظائف الاركان وقيادة تشكيل اللواء, ثم الحصول علي زمالة اكاديمية ناصرالعسكرية العليا( كلية الحرب أو كلية الدفاع الوطني) حيث العلوم الاستراتيجية والامن القومي والفن العسكري الاستراتيجي وذلك لقيادة الفرقة او الجيش والمنطقة العسكرية بالاضافة الي البعثات الخارجية ثم دورة كبار القادة بعد الترقي لرتبة اللواء بالأكاديمية أيضا حيث دراسة العلوم السياسية التطبيقية, ومدرسوها هم الوزراء وكبارعلماء مصر كل في مجاله, وذلك حتي يستطيع تولي الوظائف العليا في المجالات الاستراتيجية القومية للدولة, ولذا فقيادات الجيش علي اختلاف مستوياتها دائما علي قدر المسئولية القيادية لتأهيلهم المستمر, وتكوين الشخصية القيادية المتعلمة والمتدربة فهل لنا الأخذ بهذا المنهج والاسلوب في الجهاز المدني وبمناهج علمية لكل مستوي قيادي او وظيفي. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا