خلال العقد الأخير غرس مجلس الدولة نفسه كطرف في معادلة الإصلاح بالأحكام التي يصدرها بدرجاته المتفاوتة أو من خلال هيئاته المتنوعة في الخلاف بين المواطنين و الحكومة علي مختلف الأصعدة و بين الفئات المتنوعة. وبدا مجلس الدولة طرفا محايدا بين الأطراف المختلفة تثيرأحكامه جدلا واسعا بين المواطنين كونه حكما غير منحاز يلجأ له الناس طلبا للعدل من ظلم يقع عليهم هنا أو هناك أو من قرار أو لوائح تصدرها هيئات حكومية في شئون حياتهم ومنها الانتخابات العامة. غير ان الصراع الأخير داخل مجلس الدولة حول تعيين المرأة قاضية زميلة لهم, خرج بالمؤسسة القضائية من صفوف الحياد بين فئات المجتمع إلي جزء من الصراع الاجتماعي الدائر بين الأطراف المختلفة. الخشية أن يصيب مجلس الدولة ما أصاب القضاء المدني من تداعيات جراء زج البعض منهم بالمؤسسة في أتون الصراع و الجدل السياسي قبل سنوات قليلة وتسبب في نزع ثوب الحياد عن الهيئة القضائية و زعزعة ثقة قطاع من الناس و إيمانهم بحياد القضاء. صحيح أن رفض تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة تم بأغلبية كاسحة,لكن ذلك لا يعطي الحق لأصحاب هذا الاتجاه في مواصلة تحدي الرأي العام, ومعاداة نصف أفراد المجتمع و إجهاض طموحاتهم و أحلامهم في المساواة المنتزعة منهم دون مبرر حقيقي. ليس صحيحا قول البعض من قضاة مجلس الدولة أن مبررات الرفض لا تتم علي خلفية أيديولوجية أو لأسباب تفسير ديني, فالمؤكد أن تصريحات البعض منهم أكدت ذلك,وألقت بظلال من الشك حول طبيعة حياد مجلس الدولة من أحوال المجتمع, وما إذا كان قضاته يحكمون بوازع إعادة الحقوق وإقامة العدل أم لأسباب تتعلق بمواقف مسبقة. صرخة رئيس مجلس الدولة المستشار محمد الحسيني' وكأننا في أفغانستان أو جاءت لنا طالبان' تشير لطبيعة المناقشات التي جرت في المجلس الخاص, وناقوس خطر من مستقبل يتعلق بحقوق المرأة إذا ما تم عرضها علي القضاء الإداري. بعد غد تبدأ جولة جديدة من' الصراع' داخل مجلس الدولة, وكل الأمل أن تتحول إلي حوار إيجابي ينجح في إخراج المجلس من دائرة الانحياز الفكري و الأيديولوجي المجتمعي, ويعيد الثقة والاطمئنان لنفوس المجتمع. [email protected]