محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    رئيس مصلحة الجمارك: نعمل على بناء منظومة جمركية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي    الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى يدين اعتراف إسرائيل بما يسمى «صوماليلاند»    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قرية عابود شمال غرب رام الله بالضفة الغربية    كونتي: نابولي غير جاهز ليكون قوة مهمينة على إيطاليا    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    القضاء الإداري يُلغي قرار نقيب الموسيقيين بمنع هيفاء وهبي من الغناء    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    رئيس وزراء الصومال: نستخدم القنوات الدبلوماسية للدفاع عن أرضنا ووحدتنا    حكومة بريطانيا في خطر بسبب علاء عبد الفتاح.. أحمد موسى يكشف مفاجأة(فيديو)    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    أمم أفريقيا 2025| منتخب موزمبيق يهزم الجابون بثلاثية    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    انطلاقا من إثيوبيا.. الدعم السريع تستعد لشن هجوم على السودان    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظهور نادر ل الإمام الأكبر في رحاب جامعة القاهرة

في لقاء هو الأول من نوعه في تاريخ الجامعات المصرية احتشد أكثر من1500 طالب وعضو تدريس في قاعة احتفالات جامعة القاهرة الكبري مساء أمس للاستماع إلي المحاضرة التاريخية التي ألقاها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب ضمن الموسم الثقافي للجامعة والتي وجه خلالها الحديث إلي الشباب عن منظومة الأخلاق والحضارات والولاء للوطن.
وأجري شيخ الأزهر حوارا مفتوحا مع الحضور تناول عددا من القضايا الشائكة مثل أزمة الخطاب الديني والتعليم ودور الأزهر والأوقاف في التصدي للتطرف والإرهاب وداعش.
وردا علي سؤال حول رفض الأزهر إصدار بيان لتكفير تنظيم داعش حتي الآن قال شيخ الأزهر.. المسألة تتوقف هنا علي الإيمان بالله تعالي فالايمان هو أن تؤمن بالله ورسوله وملائكته وكتبه ورسله والقضاء والقدر إذن النبي صلي الله عليه وسلم حدد كيف تدخل الإيمان وكيف تخرج منه ومنهجنا في الأزهر أن مرتكب الكبائر والموبقات مؤمن عاصي والتكفير يكون بخروج واضح من الإيمان أما منهج الخوارج ومن حذا حذوهم فإنهم يتبنون منهج تكفير مرتكب الكبائر
وتابع إذا قلت إن داعش كفار أكون مثلهم لأنهم يؤمنون بأن مرتكب الكبيرة كافر وأن الشعوب التي لا تحكم بما أنزل الله كافرة.
وأضاف: في منهج الأشاعرة الذي نتبعه في الأزهر وتعلمناه منذ أكثر من ألف عام فإن الكفر بالله هو الذي يخرج الشخص من الايمان والأزهر لا يحكم بالكفر علي شخص حتي إذا ارتكب كل فظائع الدنيا من قتل وموبقات ومرتكب ذلك لايخرج من الإيمان ولانستطيع أن نحكم عليه بأنه من أهل النار ولكنه مؤمن عاص وأمره مفوض إلي الله متابعا: نفي الكفر عنهم يضعهم تحت طائلة حكم شرعي آخر هو أن داعش مفسدون في الأرض وتنطبق عليهم أحكام الآية الكريمة أن يقتلوا أويصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أوينفوا من الأرض
وشدد الطيب علي ضرورة العمل علي إصلاح منظومة التعليم مؤكدا أنه من دون إصلاحه ستذهب كل الجهود المبذولةفي الخطاب الديني والبرامج إلي البحر, ونحن في منظومة التعليم الأزهري بدأنا بالفعل العمل علي تجديد الخطاب الديني في مناهج المرحلة الإعدادية وقدمنا للطلاب علوما بلغة العصر الحديث لكن هناك فارقا كبيرا بين التجديد والتدمير ونصوص القرآن الكريم والأحكام لا يمكن الاقتراب منها والاقتراب منها يعد تدميرا للدين أما التجديد فهو محاولة إيصال مفهوم النصوص لما يتوافق مع العالم المعاصر.
وردا علي تساؤل آخر حول إمكانية التنسيق بين الأزهر والأوقاف في مواجهة التطرف قال شيخ الأزهر هناك نقطة يجب أن تكون واضحة أمام الجميع.. الأزهر مؤسسة تعليمية في المقام الأول والأوقاف مؤسسة دعوية ونعمل علي تنسيق الجهود فيما بيننا لمواجهة التطرف بأشكال عديدة مع مراعاة الدور التعليمي للأزهر في المقام الأول ولذلك بدأنا بتعديل المناهج والمقررات ونساهم بالقوافل الدعوية مع الأوقاف ونعمل علي التنسيق بين وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر لإعداد مبني يضم كل الكتب, وإنشاء موسوعة كبيرة بها كل الأحاديث الصحيحة ولكن ذلك سيستغرق من ثلاثة إلي خمسة أعوام.
وتجنب فضيلة الإمام الرد علي تساؤل طالبة عن هجوم وسائل إعلام علي الأزهر الشريف مكتفيا بقوله الأزهر الكريم دائما مظلوم ومن الثابت والمعلوم أنه إذا اهتز الأزهر اهتزت مصر كلها أما من يهاجمون الأزهر فالسؤال يوجه إليهم والبعض يريد من هجومه الإصلاح والبعض الآخر يريد العكس.
وكان الطيب في كلمته قد قال موجها حديثه للطلاب سعيد أن أوجه كلماتي لأبنائنا الشباب من الطلاب والطالبات, لأن كلماتي في هذه المحاضرة ستكون بالنسبة للأساتذة بالتأكيد من باب تكرار القول علي مسامعهم, وسأكون معها كحامل التمر إلي هجر كما يقولون, وأصارحكم القول بأنني ما إن بدأت أفكر في موضوع أخاطب به شباب الجامعات في مصر, وألمس به مشكلاتهم وهمومهم وأحلامهم لمسا مباشرا حتي انفتحت أمامي آفاق من القضايا المختلفة, والموضوعات المتباينة, التي لا يمكن لأي محاضر مهما بلغت قدراته البلاغية علي الاختصار والإيجاز أن يتحدث عنها حديثا يطمح إلي فصل الخطاب فيها في محاضرة واحدة, ولم أدر حينذاك هل أتحدث عن الشباب والوطن؟ أو الشباب وتحمل المسئولية؟ أو حقوق الشباب علي الكبار وعلي الدولة؟ أو الشباب والعلم؟ أو الشباب والعمل؟ أو الشباب والإيمان؟ أو الشباب والإلحاد؟ أو الشباب والأخلاق؟, أو الشباب واللامبالاة؟ إلي قضايا أخري يضيق المقام عن سردها, وكلها مما ينبغي, بل مما يتعين, أن نتحدث فيه إلي الشباب, حديثا صريحا مفتوحا, بصوت عال, وتأصيل حضاري أمين, متقيدا بالواقع ومشكلاته, واللحظة وضروراتها, ومصر وما تمر به من أزمات وتحديات.
وأضاف الطيب أقول للشباب إنه لا ينبغي أبدا, أن تذهلوا عن ميراثكم الحضاري الذي تتميزون به عن بقية شباب العالم, أو تتناسوا معدنكم النبيل الذي تضربون بجذوره في قديم الأزمان والآباد, أو تاريخكم العريق الذي صنعكم وصنعتموه, فأنتم شباب مصر من بين سائر شباب العالم, تسندون ظهوركم إلي حضارات أصيلة تجري في دمائكم وعروقكم وهي حضارة قدماء المصريين, والحضارة المسيحية في مصر, والحضارة الإسلامية والعربية, وما أظن أن الأقدار قد جمعت لشباب غيركم مثل هذا التنوع الحضاري, ومثل هذا الموروث الثري, الممتد علي طول التاريخ السحيق, واذا قلتم إن الشباب في كل أصقاع الدين له تاريخ وله حضارات قديمة أقول صدقتم, ولكن الفرق الذي يجب أن نتوقف عنده ونتأمله يتضمن أمرين الأول أن حضارات الدنيا كلها هي حضارات أحدث من حضارة المصريين القدماء, وأن حضارة المصريين هي الأقدم, وبالأمس الأول, زارني في مكتبي رئيس كنائس الصين, وسألته عن أعرق الحضارتين وأقدمهما وهل هي حضارة الصين أم هي الحضارة المصرية القديمة؟ فلم يتردد في القول بأن حضارة مصر هي الأقدم, ولم تأخذني العزة التي تأخذ كل مصري وهو يطرب لسماع هذا الكلام, بل ألم بي شيء غير قليل من الانقباض, حين قارنت ما وصلت إليه حضارة الصين الآن, وما وصلت إليه حضارة مصر التي هي أعرق وأقدم وكان الأمل أن يكون العكس هو المأمول لو أن الأمور سارت في اتجاهها الصحيح, والفارق الثاني أن الشباب في الحضارات الأخري غير متواصل مع تراثه, بل هو متقاطع معه ومتجاوز لموروثه ومخزونه, ومن أين له هذا التواصل وهو لا يعرف لغة تراثه, ولا يتحدثها, ولا يرغب في أن يتعرف علي ما يختزنه هذا التراث من كنوز في المعرفة والدين والسلوك والأخلاق؟! علي أن هذا البتر المتعمد بين التراث والمعاصرة, كان سببا في خلق أجيال حديثة هناك تنتمي إلي تغيرات الزمان وتبدلات المكان, بأعمق مما تنتمي إلي فلسفة المبدأ والأنموذج, بعد أن محت هذه الأجيال من ذاكرتها تراث القرون الوسطي بكل كنوزه العلمية والمعرفية, وبكل آثاره التي لم تعد تمثل شيئا ذا بال في خيالهم أو ذاكرتهم.
وقال الطيب إذا كان من الإنصاف والعدل أن تعترف الإنسانية كلها بالجميل لحضارة الغرب الحديثة من حيث المعرفة والفلسفة, والاختراعات العلمية, فمن الحق أن نسجل عليها أنها خلقت بالتوازي مع كل ما تقدم ما يشبه الأزمة أو الفوضي, أو غبش الرؤية بالنسبة لإنسان العصر الحديث, مضيفا ان الحضارة الإسلامية, التي هي أحدث الحضارات الشرقية, وأعمقها أثرا في نفوسنا, تشبه المثلث المتساوي الأضلاع, هذه الأضلاع هي: الوحي الإلهي, والعقل المنضبط بالوحي, والأخلاق.
وأضاف أنه كما أن الفلسفة الخلقية في الإسلام لا تعرف نسبية القيم, ولا تعترف بالمبدأ الميكيافيلي الذي يبرر الغاية بالوسيلة, ولا تؤمن بمبدأ الكيل بمكيالين في الحادثة الواحدة أو النوازل المتماثلة, ولا غير ذلك من القيم المنحرفة التي ارتبطت بالعقل المستبد, وكانت سببا مباشرا في أزمة الإنسان المعاصر وآلامه وعذاباته, فإن العبادة في الإسلام لا تغني عن الأخلاق حتي وإن كثرت وبلغت عنان السماء, والعبادات في الإسلام إذا لم تستند إلي ركائز خلقية فإنها تصبح في مهب الريح.
ووجه خطابه للشباب قائلا علي الذين يظنون أن الإسلام منحصر في المساجد وفي الرسوم والأشكال, وأنهم فيما وراء ذلك أحرار في إطلاق ألسنتهم بنقد زملائهم وتجريحهم, وأنهم متميزون عن بقية خلق الله فعلي هؤلاء أن يتيقظوا جيدا لهذا التشريع النبوي في أمر العلاقة بين الأخلاق والعبادة حتي لا يغامروا بعبادتهم ويلقوا بها في مهب الريح ويصيروا إلي ما صارت إليه هذه المرأة التي ألقي بها لسانها في قرار جهنم وبئس المصير.
وأضاف أيها الشباب يجب أن تتحركوا, وأن تفكروا, وأن تعلموا, وعليكم أن تدركوا الحدود الفاصلة بين العقل المستضيء بنور الوحي الإلهي ونصوصه الصحيحة الثابتة, والعقل الجامح الذي يدمر في طريقه كل شيء, واعلموا أن للعقل مجالا, وللوحي مجالا آخر, وأن الخلط بينهما, أو الاعتماد المطلق علي أحدهما في مجال الآخر, لا يؤدي إلا إلي الاضطراب, وأود أن أشير إلي أن الولاء للوطن, وبخاصة في هذا المنعطف الذي تمر به مصر والأمة العربية كلها هو أن تكونوا علي مستوي المسئولية التي تقع علي عواتقكم, وأن تكونوا علي ذكر دائم لأمانة الوطن التي ستلقون بها ربكم, وأنتم مسئولون عنها لا محالة ولا مفر ولا جدال في ذلك, ثم هي مسئولية في هذه الحياة الدنيا.. يسجلها التاريخ وتحفظها الأيام, والتاريخ لا يرحم, كما يقولون. فاحرصوا علي أن تكون صحيفتكم الوطنية بيضاء نقية في سجلات التاريخ, واحرصوا علي أن تذكركم الأجيال القادمة بالثناء والعرفان بالجميل, كما نذكر نحن- الآن-شباب مصر في القرن الماضي بالإعجاب والتقدير لصموده في وجه الاستعمار, وإبطال خطط المتربصين والمفسدين في أرض مصر آنذاك. فقفوا إلي جوار مصلحة هذا البلد الذي نأكل ونشرب من خيراته, ونتعلم ونسرح ونمرح علي ثراه, ولا تكونوا من الذين يأخذون من مصر بأيمانهم ويطعنونها من الخلف بشمائلهم, فما هكذا الرجال, وما هكذا أهل المروءة والوفاء.
وتابع أيها الأبناء الأعزاء لا تظنوا أنني جئت لأذكركم بما يجب عليكم وما يحسن ويجمل بكم, وأنا في غفلة من أمر مشكلاتكم ومعاناتكم وآلامكم فرغم أني تجاوزت مراحل الشباب وودعته راغما- كما يقولون- لم أنس أبدا آلام جيلي أيام أن كنت شابا, ولا مسئولياته عن أوضاع فرضت عليه فرضا لم يشارك في صنعها, ولم يكن له فيها ناقة ولا جمل.. كنا ندفع فواتير الحساب لغيرنا, ونتحمل تبعات خطأ الآخرين.. وقد عرفنا الحروب, وما خلفته من دمار, وأزمات اقتصادية واجتماعية, وكان أقساها علي نفوسنا انسداد باب العدالة الاجتماعية والمساواة في وجوهنا.. وأنتم وإن كنتم تعيشون مشكلات شبيهة بهذه المشكلات, إلا أن التخلص منها لن يستعصي علي حكمتكم وفطنتكم وصبركم, ما دامت لكم إرادة صادقة, وفكر هادئ متزن ورؤية صحيحة للواقع والأحداث, وما يحاك للمنطقة ويتربص بها من وراء البحار, وعليكم أن توطنوا أنفسكم علي قراءة الواقع قراءة رشيدة وأنتم تتصدرون لحل هذه المشكلات, ولا مفر لكم من أن تديروا ظهوركم للحلول التي لم تعد صالحة لمواجهة التحولات والتحديات المعاصرة.. فالجري وراء الوظيفة الحكومية والتشبث بها, وضياع زهرة العمر في انتظارها, والنفور من العمل اليدوي, وعبادة الشكل والمظهر, والركون إلي الدعة والراحة.. كل هذه موروثات يجب التخلي عنها إذا أردنا أن نتحرك بالمجتمع المصري نحو العمل والإنتاج والعدالة الاجتماعية المنتظرة والمساواة المنشودة.
ووجه خطابه للمسئولين قائلا إنه يجب علي كل المسئولين في الدولة, أن يشاركوا الشباب في تقشفه وفي معاناته, وأن يقاسموه همومه وآلامه, بخطط عملية, بعيدة كل البعد عن الشعارات التي لا تقول شيئا, والتي يسخر منها الشباب, ولا يجد فيها فائدة تمس حياتهم أو تغير من واقعهم.. وكم أحلم بل أتمني علي الأثرياء والمستثمرين أن لو استثمروا أموالهم في التقليل من معاناة الشباب, والأخذ بأيدهم نحو نهضة حقيقية يلمسون آثارها لمسا مباشرا, وكم تساءلت في عتاب وارتياب أيضا لماذا لا يستثمر القادرون أموالهم في بناء وحدات سكنية بأجرة قليلة لتمكين الشباب الرقيق الحال من الاستقرار النفسي ومن بناء أسرة صغيرة.. ولماذا لا تتغير ثقافة المجتمع في مسألة تكاليف الزواج وتعقيداته التي لا معني لها, والتي وصلت إلي حد التكليف بما لا يطاق, وأين دور الفقهاء والعلماء والدعاة والإعلاميين والمثقفين والفنيين في تغيير هذه العادات السيئة, التي جاء الإسلام ليحطمها وينقضها من الأساس؟ ألم ييسر نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم من أمر تكاليف الزواج حتي جعل المهر كفا من سويق أو خاتما من حديد ؟! فأين كف السويق وخاتم الحديد من كف الذهب وخاتم الماس وغيرهما, مما تتباهي به الأسر الثرية, وتستفز به مشاعر الفقراء وأحاسيس البسطاء؟! بل تستفز به مشاعر المجتمع كله وتدفع ببعض الشباب إلي الانحراف والإصابة بالأمراض الخلقية والنفسية.
واختتم حديثه قائلا أيها الشباب أعرف أنكم تسألون عن الإرهاب, وعن داعش وأخواتها.. وما أظنكم بغافلين عن حقيقة هذه التنظيمات المسلحة, والظروف التي ولدت فيها, وكيف أنها ولدت بأنياب ومخالب وأظافر, وكيف أنها صنعت صنعا لحاجة في نفس يعقوب, ومعني في بطن الشاعر, وقد صار اللعب الآن علي المكشوف, وظهر ما كان بالأمس مستخفيا, ولعلكم أصغيتم السمع إلي رؤساء الدول وهم يتبادلون التهم حول شراء البترول من جماعات الإرهاب في بلادنا العربية, ولعلكم تتساءلون معي: هل القضاء علي حاكم حتي لو كان ديكتاتورا يتطلب إبادة دول وشعوب؟ وقتل ثلاثة أرباع مليون من الرجال والنساء والأطفال في بلد واحد وحرب واحدة؟ وإني لأترك الإجابة الأليمة لفطنتكم ووعيكم, فقد يكون جيلكم أوعي بهذه الظروف وبملابساتها, من جيلنا الذي بدأ يميل إلي الغروب.
ياولدي هذا شيخك الطيب
استبقت جامعة القاهرة لقاء شيخ الأزهر التاريخي أمس بطباعة كتيب تم توزيعه علي طلاب الجامعة تضمن السيرة الذاتية لفضيلة الدكتور أحمد الطيب وأهم المناصب التي تقلدها والأوسمة الحاصل عيها ونبذة عن مؤلفاته العلمية قبل تولي شئون المشيخة.
كماضم الكتيب مجموعة من أهم أقوال الإمام التاريخية عن الإعلام المعاصر وبرامج الفتاوي الشاذة والجدال والتكفير وقتل الآمنين والخطاب الديني وحق المسيحيين في المواطنة إضافة إلي مقال طويل كتبه رئيس الجامعة الدكتور جابر نصار عن شيخ الأزهر في إحدي الصحف اليومية تحت عنوان ياولدي.. هذا شيخك الطيب عدد فيه مآثر فضيلة شيخ الأزهر وتطرق إلي بعض المواقف التي جمعته شخصيا به كعدله ورفضه الواسطة في قبول بعض الطلاب من أبناء جهات سيادية بالمخالفة للقانون أثناء توليه رئاسة جامعة الأزهر كما تطرق إلي زهد شيخ الأزهر وورعه في بعض المواقف الشخصية وامتناعه عن تقاضي راتبه كشيخ للأزهر.
الطيب في سجل الخالدين بالجامعة
حرص فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر علي تسجيل كلمة في سجل الخالدين بجامعة القاهرة التاريخي قبل لقائه المفتوح بالطلاب في قاعة احتفالات الجامعة الكبري أمس
وأشار الطيب في كلمته التي بدأها بشكر الجامعة والتعبير عن سعادته وتشرفه بلقاء الطلاب إلي أن اللقاء عاد به إلي ذاكرة فرسان الأدب والعلم والثفافة الذين تخرجوا في هذه الجامعة وكانوا روادا لنهضة مصر. واختص شيخ الأزهر الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة بالشكر واصفا إياه بالعالم الشاب قائد ذلك الصرح العظيم والتاريخي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.