أكد حزب المؤتمر الوطني الحاكم التزامه بالاعتراف بنتائج استفتاء تقرير المصير في جنوب السودان الذي تشير كل النتائج الأولية إلي أنه سيؤدي إلي الانفصال. وقال كمال حسن علي القيادي البارز بالحزب ووزير الدولة السوداني للشئون الخارجية إن حزبه سينفذ ما اتفق عليه من قبول نتيجة الاستفتاء, طالما كانت تعبر عن إرادة ورغبة الجنوبيين, رغم أنه كان يأمل للوحدة وعمل من أجل تحقيقها, وأكد أن المهم الآن هو تحقيق السلام والتعاون بين الشمال والجنوب وعدم العودة إلي الحرب مجددا, وحل القضايا العالقة بينهما بالحوار والوسائل السلمية. وحول الوضع في شمال السودان ودعوة أحزاب المعارضة لإسقاط النظام قال الوزير السوداني: لقد توافقنا في الشمال علي التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات التي تمت برقابة إقليمية ودولية في أبريل من العام الماضي, وفاز فيها حزبنا المؤتمر الوطني باكتساح, وبالتالي فإن مطالب المعارضة الآن بتشكيل حكومة قومية انتقالية هي غير موضوعية, وأضاف: أن الظرف التاريخي الدقيق والعصيب الذي يمر به السودان حاليا يتطلب من تلك الأحزاب العمل مع المؤتمر الوطني, وليس بانتهازية سياسية, حتي لا يتم إدخال البلد في دوامة, مؤكدا أن الظروف الحالية تحتاج حكومة قوية, وأشار إلي أن الرئيس عمر البشير عرض حكومة موسعة تضم من يشاء من أحزاب المعارضة, لكن المعارضة أصرت علي حكومة قومية, وهو حل غير عملي وغير منطقي, لأن حزبنا المؤتمر الوطني وصل للحكم عبر تفويض شعبي. وقال: إن حزب المؤتمر متوافق مع نفسه وشعبه وسيظل يعتمد الوسائل السلمية لحل المشكلات, وسيتجاوب مع أي خطوة موضوعية, لكنه حذر أن أي إملاء أو تهديد بإسقاط النظام لن يتهاون في التعامل معها. كيف تقيم تطورات التسوية السلمية بشأن دارفور؟ = إن كل القضايا المطروحة تم الاتفاق علي90% منها, ولم يتبق سوي نقطتين فقط, والخرطوم في انتظار وثيقة من الوساطة للاتفاق عليها وتوقيعها. - ولكن هل سيكون الاتفاق المرتقب مع حركة واحدة فقط هي التحرير والعدالة كافيا لحل قضية دارفور؟ = الاتفاق سيكون مع حركة التحرير والعدالة, لكنه سيحسم شكل السلطة والتنمية والتعويضات وغيرها من القضايا المطروحة في دارفور, ومن أراد أن يوقع عليه بعد ذلك سواء حركة العدل والمساواة أو غيرها فيمكنها أن تلحق به, وسيكون فقط ترتيبات أمنية منفصلة لكل حركة علي حدة, مشيرا إلي التأييد الذي تجده مفاوضات الدوحة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. - هل تظلقضية أبييأكبر مهدد للعلاقة بين الشمال والجنوب؟ = نعم هي قضية تحتاج حقيقة إلي حل وهي مهددة فعلا للسلام إن لم يتم حلها, لكن الطرفين يستطيعان تجاوزها بتغليب إرادة السلام والحوار, مؤكدا أنها لن تكون أصعب من حل مشكلة الجنوب. - كثيرون يحملون حزبكم المؤتمر الوطني المسئولية عن انفصال الجنوب؟ = مشكلة الجنوب لم تبدأ اليوم, بل منذ أن جعل المستعمر الإنجليزي من الجنوب مناطق مقفولة عام1930 ومنعه من التواصل مع الشمال, ثم الحرب الأهلية التي بدأت عام1955, ثم اشتدت عام.1983 - مطالب الجنوب كانت محدودة, وأنتم الذين أوصلتموها لتقرير المصير؟ = نعم وافقنا علي إعطاء الجنوب حق تقرير المصير, بعد أن وافقت عليه كل الأحزاب السودانية قبل توقيع اتفاق نيفاشا للسلام عام2005, وانطلقنا إلي ذلك بعد تلمسنا لرغبة المواطن السوداني في وقف الحرب وتلبية رغبات المواطن الجنوبي بما فيها حق تقرير المصير, وكان من الصعب إبرام اتفاق سلام بدون الموافقة علي تقرير مصير الجنوب. - الأحزاب السودانية المعارضة تحملكم المسئولية عن فصل الجنوب وتقول أنكم ضحيتم بالوحدة مقابل كراسي الحكم؟ = لو أننا انتهازيون ننظر لمصلحتنا فقط دون مصلحة البلد لكان ممكنا تعطيل الاستفتاء حتي لانتحمل مسئولية فصل الجنوب, ولكن الحرب كانت ستستمر, ونكون قد دخلنا في إشكاليات كبيرة, ولن تتحقق الوحدة بالقوة, لكننا حزب مسئول, ورأينا من الأفضل أن نجنب البلد مزيدا من القتل والدمار, وعملنا كل مايمكن للحفاظ علي وحدة البلد, لكن رغبة الانفصال في الجنوب أصبحت واضحة للجميع. - يثور خلاف حول المواطنة والجنسية لمواطني الشمال في الجنوب والجنوبيين في الشمال حال الانفصال ؟ = المواطنة ليست قضية, فهي مسألة محسومة, كيف يكون للجنوبيين مواطنة في الشمال بعد تقرير مصيرهم وانفصال الجنوب. - كيف ستكون العلاقة مع دولة جديدة في الجنوب ؟ = من جانبنا نحن حريصون كل الحرص علي تعاون كامل لمصلحة البلدين, وستكون المصلحة الاقتصادية عامل تقارب, وكلا الطرفين في شمال السودان وجنوبه سيحتاج للآخر, وكسياسيين لانتعامل بالعواطف فقط, وإنما سنسعي لإيجاد علاقات تعاون وثيقة, ولاننسي أن بيننا صلة أرحام وآلاف الأسر المتداخلة, وأعتقد أنه ستكون للجنوب وضعية خاصة في علاقات الشمال, ونأمل أن يبادلنا ذات الرغبة, لأن التعاون المشترك يتوقف علي إرادة طرفين, وليس طرفا واحدا فقط. - البعض مازال متخوفا من أن يسعي المؤتمر الوطني لإشعال حرب مع الجنوب؟ = لوكنا نريد حرب بالفعل لأقدمنا عليها قبل الاستفتاء للتنصل من المسئولية التاريخية عن انفصال الجنوب, لكننا حزب مسئول, وقيادتنا قيادة مسئولة, وقد سعت لاتفاق سلام مرضي عنه من قبل الشعب, ولولم يكن الشعب راضيا عنه ما استجاب له, فحزبنا يعيش نبض الشارع ولذا قرر وقف الحرب, ولانريد العودة إليها ثانية, ولن نبادر إليها مطلقا, أو نخوضها إلا دفاعا عن النفس. - اتهمتم حكومة الجنوب بإيواء الفصائل المسلحة بدارفور في الجنوب... هل أنتم راضون الآن بعد تعهد الجنوب بعدم إيوائها ؟ =مازالت هناك مجموعات من الفصائل المسلحة في دارفور بالجنوب, وهذا خطر علي الجنوب قبل أن يكون خطرا علي الشمال, وحديث القيادات الجنوبية عن عدم إيواء العناصر الدارفورية مازال كلاما وليس فعلا, والجنوب يحتاج استقرارا, وفي ظل إثارة المشكلات للشمال لا أعتقد أنهم سيستطيعون إقامة دولة. - وكيف تتوقع دولة الجنوب القادمة ؟ =نأمل أن تراعي دولة الجنوب القادمة حقوق مواطنيها وأن تهتم بأمورهم, وأن تكون دولة عادلة في ظل كثير من التباينات, وألا تركز جهودها علي الكيد لدولة الشمال. - أي مصير للشمال بعد انفصال الجنوب المتوقع... ألا تري أن مشكلات كثيرة تثور في الشمال الآن ؟ =الفرق بيننا وبين كثير من الدول أن مشاكلنا علي الطاولة, وقد اعترفنا بها جميعا, وفي سبيلنا لحلها. - هل تخشون من تكرار المعارضة السودانية لنموذج الثورة الشعبية في تونس ؟ = في تقديري الثورة الشعبية لها مقومات, والشعب السوداني ليس لديه استعداد للثورة علي نظام حكم حقق له أكبر الإنجازات, وزعماء المعارضة الصادق المهدي وحسن الترابي ومحمد عثمان الميرغني خاضوا الانتخابات ومهما تحدثوا عن تزوير بها فإنه قد ثبت أنه لاوجود لهم في الشارع يسندهم لتطبيق النموذج التونسي في الثورة الشعبية. - المعارضة السودانية تهدد بالتصعيد والانتفاضة ؟ =لسنا نظاما معزولا, بل نحن نظام مسنود شعبيا, ونجد التفافا من الشعب حولنا, وبالتالي لا أجد بقراءة موضوعية مقومات لانتفاضة ضد النظام. - حديث الرئيس البشير في ولاية القضارف عن تطبيق الشريعة ودولة عربية لاتنوع فيها أثار مخاوف كثيرين؟ = الشريعة التي يطالب الرئيس السوداني عمر البشير بتطبيقها لاجدال في تطبيقها, لكن هذه الشريعة تحفظ للناس حرياتهم وحقوقهم, وتحفظلغير المسلمين حقوقهم كاملة.