حول ذلك يقول الدكتور محمد دسوقي-استاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن حرص النبي صلي الله عليه وسلم, علي الإكثار من الصوم في شعبان لحكمة وإشارة إلي أن بعض ما يشتهر يكون غيره أفضل منه, وذلك بالنسبة للأشخاص والأماكن, وشعبان يأتي بعد شهر رجب المحرم فكان صلي الله عليه وسلم يعمره بالطاعة إشارة إلي أن أوقات الغفلة يستحب فيها الطاعة, ولذلك كانت العبادة والقربات لله وقت الغفلة أو في الأسواق بأجر مضاعف لقوله صلي الله عليه وسلم, من دخل سوقا من الأسواق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة, ورفع له ألف درجة, ومحا عنه ألف ألف خطيئة. ويضيف د. الدسوقي.. كما أن الصوم في شعبان من النوافل التي شرعت قبل الفرائض أو بعدها فتكون بعد الفرائض لجبر الخلل الذي حدث فيها, وقبلها من باب التدريب والتهيئة, فكانت الحكمة من مشروعية الصوم في شعبان بالإضافة لأنه باب لترويض النفس والاستعداد لشهر رمضان لتكون غاية في الاستعداد لتشعر بلذة الصوم, وهذا لا يتحقق إلا من خلال الإكثار من النوافل, والتي تقرب العبد من خالقه سبحانه وتعالي لقوله لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطيه, ولئن استعاذ بي لأعيذنه. ويقول الشيخ عبدالقادر فاروق من علماء الأزهر- أن اهتمام النبي صلي الله عليه وسلم بالصوم والطاعات لله في شهر شعبان له معنيان الأول أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان, وهما شهران عظيمان الشهر الحرام رجب وشهر الصيام رمضان فكان الناس في اهتمام بهما, وكثير من الناس يظن أن صوم رجب أفضل من صيام شعبان لأنه شهر حرام, وأن صوم شهر شعبان بمثابة تمرين علي الصيام لئلا يدخل في صوم رمضان علي مشقة وكلفة, بل يكون قد اعتاد حلاوة الصوم في شعبان فيستقبل رمضان بنشاط أكبر, ولهذا كان شعبان شبيها برمضان, ومقدما له فشرع فيه ما يشرع في رمضان من صيام وقراءة قرآن, وإن كان دونه في الثواب لتتأهب النفوس, وتروض علي طاعة الرحمن فضلا عن أن هذا الشهر قال عنه صلي الله عليه وسلم أنه فيه يطلع الله إلي جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن. ويري الدكتور أحمد عمر هاشم أن القرآن يحدثنا عن الزمن وأهميته, ومن محاسن الزمن وإيجابياته حسن العمل ورفعه إلي الله عز وجل ففي شهر شعبان فضائل كثيرة ومتعددة منها أن رسول الله كان يكثر الصيام في هذا الشهر, وحينما سئل قال إن هذا الشهر الذي قد يغفل عنه كثير من الناس ترفع فيه الأعمال إلي الله, وأحب أن يرفع عملي إلي الله وأنا صائم, وأضاف عثمان. شهر شعبان يعد بمثابة السنة الختامية لكل مؤمن يرفع فيه رصيده من الأعمال. إليه يصعد الكلام الطيب, والعمل الصالح يرفعه. كما أن هذا شهر يستجاب فيه الدعاء خاصة في ليلة النصف منه.. كما أن هذا الشهر قد أعطي الأمة ذاتيتها ووسطيتها حينما حولت القبلة إلي البيت الحرام.. وكل هذه فضائل عظيمة فيها القيم والعبادة, وفيها استقلالية الأمة لشخصيتها وعظمتها. بينما يقول الشيخ إبراهيم الزنفلي من علماء الأوقاف- أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) كان يكثر من الصيام في شهر شعبان, ولما سئل عن ذلك قال ذلك شهر بين رجب ورمضان يغفل الناس عنه, ولذلك أنا أصومه. وأكد الزنفلي أن ما اعتاد الناس عليه من صيام منتصف شهر شعبان وتعظيم أيامه منه أو ليالي دون غيره لم يرد علي شأنه نص, ولهذا قد نهي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) عن الصيام بعد انتصاف شهر رمضان فقال( صلي الله عليه وسلم) إذا انتصف شهر شعبان فلا يصم أحد بعده إلا صوم كان يصومه الانسان قبل ذلك فليصمه. مما يدل علي أن هذا النصف الثاني من شهر شعبان منهيا عن صيامه إلا إذا كان المسلم يصوم قبل انتصاف الشهر أيام لم تتم فليتمها في النصف الثاني من الشهر, وكذلك يحق من يصوم يوم الاثنين والخميس أن يصوم هذين اليومين حتي بعد انتصاف شهر شعبان يضاف إلي هذا إن كانت هناك أيام علي المرأة, ولم تتمكن من قضاء ما عليها إلا في النصف الثاني فإن لها أن تقضي ما أفطرته في النصف الأخير من شعبان, وكذلك الرجل وقد روي عن عائشة أنها قالت كان يقوم عليا الصيام في رمضان فلا أقضي أيامه إلا في شهر شعبان, وهذا يفيد إن قضاء ما أفطر في رمضان في النصف الثاني من شعبان لا حذر فيه, ولا كراهية.