ما زالت أزمة المهاجرين غير الشرعيين الى أوروبا ووقوعهم فريسة لأسماك البحر المتوسط تتزايد حدتها بعد الكارثة التى شهدتها مياه البحر المتوسط الأيام الماضية والتى راح ضحيتها أكثر من 900 مهاجر حسب رواية أحد الناجين من القارب من بينهم 50 طفلا و200 امراة إثر تصادم القارب بسفينة شحن. وأدت هذه الحادثة الى استنفار دولى لايجاد حل يحفظ حياة هؤلاء المهاجرين الذين لا ذنب لهم الا انهم تركوا ديارهم بحثا عن الاستقرار فى اماكن اخرى بعد الفوضى والخراب اللذين ضربا أوطانهم. فقد أشار الكاتب ريك نواك بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن أوروبا المتهم الأول فى تلك الكارثة، وذلك بعد موافقة الدول الأعضاء فى حلف شمال الأطلنطى "الناتو" على فرض حظر جوى على ليبيا أيام العقيد الراحل معمر القذافي. وبالفعل قاموا بقصف ليبيا التى تحولت الى دولة فوضوية تحكمها الصراعات والحروب، لكنها فشلت فشلا ذريعا فى إعادة بنائها أو حتى مساعدتها فى تحسين أوضاعها، وهو ما أجبر سكانها على النزوح، ولم تتعلم تلك الدول من أخطاء الماضى بل تسعى إلى تكرار نفس السيناريو فى سوريا للتخلص من بشار الأسد دون النظر إلى الدروس المستفادة من ليبيا. وأضاف أن تلك السياسات كانت سببا رئيسيا فى هجرة المئات بل الآلاف من المشردين الذين جازفوا بأرواحهم فى عرض البحر باحثين عن الأمن والاستقرار فى تلك الدول الأوروبية التى أغلقت أبوابها أمامهم مطلقة رصاصة الرحمة بتخفيضها فرق الانقاذ محاولة منها لردع اللاجئين. وتحججت الدول الأوروبية وفى مقدمتهم إيطاليا بأن تلك مهمات الإنقاذ تكلفها ما يقرب من 120 مليون دولار شهريا لذا قررت إيقافها، فى الوقت الذى رفضت فيه دول "الاوروبي" تقديم اى نوع من انواع الدعم مؤيدين قرار ايطاليا، مشيرين الى ان تلك الفرق قد تجذب المزيد من المهاجرين. ولإبعاد أى اتهامات عنهم، قاموا بتشكيل برنامج جديد يعمل على توظيف عدد محدود من الزوارق بالقرب من حدود دول الاتحاد الاوروبى لمراقبة المهاجرين وليس لإنقاذهم خاصة ان معظم كوارث الغرق تحدث على مقربة من الحدود الليبية. وفى هذا السياق، فقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون فى بيان أصدره المكتب الصحفى للأمم المتحدة، ان تلك الكارثة يجب ان تهز الضمائر العالمية مطالبا اوروبا بضرورة استقبال واحتضان المهاجرين الفارين من الفقر والحروب والاضطهاد، خاصة انهم فى حاجة ماسة لحمايتنا فى وقت من اشد الاوقات احتياجا، واصفا البحر المتوسط بأنه تحول الى ابشع مقبرة فى العالم. وتساءلت الصحيفة عن جدوى الوعود الأوروبية التى اكدت وضع خطط لمعالجة جذور المشكلة التى ترجع الى الفوضى التى احدثوها فى ليبيا وعدد كبير من بلدان الشرق الاوسط فكيف سيعالجونها وهم من تسببوا فيها؟ ولماذا يعلق الراغبون فى الهجرة آمالا كبيرة على تلك الوعود؟ واكدت ان الدول الاوروبية دائما ما تتعامل مع القادمين من دول شمال افريقيا والشرق الأوسط على انهم مواطنون من الدرجة الثانية لذا فتضييق الخناق عليهم للحصول على تأشيرة فى حين تسمح بها للاغنياء الذين يصنفون من الدرجة الاولي. لم تقف تلك الدعوات هنا فقط، بل طالبت مجموعة من قيادات ومديرى المنظمات الدولية، القادة الأوروبيين بأن يجعلوا حياة الإنسان والحقوق والكرامة أولا وذلك عند الاتفاق على الاستجابة المشتركة للأزمة الإنسانية فى البحر المتوسط. وفى بيان مشترك وموقع من تلك المنظمات الدولية، أوضحوا ان الاتحاد الأوروبى قام على المبادئ الأساسية للإنسانية والتضامن واحترام حقوق الإنسان، وحثوا الدول الأعضاء فى الاتحاد على إظهار القيادة الاخلاقية والسياسية فى اعتماد خطة عمل شاملة واستشرافية تركز على هذة القيم لمعالجة أزمة المهاجرين الذين يعبرون المتوسط.