في غمرة الانشغال بالقضايا والأحداث والأزمات علي امتداد الساحات العربية, قامت قطر بتحرك جديد بالتعاون مع إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية, من شأنه إنهاء القضية الفلسطينية وتحويلها إلي نزاع داخلي بين الفلسطينيين أنفسهم. ففي9 مارس الماضي جري الإعلان عن دخول السفير القطري محمد العمادي إلي قطاع غزة قادما من معبر إيريز الإسرائيلي, وهو معبر الأفراد بين إسرائيل وقطاع غزة. العمادي هو رئيس ما تسميه الدوحة الهيئة القطرية لإعادة إعمار غزة, وقد جري تبرير هذا الموقف بأنه يأتي نتيجة رفض القاهرة منح المسئولين القطريين تصريحا بالمرور إلي غزة عبر أراضيها في حين أن المعبر كان مفتوحا في ذلك التوقيت ولثلاثة أيام متصلة. وبطبيعة الحال لم تذكر التصريحات القطرية أن تأخر أعمار غزة ناتج عن رفض حماس للتعاون مع السلطة الفلسطينية التي يجب أن يتم الإعمار تحت إشرافها, بسبب خشية حماس أن يتراجع نفوذها السياسي إذا تم الإشراف علي إعادة الاعمار بواسطة جهة أخري غيرها, وبالتالي فإن حماس لا تبالي أصلا بمعاناة سكان غزة, بعد أن عرضتهم للقتل والدمار خلال الحرب مع اسرائيل, وتعاملت معم كدروع بشرية تحاول أن تستعطف العالم من خلال معاناتهم. والآن تأتي قطر لكي تكرر نفس النمط, أي محاولة توظيف معاناة أهل غزة, ليس للتخفيف عنهم ولكن لمحاولة تثبيت وضع حماس السياسي في غزة, وأيضا وهذا هو الهدف الأسمي مساعدة إسرائيل في تحقيق مخططاتها واستراتيجيتها طويلة المدي. هناك أيضا هدف جانبي آخر تسعي إليه قطر, وقد أشار إليه هذا العمادي, وهو السعي إلي تكريس الصورة الزائفة التي ترددها من خلال قناة الجزيرة والمجموعات الاخوانية العاملة فيها بان القاهرة ترفض المساعدة في إعمار غزة. هذا الأمر لم يعد مهما, لأن مثل هذه الأقاويل والترهات لم تعد تعني أحدا, ولم يعد يصدقها حد, إلا بعض السذج الموتورين, أو أصحاب المصلحة مثل التنظيم الاخواني والمتعاطفين معه, إلا أن الأثر السلبي وسوء النوايا يتضح في أن قطر ويا للسخرية تقول إنها تسعي لإعادة أعمار غزة بالتعاون مع إسرائيل التي قامت بالعدوان علي غزة. ومن المعروف ان إسرائيل لن توافق علي مثل الخطوة ولا مثل هذه التحركات إن لم يكن ذلك متوافقا مع سياساتها ومصالحها. هذا التحرك أثار أيضا غضب وتخوف السلطة الفلسطينية بسبب اللقاءات القطرية مع المسئولين الإسرائيليين وكذلك الحمساويون, حيث تتخوف السلطة من الأهداف السياسية الكامنة خلف التحرك القطري, خصوصا وأن قطر وبالتزامن مع هذه التحركات تطرح مشروعا لهدنة ثنائية طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل, وإقامة مطار وميناء في غزة. وهذا يعني بشكل مباشر فصل غزة عن الضفة الغربية, وإقامة كيان مستقل في غزة بتمويل قطري, وتهميش صلاحيات السلطة والحكومة في القطاع, وإبقاء سيطرة حركة حماس علي الأرض والمعابر. وقد أعلنت حماس علي لسان بعض قيادييها أنها لا تمانع في النظر في هذا المقترح, مع محاولة تغطية ذلك بورقة من التوت حين أشارت إلي أن ذلك سيتم بالتشاور مع الكتل الفلسطينية الأخري. وهكذا فإن تحركات قطر تثبت مع كل يوم جديد أنها ليست سوي سرطان يحاول أن يتمكن من جسد المنطقة العربية لحساب أعدائها الرئيسيين وهما إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية.