ويل لكل همزة لمزة(1) الذي جمع مالا وعدده(2) يحسب أن ماله أخلده(3) سورة الهمزة تتوعد هذه الآيات صنفا من الناس, يطعنون في أعراض البشر, ويسخرون منهم , ويرون أنفسهم أعلي من غيرهم, لأنهم جمعوا المال من حرام وحرام واكتتروه, حتي ظنوا أنهم مخلدون في الدنيا, وأنهم إلي ربهم لا يرجعون. والويل: لفظ يدل علي الذم وعلي طلب العذاب والهلكة, وقيل: اسم لواد في جهنم, أي: عذاب شديد, وخزي عظيم, لكل من يطعن في أعراض الناس, ويغض من شأنهم, ويحقر أعمالهم وصفاتهم, ومن صفاته الذميمة أنه فعل ذلك بسبب أنه جمع مالا كثيرا, وأنفق الأوقات الطويلة في عدة مرات بعد أخري, حبا له وشغفا به وتوهما منه أن هذا المال الكثير هو مناط التفاضل بين الناس. والهمزة من الهمز, بمعني الطعن في أعراض الناس, ورميهم بما يؤذيهم, واللمزة من اللمز, بمعني السخرية من الغير, عن طريق الإشارة باليد أو العين أو غيرهما, ويدخل في ذلك من يحاكي الناس في أقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا منه. وقوله: الذي جمع مالا وعدده زيادة تشنيع وتقبيح للهمزة اللمزة. ومعني عدده: جعله عدته وذخيرته, وأكثر من عدة وإحصائه لحرصه عليه. وقوله تعالي: يحسب أن ماله أخلده, قال الإمام محمد عبده: أي أن الذي يحمل هذه الهمزة اللمزة علي الخط من أقدار الناس, هو جمعه المال وتعديده, فكلما نظر إلي كثرة ما عنده منه, انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة, بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه, ويظن أن ما عنده من المال, قد حفظ له حياته التي هو فيها, فهو لا يفارقها إلي حياة أخري, يعاقب فيها علي ما كسب من سيئ الأعمال.