بالنظر الي حياته كدبلوماسي في الخارجية الامريكية لمدة ثلاثين عاما, فإن كريستوفر هيل لديه القليل من الندم خلال خدمته, ويتحدث هيل خلال مذكراته عن رحلة عمله من آسيا الي أوروبا الي العراق , وفي كل صفحة يقدم لنا تجربة جديدة مر بها خلال فترة عمله, ويحاول تقديم قيمة تعليمية للآخرين ودروس من خلال تجربة عمله في الدبلوماسية الامريكية وهو في النهاية كتاب للتاريخ. كتاب( الحياة علي الخطوط الامامية للدبلوماسية الامريكية) يعرض للجهود الامريكية لانهاء اراقة الدماء في البلقان في التسعينيات, ويميل هيل الي التهويل من جهود الدبلوماسية الامريكية في البلقان حيث يقول: وصلنا الي معرفة الالبان الواحد تلو الآخر, مشيرا الي انه كان يبحث عن العلاقات وليس المعاملاتالا انهيعترف في النهاية بأنجهود الولاياتالمتحدة لاحلالالسلام في البلقان أتت بنتائج مختلطة, يتحدث هيل عن اجتماعاته مع الديكتاتور الصربي ميلوسيفيتش, كان يأخذنا في جولة الي البوسنة وكوسوفو ثم الي مؤتمر دايتون عندما انتهكت الهدنة, كما يطرح الدروس المستفادة خلال فترة عمله كسفير في الكاميرون في بدايات عمله الدبلوماسي فيما أطلق عليه مهمة إحلال السلام هناك. كما أن هيل كان أول دبلوماسي أمريكي الي مقدونيا, كما عمل دبلوماسيا في بولندا خلال فترة الحرب الباردة, كما عمل رئيس المفاوضين لنزع السلاح في كوريا الشمالية. كما أنه أخذ يذكرالقراء أن أسس الدبلوماسية الناجحة في كثير من الأحيان تترسخ في المصافحات البسيطة وإعطاء الفرص لالتقاط الصور. ويصف هيل الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة بانه جدولة للكابوس, مشيرا الي تدفق زعماء العالم وجدول الاعمال المتخم للدبلوماسيين من أجل الاجتماعات المتخمة لهؤلاء الرؤساء مع الرئيس الامريكي في فنادق مانهاتن. ويكشف هيل عن ضرورة تمتع الدبلوماسي بالمهارات والقدرة علي التكيف الثقافي في الدول التي يعملون بها, مشيرا الي أهمية الاهتمام بالمحلية من جانب أي سفارة. ويقدم هيل حكاية مثيرة للاهتمام علي وجه معقد حول الدبلوماسية العامة, مشيرا الي كيفية مواجهته لتنامي المشاعر المناهضة للولايات المتحدة من جانب الشباب الكوريين الجنوبيين, موضحا انهتحدث إليهم بلغتهم, معترفا بان ثقافة الإنترنت في كوريا الجنوبية نابضة بالحياة, وقد أسسهيلمنتديناجحا للنقاش مع الكوريين الجنوبيين علي موقع السفارة, كما اعترف بانه واجه تحديا كبيرا للتعامل مع الدبلوماسيين من كوريا الشمالية, مشيرا إلي أنهطلب منه عدم الانخراط في أي تبادل الأنخاب في المهام الرسمية التي شملت كوريا الشمالية. وقال هيل إن غضب الدبلوماسي أو حديثه بسخرية يضعف حجته مع الطرف الآخر. وذكرت صحيفة( واشنطن تايمز) الامريكية علي لسان توم روغان وهو كاتب عمود في مجلة ناشونال ريفيو وصحيفة الديلي تلجراف, والذيعرض الكتاب أخير, بالصحيفة أن هيل الذي عمل سفيرا في العراق يميل سياسيا للرئيس الامريكي باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بإنهاء التورط الامريكي في العراق بغض النظر عن الظروف السياسية علي الارض في بغداد, وكيف تركت واشنطن المجال لنمو المتطرفين, ومن ثم تغييب المصالح الامريكية. ويرسم هيل بورتريهات للرؤساء الامريكيين السابقين كلينتون وجورج دبليو بوش ونائبه ديك تشيني كما يتحدث عن وزراء الخارجية السابقين وأهمهم هيلاري كلينتون وكوندوليزا رايس وكولين باول, وينتقد هيل بشدة التدخلات العدوانية الامريكية علي دول الشرق الاوسط. يقول هيل: في عام2009 مررت بمدينة الناصرية بالعراق والتي تجاهلها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لسنوات طويلة واستطعت أن أري صورة مقتدي الصدر في الطين علي الارض من نافذة الحافلة التي كنت أستقلها في طريقي للقاء المسئولين العراقيين, الي جانب معرفة فيما يفكر المواطنون العراقيون, وكنت أفكر ماذا فعلت لنا العراق وماذا فعلنا لها. وادعي هيل ان واشنطن حررت الناصرية عام2003 وهي في طريقها الي بغداد. وأضاف قائلا إن الناصرية اغلبيتها من الشيعة, ومع ذلك كانوا يرغبون في أن نرحل في أسرع وقت ممكن. ويحكي هيل قائلا: كنت لا أريد أن يراني أحد من العراقيين خلال وجودي بالسيارة حيث كنت أتوقع أن أحدهم سيقتلني بالرصاص حيث كانت الثقة معدومة لدي في أن أمر سالما. وأضاف قائلا: علي المستوي الرسمي فإن العراقيين يرحبون بالضيوف بشكل جيد. ويقول هيل: خدمت في البلقان التي كانت الجزء الغربي الذي خضع لسنوات للحكم العثماني, وظلت الناصرية أيضا لقرون تحت الحكم العثماني. وعاد هيل ليقول: بدأت كلامي مع المسئولين العراقيين بان الولاياتالمتحدةالامريكية لديها الرغبة في علاقة طويلة الامد مع شعب العراق, وأعربت عن أملي أنهم يريدون ذلك أيضا. وقال إنه علي الرغم من أن الولاياتالمتحدة بعيدة عن العراق فان العراقيين في قلوبنا علي حد قوله, موضحا ان الحرب وقت صعب للجميع. يشبه هيل الاتفاق الاطاري الاستراتيجي مع العراق في أعقاب الغزو مثل طريقة السوفيت في الخمسينيات عندما عقدت اتفاق صداقة مع أوروبا الشرقية. ويقول هيل: لقد خدمت في بولندا خلال الثمانينات وأستطيع أن استدعي اتفاق الصداقة حيث كان هذا الاتفاق بالنسبة للشيوعيين محاولة لتذكرة العامة بان الاتحاد السوفيتي صديق وسوف يحميهم. وقال هيل: إنه سلوك سيء ان تبرم معاهدة مع دولة تقوم بغزوها. ويشير هيل إلي انه بالنسبة لامريكا كان اتفاقها في العراق يركز علي العلاقات العسكرية والمتمثل في الاتفاق الأمني, وهو اتفاق وقعته واشنطن مع دول عديدة وكانت الدول الاخري تمنع واشنطن من إقامة قواعد لقواتها علي أراضي الدول الاخري. وأوضح: ليست كل الاتفاقيات الامنية واحدة فقد كان الاتفاق الأمني مع اليابان علي سبيل المثال صعبا للغاية فهو لا يسمح للقوات الامريكية بأن تقيم حواجز ونقاط تفتيش في طوكيو أو في أي مكان آخر باليابان.