طالعت كتابا عن حياة الصحفى والشاعر والأديب كامل الشناوى رحمه الله والكتاب صدر فى حلقات مسلسلة كتبها للإذاعة الزميل العزيز الراحل سعد زغلول نصار مدير صوت العرب الأسبق والسكرتير الصحفى للرئيس الراحل أنور السادات وقدم للكتاب المحامى البارع والأديب الأبدع الأستاذ رجائى عطية الذى يقول عن نفسه إنه تلميذ لسعد وإنه تعلم منه الكثير، صحيح الأستاذ رجائى شقيق زوجة سعد ولكن الموسوعى صاحب الموهبة والاقتدار شكل الكثير من الوجدان ليس إلى الاستاذ رجائى فقط ولكن للآلاف المؤلفة من مريديه وقارئيه ومستمعى ومشاهدى برامجه ومسلسلاته الابداعية والتليفزيونية والمطالعين لشعره وترجماته وأنا واحد منهم، الأستاذ رجائى عطية كتب ليس مقدمة للكتاب ولكن بحثا عميقا عن أعمال سعد زغلول نصار وتستحق أن تكون رسالة دكتوراة عن هذه الأعمال إذ لم يترك الأستاذ رجائى صغيرة ولا كبيرة إلا وأوردها فى تقديم الكتاب مما يدل على بلائه الحسن بحثا وتنقيبا عن أعمال سعد زغلول وأدبياته ومسلسلاته وترجماته وأشعاره وسعد زغلول يستحق عن جدارة ما كتبه عنه الأستاذ رجائى فهو الموسوعى الأديب صاحب القلم الفياض الدارس لعلوم الإعلام صاحب الصوت الذهبى، عندما يقرأ نشرة الأخبار وأيضا عندما يغنى، ولعلى أول من عرف واكتشف حلاوة صوت سعد زغلول نصار ذلك أنه فى مطلع 1952أعلنت الإذاعة عن قبول دفعة جديدة من المذيعين وقدر لى أن أكون من بين مساعدى أعضاء لجنة اختيار المذيعين الجدد حيث أوكلت اللجنة إلى شخصى استدعاء المتقدمين واحدا بعد الآخر للوقوف بين يدى أعضاء اللجنة وقبل ذلك أقوم بتهدئة مشاعرهم وتهيئة نفوسهم قبل الاقدام على الامتحان وقمت بالنداء على المتقدم سعد زغلول نصار فكانت المفاجأة أن تقدم من بين الجلوس شاب طويل القامة جميل القسمات لونه أبيض مشرب بحمرة ويرتدى زى المجندين فى القوات المسلحة وقال لى إنه مجند حديث وأنه ترجى قائده من أجل أن يأخذ فسحة من الوقت عدة ساعات قليلة ليجتاز امتحان المذيعين طيبت خاطره وهدهدت اعصابه ودخلت به إلى الاستوديو واجلسته على الكرسى وقدمت له الجرائد والمجلات التى سيقرأ منها لتتعرف اللجنة على خامة صوته وقلت له كن هادئا ولا تتوتر وطمأنته أن الأسئلة تتناول المعلومات العامة وبعض الأدبيات من شعر ونثر وأخذت ارقبه وهو يؤدى الامتحان، قرأ سعد زغلول ما طلبته منه اللجنة فخرجت الكلمات من بين شفتيه سليمة نحوا وصرفا وتقطيعا وأداء ونجح سعد نجاحا باهرا وهو يلقى الشعر وأبهر اللجنة بفيض من أشعاره وتشجع وقال إنه يزعم أن صوته حسن وإنه يغنى خاصة أغانى فريد الأطرش سعدت اللجنة به وطالبته بالغناء فإذا به ينطلق مؤديا وفى صوت جميل ورخيم بعض أغنيات لفريد الأطرش وخرج سعد زغلول منتشيا فقد أيقن وأيقنت أنا معه أنه من الناجحين وبالفعل اعلنت النتيجة بعد فترة وكان سعد على رأس المقبولين وانهى سعد زغلول مدة التجنيد والتحق بالعمل فى الاذاعة، ولم تمض إلا مدة وجيزة حتى أبهرنا هذا الوافد الجديد بعطائه الاذاعى وأجادته فى قرأة نشرات الأخبار وتقديم الفقرات، وكان سعد زغلول من أول من التحقوا بصوت العرب وتضاعف ابهاره لنا نحن زملاءه بتمكنه فى اللغة العربية وأيضا تمكنه من اللغة الانجليزية ومتابعته لروائع المسرح العالمى والروايات العالمية مثلما يتابع الاصدارات الأدبية والثقافية والنقدية وترجماته لهذه الروائع. كان الابهار عندما فاجأنا بما يكتبه من مسلسلات للاذاعة وصوت العرب. لقد كان يرحمه الله يشكل نسيجا فى فهم رسالة الاذاعة والاقتدار فى أدائها وما كتبه سعد زغلول من مسلسلات للاذاعة لا تعد ولا تحصى وما قام بترجمته من الأدب العالمى والمسرح العالمى عديد ومتعدد وعندما يقرأ الإنسان مسلسله الذى كتبه عن حياة كامل الشناوى فإنه يستعرض للقارئ هذا الصحفى الشامخ وكيف نشأ وكيف أصبح نجما فى عالم الصحافة والأدب والشعر.