تأتى التطورات الأخيرة على الساحة الليبية لتكشف عن حجم التدخلات الغربية فى محاولة يائسة لإعادة الإخوان إلى الحياة السياسية بعد نجاح الجيش الليبى فى السيطرة على الجزء الشرقى من البلاد بل وإعلانه السيطرة على معبر رأس جدير الحدودى مع تونس. وقد كشف وزير فى حكومة عبدالله الثني، عن حجم هذه التدخلات بتوجيهه انتقادات حادة إلى بريطانيا وسفيرها لدى ليبيا، متهما إياه بالسعى إلى “إنقاذ” جماعة الإخوان المسلمين، وتفادى تكرار سيناريو سقوطها الذى حدث فى مصر، عبر ضمها إلى العملية السياسية. الوزير الذى رفض الكشف عن اسمه قال فى تصريح لإحدى الصحف العربية أن البريطانيين يحاولون بكل قوتهم وإمكانياتهم إنقاذ جماعة إخوان وضمان إشراكها فى المشهد السياسى الليبي، مضيفا أن هذا ما يسعى إليه السفير البريطاني فى طرابلس مايكل آرون، عبر محاولته الأخيرة إقناع مجلس النواب الليبى والحكومة “بإعادة تشكيل حكومة موسعة، مشيرا إلى إلى وجود “اختلاف بين الموقفين الأمريكي والأوروبي، وأن البريطانيين يريدون أن يتم التفاوض على أساس رفع البرلمان والحكومة الغطاء عن الجيش، مقابل وضع ما يُسمى بقوات فجر ليبيا على لائحة المنظمات الإرهابية، مع مقترح بإرسال قوات حفظ سلام تحت زعم إنضاج العملية السياسية. التطورات الأخيرة تمثلت فى قيام قوات فجر ليبيا وقوات مصراتة بهجوم مكثف للسيطرة على ما يسمى بالهلال النفطي التى تضم ميناءي رأس لانوف والسدرة والذى يصدر 400 ألف برميل يوميا، ثم سرت وزواره والتى تمكن الجيش الليبى من صدها، استبقها ما نقلته وكالة رويترز فى 8 ديسمبر الجارى نقلا عن مسئولين أمريكيين كبار لم تكشف عن أسمائهم اتهامهم لمصر والإمارات وقطر تحديدا بالسعى نحو تأجيج القتال وليس المصالحة مع أن مصر ودول الجوار الليبى خاضت لقاءات عدة سعيا نحو اتفاق الأطراف الليبية على الاعتراف بشرعية مجلس النواب المنتخب وحكومة عبدالله الثنى المعترف بها دوليا. واستبق ذلك الهجوم أيضًا الإعلان بشكل مفاجئ عن تأجيل الحوار برعاية برناندينو ليون مبعوث الأممالمتحدة ليبيا بعد لقائه بنورى أبوسهمين رئيس المؤتمر الوطنى العام (البرلمان الليبى المنتهية ولايته والذى يسيطر عليه الإخوان) إلى الأسبوع الجارى والذى تزامن معه دعوات الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبى للتلميح بفرض عقوبات على من يعرقل الحوار، لذلك جاء هجوم قوات فجر ليبيا على منطقة الهلال النفطى لفرض حقائق على الأرض تمكنها من المفاوضات من خلال السيطرة على هذه المنطقة أو التنازع حولها أو على الأقل شل يد حكومة الثنى والبرلمان المنتخب عن الاستفادة من عوائد بيع بترول هذه المنطقة. ومما يؤكد هذا المعنى ما نشرته وسائل الإعلام الليبى وعدد من وكالات الأنباء وهو أن حكومة الثنى اتخذت خطوات جادة تمثلت فى إنشاء مقر جديد للحكومة وفتح حسابات بنكية جديدة لتلقى عوائد البترول بعيدًا عن المصرف المركزى الليبى المحدودة حركته لسيطرة قوات فجر ليبيا عليه فى طرابلس. العامل الثانى الذى عجل بهجوم قوات فجر ليبيا الفاشل هو إعلان المصرف المركز الليبى عن تناقص موازنة الدولة بمقدار الثلثين، من 45 مليار دولار العام الماضى إلى 15 مليار دولار العام الحالي، ومما لا شك فيه هو أن مصدر الدخل الوحيد ليبيا هو عائدات البترول وبالتالى فإن هجوم قوات فجر ليبيا فى هذا التوقيت هدف إلى إنجاح الغرب فى محاولاته لإعادة الإخوان المسلمين إلى الحياة السياسية.