هي حرب استنزاف ضد المواطن, تسلبه بقايا العافية, تنهب منه بقايا ثروته, تتركه عظاما وديونا, هي باختصار حرب العلاج, ترددت علي المستشفيات أكثر من مرة خلال الأيام الأخيرة, أزور بعض الزملاء, وأقف الي جوار بعض الأصدقاء, وأسعي في مصالح بعض الأقارب طبعا, شيء عادي أن يكون نزلاء المستشفيات من أصحاب الوجع والألم. لكن, غير العادي, هو نوعية الأمراض, وأثرها المدمر علي صحة الناس, وارتفاع تكاليف العلاج بما يفوق قدرة أي مواطن, أضف الي ذلك, أن السادة الأطباء لا يمدون أيديهم الي جسد المريض, الطب اليدوي انتهي, يد الطبيب لا تعمل أبدا, إلا أن تكتب للمريض قائمة طويلة من التحاليل والاختبارات والأشعات, كلها مكلفة جدا, وبعضها في مكان وبعضها الآخر في مكان أبعد من الأول, يعني رحلة من العذاب حتي يحصل المريض علي التحاليل, يعود بها الي الطبيب, ليفاجأ بأن رد فعل الطبيب عادي جدا, كأن شيئا لم يحدث, كأن المريض لم يخسر فلوسه, كأن المريض يفعل ذلك من باب السياحة والنزهة والنقاهة, يجلس المريض ينتظر من الطبيب كلمة رحمة, كلمة مواساة, كلمة من أي نوع, لسان الطبيب أصبح مثل يده, لا يعمل, لا يتحرك, هذا المريض لا يستحق أن يتحرك هذا اللسان لأجله, في صمت يكتب الروشتة لتبدأ الموجة الثانية من الخراب والعذاب.. بعد التحاليل وأجرة الكشف الذي لا يكشف شيئا.. علي باب العيادة, موظف, أو موظفة, من النوع البارد, يأخذ منك الفلوس, ويسجل اسمك في كشكول رديء جدا أو كراسة أكثر رداءة أو في أجندة كئيبة المنظر طبعا لا يوجد دفتر, ولا فاتورة, فقط توجد بالوعة تبلع كل ما في جيب المريض الذي يستدين ليعطي الطبيب.