فوجئت قطر بالموافقة المصرية السريعة علي مبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله, ويبدو أنها استبعدت موافقة مصر من الأساس, فهي تدرك كم تطاولت وسعت لإيذاء مصر شعبا وحكومة وجيشا, من خلال مساعدة جماعة الإخوان, ليكونوا بمثابة جيشها, لتحقيق حلم إنشاء خلافة يتقاسم حكمها عشيرة آل ثاني مع أردوغان, بأدوات جماعة الإخوان. تعتبر قطر ثورة30 يونيو زلزالا هدم أحلام حكامها, التي اعتقدوا أنها علي وشك التحقق, ومازالت تسعي بكل قوة أموالها لأن تعيد جماعة الإخوان الإرهابية إلي الحكم. كانت قطر قد شاركت في لقاء القمة الخليجي في الرياض مؤخرا, والذي علي أثره, أعلن الملك عبد الله عن مبادرته, ولم يكن أمام قطر خيار آخر سوي القبول بها, وإلا أصبحت منبوذة من جميع دول مجلس التعاون الخليجي, وتمنت قطر أو توقعت الرفض المصري, علي أساس أن لمصر ثأرا لدي قطر, فهي من يدعم الإرهاب, ويقدم كل أشكال الدعم لجماعة الإخوان, وأبواقها تسيء لمصر ليل نهار, بينما آثرت القيادة المصرية أن تصمت, ليس من باب الخوف بالطبع, فلا يمكن مقارنة حجم وقوة مصر بتلك الدويلة, ولكن من باب الترفع عن مخاصمة الصغار, مثلما رفض الأسد مصارعة فأر تحداه, وقال إذا قتلته فسيقولون إن الأسد قتل فأرا صغيرا مسكينا, وقتله ليس بطولة. لكن لماذا وافقت القيادة المصرية بسرعة علي المبادرة السعودية؟ كان الرفض سيمنح قطر المبرر للمضي في سياستها الرعناء, وأن تتخلص من عقوبات دول مجلس التعاون الخليجي, والتي بدأت بسحب سفرائها من الدوحة, بل قد تتمادي في إلقاء قاذوراتها علينا, من الدواعش إلي غيرها من جماعات الضلال, فجاءت الموافقة المصرية لتضعها في مأزق, لتواجه غضب جميع دول الخليج ومصر معا, وهو ما ظهر في تباطؤ قطر في الرد بالمثل علي الموافقة المصرية, واستمرت في هجومها الإعلامي علي مصر, وطالبت بالإفراج عن عدد من الإعلاميين العاملين بقناة الجزيرة, وهو ما أعلنت القيادة المصرية, وبسرعة أيضا أنها مستعدة لدراسة الأمر, لوضع حد لأي حجة قطرية لإجهاض المبادرة. ما هي مكاسب كل من مصر وقطر من المبادرة؟ لا يمكن مقارنة المكاسب المصرية, بما ستكسبه قطر, فمصر ستوقف أهم قنوات تمويل الإرهاب, وكل أشكال الدعم السياسي والإعلامي الذي توفره قطر لجماعة الإخوان الإرهابية, وباقي فصائل الإرهاب, وستكون دول الخليج هي الضامن والشريك في إلزام قطر بهذا الموقف, وإلا تعرضت لعقوبات أشد, وتضع حكامها ومستقبلهم في مهب الريح, إذا ما تم رفع الغطاء الخليجي عن قطر, وضغطوا علي أمريكا لتوقف دعمها لحكام قطر. هذا هو المأزق الذي يواجهه حكام قطر, فهم أمام خيارين أحلاهما مر, إما التخلي عن الجماعات الإرهابية, أو مواجهة غضبة جماعية من دول الخليج ومصر. وهكذا تمكنت الدبلوماسية المصرية من تحقيق هدف استراتيجي, ومحاصرة قطر والإخوان بأقل الأثمان.