في مفاجأة لم تتوقعها أوساط مدنية قريبة من هيئة الاركان التركية رفضت المحكمة الادارية العسكرية العليا طلب جنرالات تم إقصائهم عنوة من مناصبهم الثلاثة واعتبرت المحكمة قرار وزيري العدل والدفاع بعزل العسكريين الثلاث تم وفق صحيح القانون, وكان المبعدون نفوا أن يكون لهم أي دور في مزاعم التخطيط للانقلاب ضد الحكومة في القضية المعروفة باسم المطرقة مستشهدين في ذلك بقرار ترقيتهم من قبل رئيس الاركان السابق الجنرال اليكار باشبوغ غير أن النيابة ردت وقالت أن هذه الترقيات تم إبطالها نظرا لأن رئيس الحكومة رفض التوقيع عليها وبالتالي تصبح وكأن لم يكن من هنا اكد محللون سياسيون أن خطوة المحكمة التي كان يعول الجنرالات الثلاث الكثير ستضعف من وقفهم حيال التهم المنسوبة إليهم مع بدء الجلسة الاولي لمحاكمة المتهمين بقضية المطرقة خلال الاسبوع القادم. إذن ثمة نصر احرزته الحكومة في مساعيها التي لا تهدأ في سياق سياستها الرامية إلي تهميش الدور السياسي للمؤسسة العسكرية وبطبيعة الحال هناك خطوات أخري تصب في نفس الاتجاه الفارق أن نجاحها الأخير والذي تمثل في تأكيد قرارها بإبعاد بعض الجنرالات سيسرع من وتيرة خطاها, فبعد الانباء التي ترددت بصدد خطط حكومية لإعادة هيكلة بنية هيئة الاركان لتصبح خاضعة بشكل كامل لوزير الدفاع, ذكرت شبكة خبر تورك الإخبارية ذائعة الانتشار أن القائمون علي العدالة والتنمية الحاكم يعكفون الآن علي إعداد مشروع قانون يهدف إلي إحداث تغيير في بنية مجلس الشوري العسكري, هذا المجلس المنوط له رسم السياسة العسكرية بالبلاد, ويأتي في مقدمة التعديلات المقترحة طبيعة القرارات الحساسة التي يصدرها هذا المجلس الشوري بحيث تصبح إستشارية في شكل توصيات تأخذ بها الحكومة أو لا تاخذ بها علي ألا تخرج في صورة توجيهات علي السلطة التنفيذية إعمالها وهو ما حدث في الماضي ولازال. وتسعي الحكومة ألا يتكرر هذا التجاذب والذي حدث مع هيئة الاركان أبان الاجتماع الدوري لمجلس الشوري في أغسطس الماضي, صحيح خرجت منه ظافرة منتصرة إلا أنها لا تريد أن يعاد السيناريو ذاته, وحتي يتم لها ذلك فقد أدرجت في البنود المزمع طرحها علي البرلمان في دورته القادمة ألا يقتصر اجتماع الشوري الذي يتم مرتين في السنة, علي رئاسة الاركان وقادة القوات المسلحة ورئيس الوزراء ووزير الدفاع فقط وأنما يضم أيضا وزير الداخلية ومساعدين لرئيس الحكومة وبهذا الشكل ستكون اعداد المشتركين متساوية من المدنيين والعسكريين مع العلم ان البنية الحالية للاجتماع تتضمن اشتراك15 جنرال ورئيس الوزراء ووزير الدفاع, وتتضمن مسودة مشروع القانون ايضا ان يتولي رئيس الوزراء ورئيس الاركان تحديد برنامج الاجتماع وبحال عدم تمكن مشاركة رئيس الوزراء بالاجتماع فمن الضروري ان يتولي أحد نوابه هذه المهمة مع العلم ان الوضع الحالي لبنية الاجتماع تتضمن ان يتولي رئيس الاركان رئاسة الاجتماع في حال تعذر حضور رئيس الحكومة, وتقترح الصيغة التمهيدية والتي سردتها الشبكة الإخبارية ان يقترب الشكل النهائي لاجتماع مجلس الشوري العسكري من نظيره المعنون بأسم مجلس الامن القومي والذي كان يدير البلاد عمليا منذ إنقلاب1980 وحتي مستهل الألفية الثالثة, وكانت الحكومة قد سبق لها واعادت هيكلة الأخير بجعله مدنيا تماما وورغم أن القرارات كانت دائما تصدر في صورة توصيات إلا أنها كانت من الناحية العملية أوامر تنفيذية ملزمة للحكومة. كذلك تولي المسودة أهمية في أن يكون اعداد المدنيين متساويا مع العسكريين في اجتماع مجلس الشوري العسكري(5+5) رئيس الاركان واربعة من قادة قواته المسلحة+ رئيس الوزراء+ مساعدين لرئيس الوزراء+ وزير الدفاع+ وزير الداخلية). المراقبون بدورهم يؤكدون علي أهمية التعديلات في سياق التوافق مع المعايير الأوروبية الديمقراطية في هذا الشأن, يؤيدهم في ذلك كتاب ومفكرين ومثقفين إلا أن هؤلاء جميعا, لم ينسوا أيضا أن يلفتوا النظر إلي وجود نوازع اردوغانية إنتقامية عكس المعلن وإحكام السيطرة علي قرارات العسكريين خاصة تلك المتعلقة بالترقية والابعاد. الأكثر إثارة أن القائمين علي الباشباكللنك مقر مجلس الوزراء وهم يعدون مشروع القانون السالف الإشارة إلي بعض جوانبه أصبح لديهم يقين لا يدانيه شك في أنهم سيشكلون الحكومة القادمة.