يعول كثير من المصريين اليوم, علي المجلس الاستشاري الجديد, الذي أصدر الرئيس السيسي قرارا جمهوريا بتشكيله مطلع الأسبوع الماضي, ويضم61 من خيرة علماء وخبراء مصر في العديد من بلدان العالم, باعتباره بوابة الخروج من سلسلة الأزمات التي تواجهها البلاد منذ عقود, والتي بلغت ذروتها خلال السنوات الأخيرة التي استبقت ثورة يناير من العام.1102 ويري كثيرون أن المجلس الجديد بتشكيلته التي تضم قامات علمية وتنفيذية كبري, قادرة إذا ما توافرت لها أسباب القوة, علي التعاطي بالجدية والفعالية المطلوبة مع العديد من الملفات العاجلة, التي تحتاجها مصر خلال السنوات الخمس المقبلة, وفي مقدمتها التنمية في مجالات المياه والطاقة والتعليم. يختلف المجلس الجديد, مع مجلسين سابقين تم تشكيلهما علي مدار الثلاث سنوات الماضية التي أعقبت الثورة وكان أولهما المجلس الاستشاري الذي تأسس في ديسمبر من العام1102, برئاسة منصور حسن, وقد كانت المهمة الرئيسية لهذا المجلس الذي ضم03 من السياسيين الذين يمثلون مختلف القوي السياسية في مصر, ينحصر في إبداء الرأي والمشورة للمجلس العسكري, ووضع جدول زمني لانتقال السلطة في البلاد ينتهي بانتخاب رئيس للجمهورية, بعد وضع الدستور. عقب وصول جماعة الإخوان إلي الحكم, قرر الرئيس الأسبق محمد مرسي تشكيل مجلس استشاري جديد, لم يلق قبولا لدي الرأي العام, إذ بدا لافتا فيه سيطرة فصيل بعينه, حيث ضم المجلس71 عضوا, من بينهم01 أعضاء ينتمون لتيار الإسلام السياسي, لكن هذا المجلس لم يصمد طويلا,اذ سرعان ما توالت الاستقالات علي نحو علني, احتجاجا علي سياسات جماعة الإخوان, وقرارات الرئيس المعزول, وقد بلغت الازمة ذروتها بسلسلة الاستقالات الجماعية التي تقدم بها ممثلو القوي المدنية, عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في22 نوفمبر من2102 ربما تكفي قراءة سريعة للسيرة الذاتية لعدد من أبرز علماء المجلس الاستشاري الجديد, للدلالة علي أهميته وقدرته إذا ما منح من أسباب القوة, علي العبور بالبلاد إلي المستقبل, في غضون سنوات قليلة, حيث يضم المجلس في عضويته61 عالما وخبيرا مصريا يشار لهم بالبنان علي المستوي الدولي, يتقدمهم صاحب نوبل الدكتور أحمد زويل, إلي جانب الخبير في وكالة ناسا لعلوم الفضاء, الدكتور فاروق الباز, وجراح القلب العالمي السير مجدي يعقوب, إلي جانب رائد زراعة الكلي في الشرق الأوسط الدكتور محمد غنيم. وتضم قائمة المجلس الاستشاري الجديد, عددا من أنبغ العقول المصرية المهاجرة, يتقدمهم المهندس هاني عازر, الحاصل علي وسام الجمهورية الألمانية, وهو الرجل الذي أبهر الألمان, عندما استطاع أن يقدم حلا علميا, لمشروع تطوير محطات سكك حديد برلين, بعدما فشل المهندسون الألمان في مواجهة مشاكل التربة علي مدي سبع سنوات, وقد فاجأ عازر العالم, بعد تسلمه قيادة المشروع في العام1002 بتحويل مجري نهر سبراي الذي يخترق قلب برلين, ليحفر أسفله شبكة من الأنفاق لحماية المحطة, قبل أن يعيد النهر لمجراه, من دون أن تتأثر حركه النقل. كما يضم المجلس الدكتور علي فرماوي, وهو أحد الخبراء البارزين في مجال تكنولوجيا المعلومات, وهو يشغل حاليا موقع نائب الرئيس لشركةMicrosoft العالمية, إلي جانب الدكتور محمد العريان, وهو أحد الكفاءات المصرية التي نالت اهتماما دوليا كبيرا, وحصدت مكانة مرموقة في مجال المال والاقتصاد, حيث شغل منصب الرئيس التنفيذي في مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية التي تعتبر من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم, وتدير أصولا تزيد قيتها علي0011 مليار دولار أمريكي. وقد عمل الدكتور العريان لمدة51 عاما لدي صندوق النقد الدولي في واشنطن, قبل أن يقرر التحول للعمل في القطاع الخاص, حيث عمل مديرا تنفيذيا في سالمون سميث بارني التابعة لسيتي جروب في لندن, وفي عام9991 انضم إلي مؤسسة بيمكو الاستثمارية العالمية, قبل أن يختاره الرئيس الأمريكي أوباما رئيسا لمجلس الرئيس للتنمية العالمية, في ديسمبر من العام2102 ويوكل له مهمة تقوية دعائم الاقتصاد الأمريكي. يتبع المجلس الجديد حسبما ينص القرار الجمهوري, الرئيس مباشرة, ويختص بتقديم الاستشارات العلمية والفنية للرئيس في جميع المجالات, فضلا عن تقديم المقترحات اللازمة للارتقاء بمنظومة التعليم والبحث العلمي, واقتراح مخططات المشروعات القومية الكبري, والسياسات المستقبلية لكل قطاعات الدولة علي أسس علمية, إلي جانب متابعة أحدث ما وصلت إليه العلوم الحديثة, في مجالات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي, وإمكانية الاستفادة منها علي مستوي مؤسسات الدولة, ويعرض المنسق العام للمجلس تقريرا كل ستة أشهر علي الرئيس, يتضمن نتائج أعماله والتوصيات والمقترحات الصادرة عنه, وهو ما يؤشر لأدوار كبيرة في انتظاره, ربما يكون من أهمها صناعة الأمل لمصر, تلك الصناعة التي تحتاجها البلاد اليوم اكثر من أي وقت مضي, لأنها ببساطة القاطرة التي سوف تجرها للأمام, وتضعها علي طريق المستقبل, بعد عقود من الانهيار. [email protected]